علي الرغم من الاتهامات التي واجهت فيلم «الكبار» الذي يعرض حاليا بدور العرض بأنه ضعيف المستوي فإن الفنان خالد الصاوي نجح في خطف الأضواء من بطلي الفيلم عمرو سعد وزينة.. الصاوي قدم شخصية «الحاج» وهو رجل شرير فاسد يملك مؤسسة تتخصص في كل الأعمال غير الشرعية ولكنه علي الرغم من ذلك يتمتع بخفه ظل قدمها باحتراف مما جعله عنصر الإبهار الوحيد في هذا العمل. التقينا الصاوي لنعرف منه سر قبوله هذه التجربة وأيضا رأيه في كثير من الأمور خلال سطور هذا الحوار.. في البداية ما الذي جذبك في شخصية «الحاج» التي قدمتها في فيلم «الكبار» وبخاصة أنها لا تختلف كثيرا عن عشرات الشخصيات الشريرة التي قدمتها من قبل؟ - هناك أمور كثيرة أضعها في الحسبان عند اختيار أي عمل وهذه الأمور لا تقل أهمية عن اهتمامي بالدور الذي أقدمه وفي هذا الفيلم أعجبت بالسيناريو الذي كتبه بشير الديك بجانب القضايا التي تناقشها الأحداث إضافة إلي أن التجربة لمخرج شاب وأنا أحب هذه التجارب بقدر لا يقل عن حبي للتجارب مع المخرجين الكبار كما أن شخصية «الحاج» علي الرغم من أنها شريرة هي مختلفة عن أدواري السابقة لأنني مقتنع بأن لكل شخصية ملامحها المختلفة ولا يوجد من هو شرير بشكل مطلق كما لا يوجد من هو طيب علي الإطلاق. ولكن بعض الجمهور لم يقتنع بالمشهد الذي قتل فيه عمرو سعد «الحاج» حيث توقع الجميع العكس؟ - بالفعل هذا كان مقصودا لتصل رسالة الفيلم التي تقول إننا إذا كنا سنعيش في دولة الناس فيها فوق القانون فسوف يأخذ هؤلاء الناس حقوقهم بأياديهم ولن ينتظروا القانون. ولماذا يعفو هذا الرجل الفاسد صاحب النفوذ عن محامٍ صغير ويكتفي بتوبيخه علي الرغم من تهديده بالقتل؟ - ليس بالضرورة لأنه رجل صاحب نفوذ وسلطان أن يكون القتل هو أسهل الطرق لديه، فردود الأفعال في الغالب تكون نسبية ومختلفة من شخص لآخر وقد يكون هذا الرجل المتسلط اتخذ القرار بالسخرية من هذا المحامي فقط كنوع من الاحتقار لأنه لا يجد منه ضرراً ولا نفعاً وقد يكون لحسن حظه أن مزاج هذا الرجل كان جيداً لأنه هذا اليوم كان يحتفل بعيد ميلاده. هل تري أن هذا الفيلم تجسيد للواقع أم يحمل نظرة تشاؤمية كما يراه البعض؟ - في الحقيقة هو يحمل نظرة تحذيرية وليست تشاؤمية تماما لأنني لم أقدم خلال الفيلم خمسة نماذج مثلا عندما يقبل أي واحد منهم علي أي مشروع يكون مصيره الفشل وحتي من يقرر الهجرة يتعرض للغرق وهكذا بمعني آخر لم نقدم «ظلاماً» لأن الموضوع هنا مختلف حيث قدمنا نماذج قليلة لثلاثة أبطال واحد منهم يقع في حيرة بين الطريق الصحيح والخطأ ويجسده عمرو سعد وواحد يسير «صح» دائماً وهو الضابط محمود عبدالمغني والثالث شكله حلو ودمه خفيف ولكنه فاسد وهو يمثل العدو الحقيقي لكل الناس ومن بينهم الفقراء. ولكن نهاية الأحداث لم تنصف أحداً بمعني أنه لم يخرج أحد كسبان فما الهدف من ذلك؟ - بالفعل لم يكسب أحد فالضابط المخلص تم عزله وإبعاده عن القضية ورجل الأعمال الفاسد تم قتله والبطل يتعرض لحكم الإعدام وهذا كله نتيجة الفوضي التي سيطرت علي كل الموازين وهنا نقول إن هذا مصير الجميع عندما يغيب دور القانون في دولة القانون. وهل تري أننا دخلنا في مرحلة الفوضي التي صورها فيلمك؟ - بدأنا فوضي مرورية وفوضي الإسكان والرشوة ونحذر من خلال الأحداث والنماذج التي قدمها الفيلم من الانحدار لمستوي أكبر من الفوضي لذلك نريد أن ننقذ البلد ونشكل جبهة إنقاذ قبل الدخول في المستوي الثاني من الفوضي. ما وجهة النظر التي أردتم توصيلها من خلال الأحداث وبخاصة في أزمة «القضاة والمحامين»؟ - علي الرغم من أنني خريج كلية الحقوق فإن هناك تفاصيل لم تصلني بعد في حقيقة هذه الأزمة ولكن في النهاية أريد توصيل رسالة عاجلة وهي أن أبناء الأسرة القانونية الواحدة لا يصح أن تصل العلاقة بينهم لهذا الوضع. ولكن ما يحدث هو نتيجة الفوضي الحاصلة والحل الوحيد هو إعلاء دولة القانون. ظروف عرض الفيلم كانت صعبة في ظل المنافسة وكأس العالم واقتراب شهر رمضان إلي أي مدي أثر ذلك علي الإيرادات؟ - للأسف كأس العالم هو الحدث الأكثر جذبًا لنا جميعًا وكذلك شهر رمضان علي الأبواب ولكن المشكلة التي وقعت فيها كل الأفلام المعروضة هي الالتزام بالمواسم السينمائية وهذا يدمر الصناعة، فلماذا لا يكون الموسم 365 يوماً؟ فما المشكلة في أن نعرض الأفلام وقت الامتحانات؟ كما أنني ضد إغلاق السينمات في رمضان ويجب أن نفتح دور العرض وتحقيق أي إيراد مهما كان ضعيفًا أفضل من عدمه أيضًا نحن في حاجة إلي سينمات في كل حي وكل قرية فلكي ينمو هذا البلد لابد من بناء مسارح ونواد وسينمات في كل مكان ولا سيما المناطق العشوائية. سبق وطالبت أكثر من مرة ببناء مستشفيات ومدارس أهم من دور العرض والمسارح. - هذا ليس صحيحًا، لأنني أقول إنه ممكن نقوم بتطوير هذا البلد من خلال مهنتي ومن الطبيعي أن يقول المدرس رأياً آخر وكذلك المهندس وبالفعل هي منظومة متكاملة ولكن المسرح والسينما لا يقلان أهمية عن المستشفي والمدرسة ومن يقول السينما أهم أم المستشفي؟ يكون «رجل أهبل» لأن السينما تعالج الناس كما تعالجهم المستشفي ومن خلال ممارسة الشباب لأنظمة حقيقية من خلال مراكز شباب مؤهلة سوف يقل العنف والبلطجة ولا يجب أن نكتفي بمشروع القراءة للجميع بل يجب أن تكون السينما والمسرح للجميع. وأن نوفر لهذه المشاريع ميزانية من الضرائب ومن هنا أدعو الدولة لزيادة الضرائب علي الأغنياء لتنفيذ كل المشاريع المؤجلة. هناك انتقاد يوجه دائمًا لمجتمعنا بأنه لا يكرم سوي الفنانين ولاعبي كرة القدم؟ - أنا لا أحب هذا التطرف في التفكير، ولماذا يطالبوننا بأن نهتم بشيء أو نهجره فالفرنسيون والألمان علي سبيل المثال يهتمون بكل الأشياء وفي وقت واحد، هؤلاء البشر يحترمون كل شيء وهذا يذكرني بالذين يهاجمون جمعيات الرفق بالحيوان والمهتمين بها ويقولون علينا الاهتمام بالناس أولاً ثم نفكر في الحيوان، وهذا غير حقيقي لأننا إذا لم نهتم بالحيوان فلن نجيد التعامل مع الإنسان. ولكن عندما أتحدث عن الفن أذكر النماذج التي تستحق التكريم مثل أم كلثوم والسنباطي وسيد درويش وسعاد حسني وفي كرة القدم أبو تريكة وأحمد حسن والناس الذين رفعوا اسم مصر في بطولة أفريقيا وكذلك في العلم جمال حمدان وعبدالوهاب المسيري وآخرون، يجب أن نهتم بالفن بالدرجة التي تحمي الفن والمجتمع في نفس الوقت.