لم يكن فشل جماعة الإخوان المحظورة قانونا في جمع التوقيعات "الكترونيا"علي بيان التغيير، سوي احد مظاهر الخلل الواضح في حركة التنظيم، ما دفع القيادة إلي اعتماد وسيلة جديدة لجمع التوقيعات من خلال الاستمارات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضياع ملامح الصورة المبالغ فيها التي رسمتها الجماعة لنفسها علي الساحة السياسية وأمام بعض القوي الإقليمية والدولية. وجدت القيادة في الوسيلة الجديدة ما يرد علي التبريرات التي تم تصديرها لها من داخل التنظيم بأن عناصر الجماعة لا تقتنع بالوسائل الالكترونية ولا تعرف سوي التعليمات التي ترد اليهم من مسئوليهم المباشرين، كما وجدت فيها وسيلة مناسبة لقياس قدرة الجماعة الفعلية وبطريقة موثقة علي حشد المواطنين في أي فعالية. أضاف التخبط الذي وقعت فيه قيادات المحظورة، بعدا جديدا للأزمة التي تعانيها الجماعة منذ سيطرة فريق القطبيين علي منصب المرشد وتشكيل مكتب الإرشاد، في مطلع العام الجاري(9 يناير)، والتي تحاول رموز هذا التيار التكتم عليها وإخفاء مظاهرها عن الجميع بوسائل متنوعة، فآثار الانقلاب الداخلي الذي جري كانت أعمق كثيرا مما ظهر في وسائل الإعلام. القطبيون لم يعترفوا بالفراغ التنظيمي الذي حدث باستبعاد عدد من القيادات التي تتمتع بقدر من الحنكة السياسية، وجنوح قطاعات كبيرة من أتباعهم داخل التنظيم إلي "التجميد الطوعي"، وظنوا أن الجماعة اكبر من أي فرد وان الكوادر الجديدة قادرة علي إدارة الأمور، فجاء درس التجديد النصفي لمجلس الشوري بخروج الجماعة من المعركة خالية الوفاض، ولكن القيادات كابرت وقالت إن التزوير وحده كان سببا في عدم حصولهم علي أي من المقاعد، وتجاهلت أسبابا كثيرة ساعدت علي الوصول إلي هذه النتيجة ومنها ضعف الحماس لدي العناصر وعدم وجود رؤية لإدارة الموقف من جانب القيادة. قررت القيادة الجديدة دخول الاختبار السياسي الثاني عقب انتهاء معركة الشوري مباشرة، فبادرت إلي لقاء محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووعدته بالتحرك المشترك من اجل التغيير وجمع التوقيعات علي بيان المطالب السبعة ليتخذه خطوة أولي لتحرك ابعد، لكن سرعان ما تداركت حجم الخطأ الذي وقعت فيه برمي نفسها في حضن شخص ليس هناك ما يؤكد ترشحه، والأدهي ان يكون ذلك قبل عام ونصف العام من الانتخابات الرئاسية وما يسبقها من انتخابات برلمانية، فكان أن قالت القيادة ان جمعها للتوقيعات يأتي في إطار الجمعية الوطنية وليس له علاقة بالبرادعي. وجدت القيادة نفسها في مأزق جديد فالبرادعي كان صاحب فكرة التوقيعات باعتبارها وسيلة للتأكد من شعبيته ورغبة المواطنين في التغيير الذي سيقودهم إليه، لذلك لم يستطع النائب محمد سعد الكتاتني عضو مكتب الإرشاد الإجابة علي سؤال روزاليوسف حول قيمة التوقيعات حال جمع مليون أو اثنين منها والكيفية التي يمكن توظيفها فيها وقال ان هذا ما سيتم بحثه خلال اجتماعات الجمعية الوطنية لاحقا. أبرز ما يكشفه الأمر هو غياب الرؤية الواضحة عن قيادة الجماعة في ادارة الموقف منذ بدايته، وتعاملها معه بمنطق القطعة دون تخطيط كاف، وجاء الخلاف الذي وقع بين قيادات الجمعية الوطنية للتغيير وكوادر إخوان الإسكندرية علي خلفية إعلان "الإخوة" تأجيل المؤتمر المتفق عليه للحديث حول التوقيعات علي بيان التغيير بدعوي افساح المجال للمظاهرة الاحتجاجية علي مقتل خالد سعيد، ليشير إلي طريقة جديدة ربما رأتها الجماعة انسب للخروج من مأزق التوقيعات.