يحفل المونديال العالمي لكرة القدم بالكثير من الأمور التي تستحق الانتباه، بعيون سياسية أكثر منها عيون رياضية، فما شهدناه حتي الآن في الجولة الأولي ومنتصف الثانية من مباريات المجموعات، يشير إلي أن قوي كروية جديدة تتجه لحمل الراية في أوروبا علي حساب القوي القديمة والمسيطرة. وفي حين حجزت الأرجنتين التي تنتمي لأمريكا اللاتينية مقعدها في الدور الثاني من مباراتين، تبدو الأروجواي والمكسيك نظريا وقد تأهلتا لهذا الدور، إذ يكفيهما التعادل لإقصاء فرنساوجنوب أفريقيا، لكن الملاحظة الأهم أنه حتي الآن لم تتأهل أي فرقة أوروبية للدور التالي. ونظريا أيضا تبدو فرنسا وصيف بطل العالم، في طريقها للخروج المبكر كما فعلت عام 2002 حينما خرجت من الدور الأول رغم أنها وصلت إلي البطولة وهي حامل اللقب. بينما منيت ألمانيا بخسارة من صربيا، وخسرت إسبانيا أمام سويسرا، وتعادلت البرتغال بشق الأنفس مع كوت ديفوار في مباراة متكافئة، وتحتاج إنجلترا للفوز علي سلوفينيا بعد تعادلين مخيبين أمام الولاياتالمتحدةوالجزائر، أو اللحاق بفرنسا من الدور الأول. صربيا إحدي القوي الكروية الأوروبية عادت من بعيد، بحثا عن المجد الكروي، بعد سنوات من الحروب والعقوبات، وتجاوزت هزيمة الافتتاح بالفوز علي ألمانيا التي بهرت العالم في عرض أول وفازت برباعية نظيفة علي أستراليا. ومن نفس المعسكر تأتي سلوفينيا التي تعتبر صاحبة أكبر المفاجآت حتي الآن، ففي حين تصور البعض أنها أضعف فرق المجموعة، فإنها قلبت التوقعات وفازت علي الجزائر في مباراتها الأولي وكانت قاب قوسين أو أدني من الفوز علي أمريكا التي استعادت قوتها في الشوط الثاني، وحولت التأخر بهدفين إلي تعادل. سلوفينيا هي إحدي جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي السابق، وقد أعلنت استقلالها في 25 مايو 1991 ولا يزيد عدد سكانها علي مليوني شخص حسب معطيات عام 2009 وقد انضمت للاتحاد الأوروبي عام 2004 وحسب موسوعة ويكيبيديا فإن متوسط دخل الفرد بها حوالي 29 ألف دولار . وإذا واصلت سلوفينيا وصربيا وسويسرا واليونان الصعود في جنوب أفريقيا، وتراجعت فرنسا وانجلترا وإسبانيا وهولندا وألمانيا فإن هذا يعني أننا أمام قوي أوروبية ترسم تاريخا مختلفا، قد يعني صعود قوي كروية جديدة في القارة.. قد تغير شكل الخارطة الكروية الأوروبية التقليدية التي نعرفها، لكن كل هذه التوقعات تظل مرهونة بنصف الجولة الثانية، والجولة الثالثة التي ستحدد فرسان دور الستة عشر في هذا المونديال الغريب والعجيب جدا.