أجهض المونديال ال 17 للشباب لكرة القدم الذي تستضيفه مصر حاليا أحلام الولاياتالمتحدة في التحول لقوة كروية عظمي وبات يشكل علامة جديدة علي التحديات التي تعترض الحلم الكروي "للعم سام" والجهود الحثيثة التي يبذلها لتحقيق هذا الحلم بعد أن ودع المنتخب الامريكي البطولة العالمية الشبابية مبكرا وعجز عن الصعود لدور ال 16. ومنذ منتصف السبعينيات في القرن العشرين - كان من الطريف أن يقول هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية حينئذ أن العالم لن يعترف بالولاياتالمتحدة كقوة عظمي الا عندما تكون الأولي في مجال كرة القدم كما يعرفها العالم وليس كما يعرفها الأمريكيون. ومع أن كرة القدم ليست اللعبة الأكثر شعبية في الولاياتالمتحدة فان تاريخها طويل نسبيا حيث جاء بها الانجليز "للعالم الجديد" بعد وقت قصير من وضع قواعد اللعبة في انجلترا فيما يعد اتحاد كرة القدم الامريكي الذي أسس عام 1884 ثاني أقدم الاتحادات الرياضية هناك بعد اتحاد البيسبول وهي اللعبة التي تحظي بشعبية هائلة بين الأمريكيين. واذا كان اتحاد كرة القدم الأمريكي من بين الاتحادات التي انضمت في وقت مبكر للاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" فان الولاياتالمتحدة كانت أيضا قد حظت بمشاركة مبكرة في بطولات كأس العالم لكرة القدم. وفي دراسة حول تاريخ كرة القدم الأمريكية-يقول نيف أورليان إن السؤال الذي يحق للكثيرين أن يطرحوه هو :"اذا كانت الساحرة المستديرة قد عرفت طريقها مبكرا لبلاد العم سام فلماذا لم تتحول أبدا الي اللعبة الأكثر شعبية في الولاياتالمتحدة كما هو الحال في أغلب دول العالم"؟!. وتتجلي قسوة الخروج المبكر لمنتخب الشباب الأمريكي من المونديال ال17 علي أرض الكنانة في ضوء الاجابة التي اجتهد نيف أورليان للحصول عليها وهي أن مشكلة الكرة في الولاياتالمتحدة ترجع في المقام الأول الي ضعف القدرات والمهارات الكروية للأشبال والشباب الامريكي وتواضع هذه المهارات بالمقارنة مع تفوقهم في ألعاب اخري تتصدرها البيسبول وكرة السلة والهوكي فضلا عن لعبة كرة القدم الأمريكية التي تختلف الي حد كبير للغاية عن كرة القدم بقواعدها المعروفة في بقية العالم. ويلاحظ نيف اورليان أن الامريكيين راودهم الامل في تجاوز هذه العقدة الكروية مع تحسن أداء فرقهم في المنافسات العالمية وبات الرهان الامريكي يتركز علي الاشبال والشباب علي أمل أن تتحول أمريكا لقوة كروية عظمي وتتنافس علي كأس العالم مع المنتخبات الشهيرة في عالم الساحرة المستديرة مثل البرازيل والارجنتين وفرنسا وايطاليا. ورغم الاداء الجيد لمنتخب الفراعنة الكبار في بطولة كأس العالم الاخيرة للقارات فان المنتخب المصري ودع هذه البطولة بعد أن هزم بثلاثة أهداف نظيفة في مباراته مع المنتخب الأمريكي. وكان المنتخب الامريكي قد وصل لنهائي بطولة كأس العالم للقارات لينافس فريق السامبا البرازيلي في شهر يونيو الماضي بجنوب افريقيا بعد أن تغلب علي الفراعنة الكبار والمنتخب الاسباني غير أن البرازيليين فازوا بالبطولة بعد أن قلبوا المستطيل الأخضر علي العم سام وخرجوا فائزين بثلاثة اهداف مقابل هدفين . غير أن منتخب الشباب الأمريكي لم يظهر اي تميز في المونديال ال17باجماع النقاد الرياضيين وعجز عن الصعود لدور ال 16 فيما تمكنت كوستاريكا من الصعود لهذا الدور بفارق الاهداف علي حساب الولاياتالمتحدة التي كانت تطمح في ان يكون هذا المونديال محطة جديدة علي طريق حلمها المستعصي في التحول الي قوة كروية عظمي. واعتبر جاي مارتين الرئيس السابق لرابطة مدربي الكرة في الولاياتالمتحدة أن اجهاد اللاعبين الامريكيين بسبب كثرة المباريات والمنافسات المحلية يؤثر سلبا علي نتائجهم في البطولات العالمية فيما أكد توماس رونجين المدير الفني لمنتخب الشباب الامريكي قبيل المونديال ال 17 علي أن عملية الاستعداد للمشاركة في هذا المونديال قد استغرقت نحو عامين منوها بأن أفضل اللاعبين الشباب اختيروا للمشاركة في هذه البطولة الشبابية العالمية. ومع أن الامريكيين اجتاحوا منتخب الكاميرون بأربعة أهداف مقابل هدف واحد في مباريات المجموعة الثالثة في المونديال ال 17 فانهم كانوا قد تعرضوا لهزيمة مذلة أمام الالمان بثلاثية نظيفة وهو ماحدث ايضا مع الكوريين الجنوبيين الذين وجهوا لطمة قاسية لمنتخب الولاياتالمتحدة والحقوا به هزيمة قاسية بثلاثة اهداف نظيفة ليودع العم سام البطولة العالمية مبكرا وتذهب احلامه في التحول لقوة كروية عظمي ادراج الرياح. وفي سياق تناوله الساخر لعجز الامريكيين عن التفوق في كرة القدم - قال واينبيرجر ان "الساحرة المستديرة لاتعرف بالضرورة "ازدواجية المعايير" ومن ثم فان علي من يلعبها قبول معاييرها واحكامها التي ينبغي ان تطبق بصرامة علي كل المتنافسين داخل المستطيل الأخضر ودون اي استثناءات". ومن سوء طالع الامريكيين أن تتزامن الضربة القاسية لحلمهم بالتحول الي قوة كروية عظمي وخروجهم المبكر من المونديال ال 17 بعد هزائم مهينة مع خسارتهم معركة استضافة دورة الالعاب الاولمبية لعام 2016 وأن تنال مدينة ريودي جانيرو البرازيلية شرف استضافة هذا الالمبياد منتصرة علي شيكاغو الامريكية التي خرجت مبكرا أيضا من هذا المعترك في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن. وكان من الدال والطريف معا أن يخوض بيليه أسطورة الكرة البرازيلية التي تتحرك علي قدمين معركة مع الرئيس الأمريكي باراك اوباما جراء التنافس بين البرازيل والولاياتالمتحدة علي استضافة اولمبياد 2016 فيما بادر بيليه بالتوجه الي العاصمة الدنماركية كوبنهاجن باعتبارها الساحة التي شهدت لجمعة حسم هذه المعركة بين عدة مدن تتسابق لنيل شرف استضافة الاولمبياد ومن بينها ريودي جانيرو البرازيلية وشيكاغو الأمريكية. وبرهن بيليه الذي يبلغ من العمر 68 عاما انه لم يجانب جادة الصواب عندما قال وهو محاط ببعض جميلات الكرة في كوبنهاجن :"انني لاأشعر بالقلق حيال القاء اوباما كنجم عالمي بثقله وراء انتزاع استضافة اولمبياد 2016 لشيكاغو علي حساب ريودي جانيرو" موضحا بثقة النجم العالمي وصاحب الشهرة الاسطورية في العالم قاطبة :"اذا كانت شيكاغو معها اوباما فان ريودي جانيرو لها بيليه". وفي كل الاحوال يبدو أن طريق الأمريكيين الي القمر الذي استغرق عقدا واحدا فحسب أسهل كثيرا من طريقهم المفقود لتحقيق حلم مشكوك فيه بقوة للتحول الي قوة كروية عظمي كما طالب هنري كيسنجر منذ اكثر من ثلاثة عقود فيما جاء المونديال ال 17 ليؤكد أن صعود الولاياتالمتحدة لسماء الساحرة المستديرة سيبقي الحلم المراوغ للعم سام دون أن يتمكن ابدا من تحقيقه علي الاقل في المدي المنظور.