المفاجآت التي أدمنها النظام الإيراني والارتباك الذي يسيطر علي الملالي لم يقنع الاقتصاديين والخبراء بالقرار الذي أعلنه النظام مؤخرًا بشأن تحويل 45 مليار يورو إلي الدولار وسبائك ذهبية وهو الأمر الذي تخسر بمقتضاه إيران مبالغ طائلة حيث اليورو في أدني مستوياته كما أن إيران كانت قد اتخذت قرارًا في نهاية 2008 بتحويل احتياطيها من الدولار إلي اليورو حين كان اليورو مرتفعا والدولار منخفضا بما يعني أن إيران تخسر مرتين. البعض يرجع استسلام إيران للخسائر بأنها تريد مغازلة أمريكا في المقام الأول والضغط علي اليورو الذي يعاني بالأساس وذلك بقصد إحداث هزة اقتصادية إضافة إلي التحصن بسبائك ذهبية ومليارات الدولارات ربما تنفعها حين تشتد عليها العقوبات ويزداد الخناق ضد بنوكها. وقال الدكتور شريف دلاور - الخبير الاقتصادي - إن الإجراء الذي تعتزم إيران القيام به قد يؤدي إلي خسارة كبيرة للاقتصاد الإيراني وكذا الاقتصاد العالمي مشبها إيران بشمشون الذي هدم المعبد، وأضاف دلاور أن بيع 45 مليار يورو من شأنه إرباك الاقتصاد العالمي وإحداث هزة كبيرة من الممكن أن تذهب بأزمة اليورو لأبعد من كل التوقعات. وأضاف دلاور أنه كان هناك تخوف من أن تتخلص الصين من سنداتها بالعملة الأوروبية فيحدث تدهور في سعر اليورو مما يزيد من تبعات الأزمة، إلا أن الصين اتخذت موقفا عقلانيا واقتصاديا بأن أعلنت أنها لن تبيع أيا من سنداتها وهو ما أدي إلي حدوث حالة من التفاؤل النسبي إلا أن التحرك الإيراني سيهز الأوساط الاقتصادية بقوة وسيهبط بسعر اليورو لأقل من دولار، كما أنه سيؤثر علي سعر الدولار بالسلب أمام العملات الأخري لأن الأزمة ستمتد وتؤثر علي جميع مكونات الاقتصاد العالمي. وأرجع دولار السبب الذي دفع إيران إلي هذه الخطوة إلي أنها تريد أن تصرف النظر عن ملفها النووي لبعض الوقت إضافة إلي أنها تريد أن تعاقب القوي الاقتصادية التي اتخذت مواقف موالية للقوي الأمريكية مؤخرا فيما يخص فرض عقوبات علي إيران وعلي رأسها روسيا والصين، هذا إضافة إلي العقوبات التي وقعها مجلس الأمن مؤخرا عليها إلي جانب حظر الكونجرس لشركات النفط للتعامل مع السوق الإيرانية وهو ما رأت معه إيران أن تضر بالاقتصاد العالمي وبالشركات الكبري حتي تجبرها فيما بعد لمعاودة العمل معها حتي تخرج من نير الركود الذي قد يصيب الاقتصاد العالمي لفترة كبيرة. الجدير بالذكر أنه في مايو الماضي نقل عن محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهماني قوله إن البنك سيدرس تغيير مكونات سلة إيران من النقد الأجنبي بالنظر إلي هبوط اليورو وارتفاع الدولار. ويدرس البيت الأبيض إمكانية فرض عقوبات تستهدف اعتماد إيران علي واردات البنزين وشركات التأمين التي تؤمن هذه التجارة وقال كريس دود رئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأمريكي إنه سيقترح توسيع العقوبات المالية الأمريكية علي إيران ومن يتعاملون معها وقال: «أعتزم تقديم تشريع يمنح الإدارة قدرة فرض عقوبات صارمة ومحددة إذا لم تستجب إيران لجهودنا الدبلوماسية الأخيرة خلال الأسابيع المقبلة»، ولكن مسئولين بالإدارة الأمريكية يقولون إنهم يأملون في الوقت الحالي أن تتمكن القوي الغربية من إقناع إيران بالتعامل مع المخاوف المتعلقة ببرنامجها النووي الذي تصر طهران علي أنه يهدف إلي توليد الكهرباء.