أهدتني مؤخراً الصحفية المتميزة حنان أبو ضياء كتابها الهام (بشر تحت الطلب.. ثورة الجينات).. والذي صدر ضمن السلسلة الطبية لكتاب اليوم عن دار أخبار اليوم. وقبل تناول ما جاء بالكتاب من معلومات قيمة؛ أود أن أشيد هنا بعنوان الكتاب الذي يعبر عن التطور المستمر والمتوالي فيما يخص الجينوم البشري، وما ينتج عن ذلك التطور في الوصول إلي ما يتنبأ به الكتاب من وجود (بشر تحت الطلب) في المستقبل القريب وليس البعيد. ينبه كتاب (بشر تحت الطلب) إلي ما قرأته قبل فترة عما أطلق عليه (اليوجينيا)، وهو علم التحكم في السلالة البشرية للتحكم في معدلات المواليد وتحسين صفات البشر بيولوجياً.. بما يعني حرمان المعاقين من الحياة. وهو ما جعل بعض العلماء يتساءلون: من الذي يمنح الحق في الحكم علي أي إنسان بحق الحياة أو الحرمان منها بهذا الشكل العنصري الذي تبناه قبل ذلك أدولف هتلر بعد تأثره بأفكار العالم البريطاني "فرانسيس جالتون" والفيلسوف الألماني "فريدرك نيتشه" صاحب فكرة (الإنسان السوبرمان). وهو ما جعله يتخذ بعض الإجراءات العنصرية وغير الإنسانية ضد المعاقين عقلياً وجسدياً.. لكي لا تنتقل جيناتهم بما تحمله من أمراض إلي الأجيال التالية. ومن الملاحظ، أنه رغم توجيه علم (اليوجينيا) من علم نافع للإنسان إلي علم عنصري ضد الإنسان؛ فإن العديد من المفكرين والأدباء والسياسيين قد تعاطفوا معه قبل أن يتحول إلي علم بشكل مباشر، ومنهم: برتراند راسل وبرنارد شو. ويلز وألدوس هيكسلي وونستون تشرشل. أعتقد أن الفصل الرابع الذي جاء عنوانه (الهندسة الوراثية والسياسة) من أهم فصول الكتاب لما يتضمنه من تحذير توظيف بعض الشركات العملاقة للمحاصيل التجارية المنتجة بواسطة الهندسة الوراثية. وهو الأمر الذي جعلني أتذكر ما سمعته قبل ذلك من العالم الراحل الجليل د.أحمد مستجير الذي حظر كثيراً من دخول تلك الشركات إلي المجتمع المصري، وهو ما أكدته حنان أبو ضياء عندما كتبت: لا تقوم تكنولوجيا الهندسة الوراثية حول التغلب علي مشكلة ندرة الغذاء ولكن تدور حول خلق احتكارات علي الغذاء والبذور.. الحلقة الأولي في السلسلة وعلي الحياة نفسها. من الواضح كما جاء في كتاب (بشر تحت الطلب) أن الإنسان سوف يتحول إلي كتاب مفتوح تماماً.. لم يعد لديه ما يخفيه.. خاصة أن الجينات - التي أطلقت عليها الكاتبة مخبرك السري - قد أفشت كل الأسرار. وما هو إلا زمن قليل لا يقاس في عمر الشعوب ويصبح كل إنسان بمثابة خريطة واضحة التضاريس.. توصلنا إلي معرفة تاريخه السابق وتشير بالبيان إلي حاضره ومستقبله.. من خلال مشروع الجينوم البشري. أعتقد أن أهم ما يميز كتاب (بشر تحت الطلب) لحنان أبو ضياء أن به العديد من المعلومات المهمة حول موضوع الجينوم البشري، كما أنها كتبته بأسلوب بسيط.. يسهل علي القارئ العادي فهمه رغم صعوبة موضوعه.. الذي يصنف ضمن العلوم التطبيقية المعقدة.