كان من المعتاد أن نسمع من كل وزير جديد يتولي وزارة التربية والتعليم العديد من التصريحات (العنترية) الجميلة، والتي غالباً ما تتحدد في الحديث عن تطوير المناهج، ومواجهة الدروس الخصوصية. وكانت النتيجة المتكررة تغيير الوزير مع بقاء الحال كما هو عليه. ولكن حدث تغيير مع تولي د. أحمد زكي بدر وزارة التربية والتعليم لما له من خبرة لا بأس بها في التعامل مع المشكلات.. خاصة خلال رئاسته لجامعة عين شمس، ولتكوينه الشخصي المنضبط والصارم الذي يظهر في جولاته وفي قراراته التي يعتمد فيها علي استغلال أقصي حد لسلطة الوزير بدون خوف أو بدون حسابات هنا أو حسابات هناك. استطاع د. أحمد زكي بدر أن يحدد بدقة مشكلات وزارته، وقرر أن يدخل بنفسه (عش الدبابير) وبدأ يتكلم عن مضمون العملية التعليمية من خلال قرارات لمراجعة جميع المناهج التعليمية بهدف التأكيد علي مبادئ المواطنة والتعايش وحقوق المرأة والطفل وتنقيتها من أي غموض في التعامل مع حرية الدين والعقيدة، أو من المفاهيم التي قد تستخدم خطأ للتفرقة بين المسيحيين والمسلمين.. خاصة أن السنوات أثبتت أنه قد تم اختراق التعليم من خلال متشددين فكرياً ومتطرفين دينياً. لم يخجل وزير التربية والتعليم من الاعتراف بأن العيوب في نظام التعليم الحالي تتلخص في أسلوب التعليم بالحفظ، وعدم الارتباط بين نظام التعليم وسوق العمل. وهو ما يعني عدم تنمية مهارات الإبداع والابتكار لدي التلاميذ، وتخريج شباب في تخصصات لا تحتاجها سوق العمل لوجود فائض بشري ضخم في العديد من التخصصات. لا أتفق بالطبع مع التجاوزات التي تحدث من بعض المدرسين تجاه التلاميذ الصغار من ضرب وتشويه يصل إلي حد الإصابة بالعاهات المستديمة. ولكني في الوقت نفسه مع أهمية عودة هيبة المدرس ليس من خلال العنف أو الضرب أو القسوة، بل بأساليب التربية الحديثة. وأود أن يركز وزير التربية والتعليم علي أن تكون هيبة المدرس بالقانون لكي لا يكون تحت رحمة شكوي كيدية من ولي أمر أو لكي لا تستباح كرامته بأن يتعدي عليه ولي الأمر. وفي حالة إذا ثبت خطؤه.. يتم التعامل معه من خلال قواعد الوزارة المنظمة لذلك بحياد وحزم. أتمني أن يستطيع د. أحمد زكي بدر تحويل المدرسة المصرية إلي مدرسة تستقطب أطفالنا ولا تنفرهم منها بالاهتمام بارتفاع مستوي المدارس من جهة، ومن خلال تحويل المناهج التعليمية إلي مناهج تفاعلية تزيد من إبداع التلاميذ وتنمية أساليب التفكير العلمي.. بعيداً عن الحفظ والتلقين، وهو ما سيكون خط المواجهة الأول للدروس الخصوصية. لقد بدأت مسيرة التطوير داخل وزارة التربية والتعليم.. وهو أمر يحتاج إلي الدعم والمساندة لتقييم التجربة قبل الهجوم والتشويه. وأعتقد أن وزارة التربية والتعليم.. كانت تحتاج لوزير له شخصية قوية.. وله رؤية واضحة ومتكاملة مثل الوزير الجديد.