لثاني مرة أدعي لحفل يقيمه الأرمن في قاعة ايوارت بالجامعة الأمريكية إلا أن هذه المرة استوقفتني عدة أشياء..!! كيف يحافظ الأرمن علي هذا الكيان المتماسك من لغة وعادات وتقاليد وفولكلور رغم انصهارهم داخل المجتمع المصري وقربهم الشديد من العادات المصرية وولائهم الشديد لمصر التي يرجع تاريخ تواجدهم فيها إلي العصر الفاطمي وربما أبعد من ذلك..إلا أن العصر الفاطمي وما تلاه من عصور أظهرت براعة وتفرد الأرمن في كثير من الأعمال الهندسية والمصرفية والفنية وفنون الصاغة. وحسب الإحصائيات الأخيرة لا يتعدي عدد الأرمن العشرة آلاف داخل مصر يتمركزون بين القاهرة والإسكندرية ويحملون الجنسية المصرية أباً عن جد وينخرطون في الحياة المصرية بشكل قوي وفعال، ولكن ظل السؤال يلح علي: كيف انصهروا داخل المجتمع المصري القادر علي استيعاب كل الحضارات ومع ذلك حافظوا علي هذه الهوية والتي لا تظهر بهذه القوة وحسبما عرفت منهم إلا داخل مصر وربما سوريا أما في بقية البلدان التي يتواجد بها الأرمن فقد انصهروا بالكامل داخلها وقليلاً منهم من يحرص علي بقاء الهوية الأرمنية أو يبذل جهده للمحافظة عليها.. وعلمت أن للأرمن ثلاث مدارس يدرسون فيها المناهج المصرية إلي جانب اللغة الأرمنية والتي يتحدثون بها طوال الوقت إضافة إلي ناد اجتماعي يضم بعض الأنشطة الرياضية وتعد كرة السلة أهم ما يمارس فيه إلي جانب تعليم الرقص الأرمني علي يد متخصصين ومتخصصات ويعد النادي الأرمني مكاناً لتجمعهم لممارسة أنشطتهم وإن كنت أري أن الدور الرئيسي للنادي هو التعارف والتقارب بين الشباب للتزاوج والمحافظة علي العرق..حتي لا تضيع هويتهم..خاصة إنهم يحرصون علي الاحتفال بجميع المناسبات القومية الارمنية ودعوة السفير إن لزم الأمر.. تذكرت هذا وأنا أستمع لترانيم عيد القيامة داخل الكنيسة الأرمنية والتي أعتقد أنها من أجمل الكنائس التي رأيتها وطاف بخيالي تلك الرسائل الإلكترونية والتي أتلقاها يومياً من بعض الواهمين الذين يقيمون بالخارج يصيغون خيالات وأوهاماً من تعرض كل من يحمل صليباً للاضطهاد في مصر..!!! واتساءل: ألا يستحيون وهم يرون طائفة بأكملها تمارس حياتها الاجتماعية والدينية بدون شرط أو قيد.