لم ينف الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة الدكتور عماد الدين أبو غازي انحيازه لثورة 1919 وقدم بوضوح أسباب هذا الانحياز في الندوة التي أقيمت بنقابة الصحفيين لمناقشة كتابه "حكاية ثورة عام 1919 قائلا: تشكلت سياسيا علي يد جدتي لأبويا التي كانت من أهم المشاركات في الثورة، بالإضافة إلي أن جدي مختار هو الذي أبدع تمثال نهضة مصر الذي أصبح فيما يعد رمزا لها. قال أبو غازي: تعرضت ثورة 19 للظلم لسنوات طويلة، وأتعامل في الكتاب مع التاريخ علي أنه حكاية، رغم أن البعض قد يري أن في ذلك تعدي علي الحقائق، لكن الذي يريد أن يتعامل مع قطاع عريض من الجماهير، عليه أن يتعامل مع التاريخ علي أنه حكاية وليس بحثا علميا، وقد حاولت أن أكون أمينا بحيث لا أجهل الحقائق. قدم الندوة الشاعر حزين عمر متسائلا: لماذا نتعامل مع ثوراتنا بنوع من التقديس؟ قائلا: عماد أبو غازي يجمع بين الأدب والتاريخ، مثلما فعل جمال حمدان وطه حسين والعقاد، وهو الجمع الذي يقرب التاريخ للناس. ومن جانبه رأي الدكتور عاصم الدسوقي أن الكتاب سهل وممتع قائلا: لفت نظري عنوان الكتاب وكأن المؤلف يريد أن يحكي حكاية، وهو فعلا حكاية تأخذ طابع العمل الدرامي، الذي يتناول البطولة في التاريخ بحيث يمشي البطل في خط متصاعد لا يخطئ فيه أبدا، وما بين الدراما والتاريخ خصومة لأن كاتب الدراما يغمض عينه عن بعض الأشياء. ويتابع الدسوقي: لو ناقشنا الكتاب علي أنه عمل علمي سيكون لنا عليه ملحوظات كثيرة، لأنه معتمد علي مقولات عامة بدون تمحيص وتحقق منها، وقد تعامل المؤلف مع الموضوع من وجهة نظر درامية، فشخصية سعد زغلول لم تكن منزهة من الأخطاء، ووصفه محمد فريد في مذكراته بأنه "شخصية انتهازية"، كما انتقد الدسوقي وصف المؤلف فكرة التوكيل الذي صنعه الناس المجتمعة في بيت الأمة لسعد زغلول بأنها عبقرية لطبيعتها القانونية، وقال: أي حركة تعتمد علي القانون لا تكون ثورة لإنه ضد طبيعتها، ولو قرأنا صيغة التوكيل الذي عمله سعد زغلول لاكتشفنا أنه كان ينادي بالسعي للحصول علي استقرار مصر بالسبل السلمية تحت راية بريطانيا، وحينما اعترض البعض من أعضاء الحزب الوطني علي صيغة التوكيل غضب سعد زغلول وقال لأحد الأشخاص: أتهينني في بيتي فرد عليه الرجل وقال: هو ليس بيتك ولكنه "بيت الأمة"، ففرح زغلول وحزفت كلمة تحت راية بريطانيا. وقال الدسوقي: يري المؤلف أن ثورة 19 حققت أهدافها، فأين الدليل علي كلامه؟ فالإفراج عن الزعماء في المنفي لم يكن هدف الثورة، ولكن الهدف كان الاستقلال، كما أن الثورة لم تنجح في إلغاء الحماية البريطانية علي مصر، فلم تكن لنا سفارة في بريطانيا، ولم يكن المندوب سفيرا لبريطانيا في مصر، وقد ظلت الحماية حتي 1936 وظلت بريطانيا تتدخل في السياسة المصرية بعد تلك المعاهدة، كما أن الدستور الذي قال المؤلف أن الثورة أفرزته لم يكن مطلبا في الثورة، وإذا بحثنا في جملة التشريعات التي صدرت منذ عام 1924 سنجدها كانت لصالح الطبقة العليا. ومن ناحية أخري اختلف المؤرخ الدكتور محمد عفيفي مع كل ما قاله عاصم الدسوقي قائلا: ثورة 19 هي الثورة الشعبية الوحيدة في تاريخ مصر، وقال: هي التي أخرجت لنا ثورة 1952 وهي الثورة الوحيدة التي رفعت شعار الدين لله والوطن للجميع، وهي بمثابة الثورة الفرنسية بالنسبة لمصر، كما أثرت في تجارب ثورات الهند والعراق وسوريا.