بقلم:روبرت فيسك كاتب بريطانى ومراسل لشئون الشرق الأوسط لصحيفة الاندبندنت ترجمة مي فهيم في عام 2005 خرج العراقيون للتصويت علي الانتخابات وسط أجواء العنف وأصوات التفجيرات الانتحارية ليثبتوا أن العراق ديمقراطية فشارك الشيعة في الانتخابات بناء علي تعليمات رجال الدين بينما تبنت السنة مقاطعة الانتخابات .وما أشبه الليلة بالبارحة فخرج بالأمس عشرات الآلاف من العراقيين وسط أصوات قذائف الهاون ومقتل قرابة 24 شخصاً قبل إغلاق مراكز الاقتراع ليؤكدوا أيضا أن العراق كان "ديمقراطيا". والجديد في الأمر هذه المرة هو أن السنة شاركوا في الانتخابات ونحن أهل الغرب حاولنا أن ننسي الماضي حتي لو كان الماضي القريب.وأفادت التقارير الإعلامية أنه منذ أسابيع قليلة فقط تم استبعاد مئات المرشحين لصلتهم بحزب البعث. وهو ما يعد عودة واضحة للسياسية الطائفية. فالشيعة الذين كانوا علي صلة وثيقة بالرئيس العراقي المخلوع صدام حسين لا يزالون يمارسون وظائفهم في العراق الديمقراطي. وتحت لواء القوانين العراقية الجديدة فإن النظام الانتخابي قد وضع لضمان عدم فوز أي من الأحزاب بالسلطة.فيجب أن يكون هناك ائتلاف وتحالف أو تحالف واسع النطاق وكل هذا يكشف النقاب عن أن الحكومة الطائفية القادمة ستولي السلطة وفقا لنسب الشيعة والسنة والأكراد في العراق. فالغرب دائما ما يفضلون اتباع هذا النظام في الشرق الأوسط إدراكا منهم أن "الديمقراطية"سيخرج من رحمها حكومات وفقا للسلطة الطائفية في كل مجتمع. وهذا ما قمنا به في ايرلندا الشمالية وقبرص ولبنان وحتي في أفغانستان لقد فضلنا التعامل مع حامد كرازي الفاسد والأكثر من هذا لقد قمنا بالسماح له بالحكم بالنيابة عنا مع جيش كبير قائم علي المؤيدين القبليين المدفوع أجرهم فهذا بكل تأكيد ليس ديمقراطية "جيفرسون" ولكن هو أفضل ما يمكن تقديمه. ودائما ما ندافع عن هذه النتائج البائسة فهل تريدون عودة طالبان؟ هل ترغبون في عودة الرئيس صدام؟ وفي حالات قبرص ولبنان منذ عدة عقود هل تريدون عودة الاتراك العثمانيين ؟وبينما نفكر في نتائج الانتخابات العراقية فإن الحكومة العراقية القادمة ستستغرق شهوراً حتي يتم تشكيلها.فلا نسأل حقا عن من الفائز في الانتخابات. فإيران التي يعرف رئيسها كيف يتعامل مع الانتخابات"الديمقراطية" هو المنتصر بالطبع لتلاشي ألد أعداء إيران "طالبان السوداء" و"صدام" دون إطلاق إيران لرصاصة واحدة. ويشير السنة العراقيين إلي أن إيران تتدخل بشكل عسكري وسياسي في العراق ولكن بعد أن أصبحت معظم الأحزاب الحالية الحاكمة تلقي رعاية في الجمهورية الإسلامية لم تعد هناك حاجة إلي تدخل إيران.وكان حزب الدعوة منذ 20 عاما يقوم باختطاف الأجانب في بيروت وتبني تفجير سفارتي الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا في الكويت ولم نتناول بالذكر الموصل وغيرها من المدن الاخري في شمال العراق حيث إن الانتخابات ليس ليها علاقة بالعملية الديمقراطية ولكن الشيء الأهم هو من يسيطر علي خطوط النفط. فالشعب العراقي حقا شعب شجاع فكم بريطاني أو أمريكي سيذهب للانتخابات تحت وطأة قذائف الهاون؟ فالأمر لا يعني أن المسلمين لا يريدون الحرية أو الديمقراطية ولكن أن "الديمقراطية" لا يبدو أنها تنجح عندما تكون بلادهم في قبضة قوات الاحتلال الغربي ومثال علي ذلك أنها لم تفلح في أفغانستان. نقلا عن "الإندبدنت البريطانية"