منذ طفولته تحت الاحتلال وحتى وصوله إلى قصر أوتيل ماتينيون - مقر رئاسة الوزراء الفرنسية - يروي ليونيل جوسبان، رئيس الوزراء الفرنسي في عهد شيراك لأول مرة قصة حياته ومسيرته الشخصية والسياسية، التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من مسيرة اليسار الفرنسي خلال النصف قرن الماضي، وذلك من خلال حوارات أجراها مع الصحفيين باتريك روتمان وبيار فافييه ، نشرت في كتاب يحمل عنوان "ليونيل يحكي عن جوسبان ". يستعرض ليونيل جوسبان حياته في هذا الكتاب كشريط سينما يمر أمام القارئ ، منذ أن كان شابا قليل الخبرة لا يهوى في حياته سوى الرياضة والكتب والسينما، قبل أن ينخرط في أحداث عصره ويتعلق بالقيم الثورية ، ليدخل بعد ذلك مجال السياسة ويكون قادرا - على حد وصفه - ليس على مجرد الحلم ولكن على تحقيق هذا الحلم. ويؤكد جوسبان ارتباط حياته بالحزب الاشتراكي، فقد شاركه نجاحاته وهزائمه منذ انضم إليه عام 1971، حيث تعرف على فرانسوا ميتران لأول مرة وأصبح من رجاله. وبعد أن أصبح ميتران رئيسا للجمهورية في عام 1981، أخذ جوسبان مكانه كأمين عام للحزب الاشتراكي ، ثم تولى وزارة التعليم ، وساند حزبه في الانتخابات التشريعية عام 1997 ، حتى الفوز الساحق الذي سمح له بتولي رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة في الفترة الأولى لحكم جاك شيراك. وكان ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2002 - التي شهدت فشلا مدويا للحزب الاشتراكي وصعودا أدهش الفرنسيين أنفسهم لليمين المتطرف بقيادة جون ماري لوبان - هي نهاية حياته السياسية، فقد أعلن اعتزاله للسياسة مع عدم تخليه عن الحزب الاشتراكي ومساندته له دائما بصفة غير رسمية. واليوم ، بعد هذه المسيرة الحافلة بلحظات النجاح والفشل ، ينصح ليونيل جوسبان كل شاب في مقتبل عمره يتحسس خطواته الأولى في مجال السياسة بالمضي قدما ، فالأمر - على حد تعبيره - يستحق المغامرة والعناء. ولا يخلو الكتاب من قصص عن علاقته المقربة بالرئيس فرانسوا ميتران ، أو عن معارضته للرئيس جاك شيراك حتى وهو رئيس لحكومته، أو اعترافه بأخطائه في حالة من النقد الذاتي، و يؤكد جوسبان في النهاية أنه إذا كان البعض قد كرهه ، والبعض قد أحبه، إلا أنه بالتأكيد قد حظي باحترام الجميع . وقد تزامن نشر الكتاب في فرنسا مع عرض لفيلم وثائقي طويل يحمل نفس العنوان من إعداد باتريك روتمان عرضته قناة "فرانس 2" أكثر من مرة منذ بداية شهر يناير ويضم لقطات أرشيفية ومقاطع فيديو ولقاءات تليفزيونية مع ليونيل جوسبان على مدار حياته السياسية.