لا يستطيع أي انسان يؤمن بالفضيلة والأخلاق ان يعارض أي فعل أو عمل هدفه زيادة هذه الأخلاق او تطبيق الفضيلة في المجتمع، لكن ان يتحول الأمر من الإيمان بالفضيلة إلي تعصب وتشدد، وفرض امور ليست من الدين أو وسيلة لخداع المجتمع فهو مالم يمكن قبوله، وهو ما ينسحب في الحقيقة علي من يتخذ من النقاب وسيلة لفرض امور اعتبرها جمهور الفقهاء ليست من الواجبات، بل نصوا فيها علي أن كشف الوجه والكفين هو الأصل في الدين. إن النقاب في حقيقته قد يراه المنتقبات ومن يؤيدونه أنه حرية شخصية لكن المسألة تعدت من استخدام هذه الحرية إلي محاولة فرضه، وجعله واجبا رغم اتفاق العلماء علي عدم وجوبه، وكم استأت كثيرا عندما شاهدت طريقة حديث المنتقبات وهن طالبات مع إحدي عالمات الأزهر الفضليات الدكتورة آمنة نصير استاذ العقيدة بالأزهر في أحد برامج الفضائيات، فكانت الدكتورة آمنة هادئة إلي أبعد حد، بينما كانت المنتقبات يتلفظن بالكلمة بشدة وتعصب، ويوجهن ردودا غير مقبولة مع عالمة وأستاذة لهن. ومن اللافت للنظر أنه رغم تدريس الفقه وآراء الفقهاء في قضية النقاب في الأزهر إلا أن هناك طالبات ازهريات يتمسكن بالنقاب بكونه واجبا، وهو ما يؤكد ان الخلل الثقافي الأسري في فهم الدين هو الأساس في تكوين شخصيات بناتنا المنتقبات بما يجعلهن علي قناعة تامة بانهن علي حق مهما تعلمن من الأزهر، وهذا يعد خطرا كبيرا، خاصة أن فتيات الأزهر يلبسن ثوب الدعوة بين النساء باسم الأزهر وينشرن ثقافة النقاب التي لا تعرفها مناهج الأزهر، ولذلك وجدت في دعوة الدكتورة سعاد بمنع النقاب نهائيا بالأزهر دعوة مطلوبة ينبغي تطبيقها وعلي اللاتي يرفضن ذلك ان يمتنعن عن الأزهر الذي لا يعرف التشدد في الملبس أو الفعل أو القول باسم الدين، وعلي المنتقبات ان كن فعلا يحببن الإسلام أن يقرأن بموضوعية أقوال الفقهاء في عورة المرأة وألا يملن فقط بحكم نشأتهن إلي ما يردن تصديقه. أمر آخر أود توضيحه وهو أن النقاب الذي تتظاهر بعض الفتيات بأنه واجب لذلك يرتدينه يحمل في طياته ثقافة خداع من قبل بعضهن، حيث ترتدي بعض الفتيات النقاب لإخفاء عيوب بها، بل أن البعض يرتدينه للتسول به والاحتيال علي الناس، ليصبح النقاب هنا وسيلة للخداع وتأصيلا لثقافة لا يقبلها الدين، ولا يخفي أيضا كم من جرائم ارتكبت تحت قناع النقاب، إننا بحاجة حقيقية لأن نكون صادقين مع الله لا راضين لثقافات تفتح علينا من المفاسد مالم يتحملها المجتمع، فدرء المفسدة مقدم علي جلب المنفعة كما يقول الفقهاء، وكم من المفاسد التي ترتكب باسم النقاب الذي يمنع التواصل مع المجتمع الذي من حقه أن يتعرف علي شخصية أفراده. وفي ختام حديثي أذكر قول مفتي الجمهورية الدكتور علي جمعة: "إن النقاب عادة وليس عبادة وأن الإمام مالك اعتبره مكروها ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن ينتقبا إلا إذا كان هذا من عادة أهل البلد كأهل نفوسة في المغرب، ولم يرد أن الرسول أمر امرأة بتغطية وجهها، كما أن النقاب عنوان لثقافة مغلوطة أدت إلي البيئة الموالية للعنف وترك العلم وعقلية فهم النصوص بطريقة مشوشة".