هكذا.. وعيني عينك اندلعت معركة كلامية حادة وساخنة بين الحاج عبدالرحيم الغول والدكتور حمدي السيد شاهدها وصورها واستمع إليها كل من كان موجودًا سواء في شرفة الصحافة أو داخل قاعة المجلس.. الموقر! الحاج والدكتور أصبحت الخناقة بينهما فجأة للركب والحمد لله أن الحاج عبدالرحيم كان في المجلس وإلا اشتغل الآلي.. آلي واحد.. مش ممكن.. كتيبة بنادق آلية لزوم أهل الصعيد الجواني، لكن طبعًا الغول مش محتاج آلي ولا نصف آلي ولا حتي «فرد» فالحاج بسم الله ما شاء الله لسانه أكثر من الآلي وأسرع وأكثر حدة وصوته دائمًا بيجلجل تحت القبة.. وكلماته «فشر الرصاص»: «أنا أقدم رئيس لجنة في المجلس وأنا الذي أرأس اللجنة المشتركة ولست أنت»! القصة أن عمنا الغول الراجل الجدع قوي عارف بحكم خبراته ازاي اللجنة المشتركة دي هاتشتغل علي الموضوع اللي شكل له د. فتحي سرور لجنة مشتركة لدراسة قضية ري الخضراوات بمياه الصرف الصحي وأثر ذلك علي صحة المواطنين وخطورة هذا علي الأراضي الزراعية.. الغول عارف كل ده وعارف كمان أنه لو أي حد اتعرض من الحكومة للفلاحين اللي بيزرعوا بمياه الصرف الصحي المسألة دي (هاتكون في وشه).. وعيب يا جدع أنت وهو.. ده أنا رئيس لجنة الزراعة والري.. وأنا علي جثتي لو حد فكر يوقع أي عقوبات علي المزارعين.. اللي عاوز يوقع عقوبات يوصل لهم المياه النقية الأول وبعد كده يجي يتكلم عن العقوبات.. ده المفروض الحكومة تروح تسأل الأول كل مزارع من دول أيه السبب اللي خلاك تروي الخضار بمياه الصرف الصحي.. ولما هاتعرف السبب هايبطل العجب.. ومش هاتكون هناك عقوبات ولا دياولو.. سليم.. سليم (كلمة الغول المعتادة في كل حديث وفي أي كلام)! الغول لما شكل الدكتور سرور هذه اللجنة المشتركة فضل مستني وجنبه العميد أحمد أبو عقرب وكيل اللجنة قرار المنصة بمن الذي سيرأس اللجنة هو ولا الدكتور حمدي السيد. ويبدو أن د. سرور اللي عارف كويس إيه اللي في نفس وداخل صدر كل نوابه كان متوقع إن ده يحصل فساب المسألة تفك.. ولم يحدد عمدًا شخص رئيس اللجنة المشتركة. طبعًا الغول المنتظر انزعج وانتفض ولم ينتظر أن تمنحه المنصة الكلمة.. وقف وقال اللي قاله وكتبته في الفقرة الثانية من هذا المقال. كلام الغول طبعًا ما عجبش الدكتور حمدي اللي تمللي واخد كل الأمور علي أعصابه. لكن هذه المرة رد الصاع صاعين للغول ولكن بكل هدوء علي غير عادته القديمة المعروف بها.. قال: غير صحيح أنك أقدم مني وغير صحيح أنك أكفأ مني.. احنا لما ناقشنا القضية دي ناقشنا مدي خطورة ري المحاصيل وخاصة الخضراوات بمياه الصرف الصحي علي صحة المواطن المصري.. زيادة الإنتاج الزراعي قضية تخص لجنتك يا حاج عبدالرحيم.. أما الخيار المروي بالصرف الصحي ويتضاعف عن حجمه فإنه يشكل خطرًا بالغًا علي صحة المواطن.. أنتم لكم شغلكم ونحن لنا شغلنا يا حاج عبدالرحيم»! زادت ابتسامات النواب الموجودين في القاعة شهود هذه المعركة الطريفة - مع الاعتذار للسكندرانية - وسادت القاعة أجواء من اللطافة والوداعة وكأن د. سرور العبقري أراد عامدًا بذكائه واقتداره أن يدخل علي قلوب نواب المجلس شيئًا من السرور والبهجة يزيل به الاحتقان السياسي بين النواب.. طبعًا تحقق الهدف السروري وابتسم الجميع إلا اثنان: الغول.. والدكتور! بصراحة.. أقول هنا علي الورق ما قاله الكثيرون.. المنظر ده مش عاجبني خالص.. ازاي اثنين من قيادات الحزب الوطني الكبار يتخانقوا كده علني في القاعة ويفرجوا عليهم الدنيا كلها.. طبعًا المسألة دي الجماعة بتوع المحظورة ومعاهم المستقلين (اللي الواحد مش عارف هما مستقلين عن إيه بالضبط).. الجماعة دول والمستقلين دول كانوا أسعد الناس أصحاب الحصانة بتلك المعركة الساخنة اللي أبدًا ما كانش لها لزوم! اللي يزيد الهم ويبكي أن الغول لما حاول يصالح الدكتور.. الدكتور مارضيش بالصلح ورأسه وألف سيف إن هو اللي يترأس اللجنة المشتركة حسب لائحة المجلس الموقر! الخناقة بين الغول والدكتور خلفت آثارًا خطيرة. وكانت فرصة ذهبية لنواب المعارضة والمستقلين والإخوان إنهم ينتقموا من الغول اللي واقف لهم بالمرصاد وبيطلق عليهم مدفعيته شديدة الضراوة في كل مرة احتاج فيها الأمر ذلك. لكن اللي يكسف وحصل فعلاً أن أغلب نواب لجنة الصحة أيدوا د. حمدي وقلة من أعضاء لجنة الزراعة هي اللي أيدت عمنا الغول باعتباره صعيديا مثلهم! المهم الدكتور سرور لما شاف الموقف سخن كده والجو توتر احتوي الخلاف بين الاثنين الكبار وقال خلاص الوكيل عبدالعزيز مصطفي هو الذي سيرأس اللجنة المشتركة.. مصلحة الناس أهم من الخلاف بين النواب. ما كان من الأول يا دكتور سرور!