شجاعة التمسك بالتغيير الحزب الوطني تغير، هذه حقيقة لا تقبل الجدل، رغم التشكيك المستمر من أحزاب المعارضة والحركات الاحتجاجية والصحف الخاصة، وهذا التغيير تم علي أكثر من محور منه ما يتعلق بالبنية التنظيمية للحزب الذي أعيدت هيكلته بما يسمح بمشاركة واسعة للمرأة والشباب في التشكيلات القاعدية للحزب من الوحدة الصغيرة حتي المحافظة.. ومنه ما يتعلق بدورية الانعقاد السنوي وعقد المؤتمر العام كل أربع سنوات بدلا من خمس.. ومنها ما يتعلق بأداء أعضاء الحزب في المجالس النيابية والمحلية في دوائرهم. علي الصعيد السياسي يمكننا القول أيضا إن الوطني هو صاحب مبادرة الحراك السياسي في الشارع بأوراق السياسات السنوية، التي طرحت رؤي متعددة في جميع المجالات السياسية والخدمية والدستورية، وبدا الحزب كله يتحرك لأول مرة كمنظومة واحدة من رئيسه إلي مختلف وحداته التنظيمية. لكن الملاحظة التي تحتاج إلي مراجعة واضحة داخل الوطني هي ضرورة التحلي بشجاعة التغيير والتمسك به حتي اللحظة الأخيرة، في ضوء أن بعض السياسات والتشريعات والتعديلات الدستورية التي خرجت من أروقة المجلس الأعلي للسياسات تبدلت ملامحها في صورتها النهائية. فعلي سبيل المثال قضية إصلاح النظام الانتخابي في الدستور، كانت تستهدف إخراج القضاة من الإشراف المباشر علي العملية الانتخابية وإيجاد نظام بديل يحقق الحياد الكامل في إجراء أي انتخابات في مصر علي مختلف مستوياتها، لكن النتيجة النهائية أننا عدنا إلي إشراف قضائي منقوص، دون وجود آليات حقيقية للرقابة علي الانتخابات وضمان نزاهتها. وعلي الصعيد الخدماتي طرح الحزب مبادرة إصلاح التعليم والتي شملت زيادة أجور المعلمين ثم تغيير نظام التعليم بالكامل وصولاً إلي عملية تعليمية عصرية، لكن حدثت مقاومة شديدة خلال مناقشات كادر المعلمين ووصلنا في النهاية إلي تطوير شكلي إلي درجة أن المؤتمر السنوي القادم سيبحث تأجيل نظام الثانوية العامة الجديد. وتبني الحزب سياسات لإصلاح النظام الحزبي في مصر، لضمان حرية تأسيس الأحزاب وزيادة المشاركة السياسية، لكن علي أرض الواقع لم تحدث أي إجراءات فعلية لتشجيع الأحزاب السياسية أو ظهور أحزاب جديدة قادرة علي البقاء والمنافسة وإغلاق الأبواب أمام التيارات غير الشرعية. وقد توحي هذه الأمثلة وغيرها بأن هناك بعض المقاومة للتغيير داخل الحزب الوطني، وهو ما يعني ضرورة التمسك بشجاعة التغيير والحرص علي ألا تفقد السياسات الجديدة مضمونها في رحلتها للتحول من أفكار إلي واقع.