لدي الرئيس باراك أوباما رؤية لعالم خال من الأسلحة النووية والاتفاق الذي أبرم مؤخرا مع روسيا لخفض الترسانات النووية لكلا البلدين يعزز دورها القيادي والأخلاقي والسياسي، والآن كيف تؤثر حملة أوباما ضد انتشار الأسلحة النووية علي إسرائيل والمعترف بها علي نطاق واسع باعتبارها سادس دولة نووية في العالم والوحيدة حتي الآن في الشرق الأوسط ؟ وواصلت إسرائيل سياسة الغموض النووي علي مدي خمسين عاما إلا أن الدعوة الأخيرة التي وجهها وكيل وزارة الخارجية الأمريكية روس جوتيمويلر حول انضمام إسرائيل لمعاهدة حظر الانتشار النووي مما دفع بالمخاوف من رفع المظلة الدبلوماسية للولايات المتحدة حول مكانة إسرائيل كدولة نووية منغلقة، ومن الآن فصاعدا ستشعر إسرائيل بقلق بأن أوباما يريد معالجة الطموحات النووية بنفس رغبته في التعامل مع الملف النووي لإسرائيل ومساوتهما ببعض وقد وضعت الأسس الفكرية لموقف أمريكا الجديد في مقال لكل من هنري كيسنجر وسام نان وجورج شولتز ويليام بيري بعنوان " نحو عالم خال من الأسلحة النووية " وهي مقالة تدعو إلي خفض العالم لترسانته النووية وتدعو المقالة أيضا إلي المساواة بين الدول في المجال النووي . ويقول بروس ريدل الذي ظل يرأس حتي وقت قريب استراتيجية إدارة أوباما لأفغانستان وباكستان إن بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل علاقة فريدة ولكن إذا كنا نتحدث بجدية عن وجود صفقة مع إيران فعلي الولاياتالمتحدة التوقف عن سياسة الكيل بمكيالين والتي ستفشل عاجلا أو آجلا، وقد أصدر الكونجرس بياناً مؤخرا فاجأ فيه الإسرائيليين أن روبرت جيتس وزير الدفاع أكد أن أمريكا تريد فهم رغبة إيران من امتلاك أسلحة نووية وأشار إلي أن الإيرانيين محاطون بقوي نووية مثل باكستان والهند وورسيا وإسرائيل. إسرائيل بالتأكيد سوف تحارب العقيدة الأمريكية الناشئة والتي تضعها علي قدم المساواة مع إيران حتي الهند وباكستان وهنا يشير الإسرائيليون إلي أن رغبة إيران من امتلاك الأسلحة النووية هو تدمير دولة إسرائيل وهو شيء تشمله أجندتها وأن امتلاك إسرائيل للقدرات النووية هو دفاع عن التهديدات باستهداف وجودها . وإسرائيل لم تقم أبدا بتجربة لسلاح نووي وتتبع جميع التوجيهات الصادرة عن مجموعة موردي حول المواد النووية من خلال فرض رقابة علي الصادرات النووية، وتدرك إدارة أوباما الحالة الفريدة من الغموض النووي لإسرائيل كما أن تصدير المواد النووية إلي دول مثل باكستانوإيران يشكل قلقا لإسرائيل وهو ما يدفع إسرائيل للتأكيد أن إيران ليست هي من يتسبب في سباق للتسلح النووي في منطقة الشرق الأوسط لذلك فإن تغيراً في نمط السلوك الإيراني تجاه إسرائيل هو شرط مطلق لإحداث تغير جذري إيجابي في منطقة الشرق الأوسط . سياسة الغموض النووي الإسرائيلي ظلت دون تغيير طوال خمسين عاما حتي داخل إسرائيل نفسها كانت تعتبر من المحرمات ولكن في السياق الدولي المتغير والسياسات الجديدة التي تعمل الولاياتالمتحدة علي تطويرها في العالم تجد إسرائيل أسبابا وجيهة لإعادة النظر في عقيدتها النووية بسياسة إسرائيلية رسمية تدعو إلي شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل ووضع مصداقية علي برنامجها النووي والتخلي عن سياسة " القبو " التي تضعه فيه والأهم تعميق المناقشات الجادة حول الحاجة الملحة لمنطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط . شلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل السابق ونائب مدير مركز توليدو الدولي للسلام