للمرة الأولى يتحدث مسئول أممى عن انفتاح طرفى النزاع فى الخرطوم على المفاوضات، فى بصيص أمل على انتهاء الأزمة المستمرة منذ نحو أسبوعين. وبعد 5 هدن هشة فشلت فى وقف الصراع الدموى، قال مبعوث الأممالمتحدة إلى السودان فولكر بيرتس لرويترز إن الطرفين المتحاربين فى البلاد منفتحان بشكل أكبر على المفاوضات، وأقرا بأن»الصراع لا يمكن أن يستمر». وهذه أول إشارة لإمكانية احتواء الصراع الذى استخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والمقاتلات الحربية فى المدن، وخلفت مئات القتلى وتسببت فى موجة نزوح جماعى. وأوضح المبعوث أن الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التى اقتُرحت إقامتها إما فى جدة بالسعودية أو فى جوبا بجنوب السودان، لكنه استطرد قائلا إن ثمة سؤالا عمليًا حول إذا ما كان بوسعهما الذهاب إلى أى من المكانين «للجلوس معًا فعليا». وأضاف أنه لم يُحدد جدولا زمنيا لإجراء محادثات. وبدت احتمالات إجراء مفاوضات بين زعيمى الطرفين واهية حتى الآن. وكان قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان قد قال فى مقابلة إنه لن يجلس أبدا مع قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو ووصفه بأنه «زعيم التمرد». وقال دقلو: إنه لن يجرى محادثات إلا بعد أن يوقف الجيش القتال. وأشار بيرتس إلى أنه قال لمجلس الأمن إن كلا من الطرفين كان يعتقد أن بوسعه الانتصار فى الصراع، وذلك خلال أحدث إفادة منذ يومين، لكنه قال أيضًا إن المواقف تتغير. وأضاف «يعتقد كلاهما أنه سينتصر، لكن كليهما أكثر انفتاحا نوعا ما على المفاوضات. لم تكن كلمة «مفاوضات أو محادثات» حاضرة فى خطابيهما خلال الأسبوع الأول أو نحو ذلك. ومنذ اندلاع القتال بين الجانبين فى 15 أبريل، جرى التوصل إلى 5 هدن لكن جميعها فشلت فى الثبات، وتخللتها العديد من الانتهاكات. وأسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل 512 شخصًا على الأقل وجرح الآلاف، لكن عدد الضحايا قد يكون أكثر من ذلك بكثير نتيجة القتال المستمر. وفق جهات متطابقة، فإن المعارك الدامية استمرت فى السودان رغم التوصل إلى تمديد وقف إطلاق النار 72 ساعة إضافية بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع المتنازعين منذ منتصف الشهر الجاري، ما أسفر عن مقتل المئات. وحذرت نقابة الأطباء السودانيين من أن انهيار نظام الرعاية الصحية فى البلد «وشيك». فرغم إعلان تمديد الهدنة، تواصلت المعارك فى الخرطوم وفى إقليم دارفور بغرب السودان، بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع المستمرة منذ منتصف الشهر الجارى والذى أودى بحياة مئات الأشخاص. وتضمن بيان لللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أن المعارك فى مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، أسفرت الإثنين والثلاثاء عن سقوط 74 قتيلًا ولم يتم بعد حصر ضحايا يومى الأربعاء والخميس اللذين شهدا استمرار القتال العنيف فى المدينة. وأطلقت منظمات ناشطة جرس الإنذار بشأن الوضع فى دافور، حيث تدور معارك دامية، ولا سيما قرب الحدود التشادية. واندلع القتال فى الجنينة قبل خمسة أيام. وتحدثت هيئة محامى دارفور عن ظهور مقاتلين مزودين «رشاشات وقذائف أر بى جى ومضادات طائرات» فى الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وقالت، إنهم «أطلقوا قذائف على المنازل». وكما قالت نقابة الأطباء فى بيان، إن هناك «عمليات نهب وحرق واسعة طالت الأسواق والمرافق الحكومية والصحية ومقرات منظمات طوعية وأممية والبنوك» فى الجنينة. وذكرت أن «الأحداث الدموية لا تزال جارية» فى المدينة «مخلفة عشرات القتلى والجرحى». وتحدثت الأممالمتحدة عن «توزيع أسلحة على المدنيين» فى دارفور. وحذرت الأممالمتحدة التى علقت نشاطها فى السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها فى أولى أيام المعارك، من أن خمسين ألف طفل يعانون «نقص تغذية حاد» ومحرومين من أى مساعدة غذائية فى دارفور. ويصعب الحصول على معلومات دقيقة عما يجرى فى الإقليم الذى شهد فى 2003 حربًا دامية استمرت سنوات بين قوات الرئيس السابق المعزول عمر البشير شاركت فيها قوات الجنجويد (قوات الدعم السريع بقيادة دقلو)، ومتمردون منحدرون من أقليات إثنية، وتسببت بمقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون. فى الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، يبذل الأطباء قصارى جهدهم لتوفير رعاية صحية لعدد كبير من المصابين الذين نقلوا إلى المستشفيات. وقال منسق نشاط منظمة «أطباء بلا حدود» فى الفاشر: «الوضع صعب جدا جدا هنا». وحذرت نقابة الأطباء السودانية الجمعة من أن انهيار نظام الرعاية الصحية فى البلد «وشيك»، فيما يواجه أكثر من 12 ألف مريض خطر الوفاة لأنهم لا يستطيعون الحصول على غسيل كلى منتظم. ووفق إحصاء وزارة الصحة السودانية، أسفرت المعارك عن مقتل 512 شخصًا وجرح 4193 آخرين، لكن حصيلة الضحايا أكبر وفق تقديرات مراقبين. فى الساعات الأخيرة قبل انتهاء هدنة من ثلاثة أيام لم يتم التزامها فعليًا، أعلن الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو موافقتهما مساء الخميس على تمديد وقف إطلاق النار 72 ساعة إضافية، بمساع أمريكية وسعودية. منذ 15 أبريل، أُعلنت هُدن عدة، سجل خلال بعضها تراجع محدود فى حدة المعارك أسهم فى حصول عمليات إجلاء رعايا أجانب، لكن لم يتم التزامها بشكل ثابت. وفى بيان مشترك صدر فى واشنطن، رحب أعضاء الآلية الثلاثية (الاتحاد الإفريقى والهيئة الحكومية للتنمية والأممالمتحدة) والرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة) باستعداد طرفى النزاع «للانخراط فى حوار توصلا إلى وقف دائم للأعمال القتالية وضمان وصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق». وتابع البيان «هذه المرحلة الدبلوماسية الأولية ستسهم فى وقف دائم للأعمال القتالية وفى الترتيبات الإنسانية وتطوير خطة لخفض التصعيد». من جهتها رحبت دول عدة بتمديد اتفاق وقف النار، ودعت إلى تنفيذه بالكامل. وأعلنت مصر أن موفدا من البرهان سيصل السبت الى القاهرة لمقابلة وزير الخارجية سامح شكرى.