أعتقد أن مجلس الشعب يعود اليوم لعقد جلساته بعد أن أجرى فى جلساته الأولى (الإجرائية)، تنصيب السادة رؤساء المجلس ، والوكلاء ، ورؤساء اللجان والأمناء، واستمع المجلس إلى كل انفعالات الأعضاء على مدى ثلاثة أيام، وتعبيرا عن الآراء والتوجهات، القادمون ممثلون لها.. كل هذا على عين شعب مصر ورأسه! اليوم أوجه هذا المقال وكذلك الغد إلى نوابنا المحترمين، بسؤال متى يتحقق حلمنا جميعاً كمصريين، بأن تصبح مصر مؤسسة اقتصادية ضخمة؟ مؤسسة اقتصادية تستغل كل عناصر الاقتصاد على أراضيها، وفى باطن تلك الأراضى، وبحارها، وبحيراتها، ونيلها، والبشر الرائع الذى شاهده العالم فى ميادين مصر، نازعاً الحرية من براثن الاستبداد والقهر والتخلف! هذا الشعب العظيم الذى يعيش فى أرجاء الوطن فى الوادى وعلى السواحل وفى الواحات والصحارى والريف والحضر، الحلم عظيم، وتحقيقه ليس بالشىء الصعب المنال، وليس بعيداً فلسنا أقل مقدرة أو أقل ذكاء من شعوب دول كثيرة تحولت من (مجتمعات بادية) إلى أرقى المجتمعات الاقتصادية فى العالم!. ولسنا ببعيدين عن تجارب أشقاء لنا فى (الإمارات العربية، الكويت، دبى) ولن نذهب بعيداً إلى (ماليزيا، وكوريا الجنوبية، والهند)، فكل ما تحقق فى هذه الدول، لأنهم امتلكوا الإرادة السياسية على تحقيق هذا التحول وهذا التقدم، واستطاعوا تغيير أسلوب حياة إلى أسلوب آخر، بحرية كاملة، ولعل الإرادة السياسية المصرية عادت لأصحابها، عادت للشعب، الذى اختار برلمانه، واختار حريته، ودفع فى سبيل ذلك دماء الشهداء من شبابه وبناته، ولسنا فى حل بأن نزايد على بعضنا البعض، ونضيع الوقت، ونفقد الطريق إلى الهدف، بشعارات مزيفة، وكاذبة، وغير كاشفة عن النوايا، فالشىء الوحيد الذى يجب أن نهتم به كشعب وإدارة جديدة، هو مستقبل هذا الوطن، وأن نمسك زمام الأمور بالجدية والصرامة اللازمين فى تطبيق القانون والحرص على تطبيق قواعد العدل والشفافية دون استثناء، وإعطاء الحرية الكاملة لكل ماهو صالح وكل ما هو قادم لمصلحة الوطن. إن مصر بعد (25 يناير 2012)، وبعد أن فقدنا عاماً كاملاً فى منازعات بلا طائل، وخلافات بلا عقل، أو حكمة، ومعارك على نيل جزء من (كيكة فاسدة) فى الأصل، حيث كل ما ورثناه فى هذا الوطن من عهد بائد، فقر، ومرض، وجهل، وسوء سلوك، ونقص إمكانات، وغياب ضمير، وفساد فى كل أرجاء الإدارة فى البلاد، وغيرها من موبقات اجتماعية. فليس فيما ورثناه شىء يدعو للعراك إلا من اجل إعادة مصر مرة أخرى إلى (تراك) الحياة المعاصرة، ونريد أن نضع مصر على خريطة العالم الذى يسعى للتقدم ويسعى للتفوق ويسعى لرفع المعاناة عن شعوبهم، ونحن نستحق ذلك بجدارة، فقط يجب أن نترك كل ما شاهدناه من اختلافات بعد نجاحنا فى إزالة الغمامة عن عيون مصر يوم (11 فبراير 2011) هذا هو بيت القصيد. على من يتولى الإدارة فى مصر، ومجالسنا النيابية على رأسهم، النظر بسرعة إلى خريطة مصر الحبيبة حيث نعيش منذ القرن الثامن عشر على 4% من أرضها، حينما كان تعداد السكان لا يزيد على ثمانية ملايين نسمة، وأن البلاد قُسِمت تقسيماً إدارياً منذ عهد العثمانيين (محافظات متراصة فوق بعضها)، حيث يقوم ولاة السلطان الحاكم فى (الأستانة) بإدارة شئون البلاد وجنى الجباية ونقلها إلى (عاصمة الخلافة)، ورغم كل ما حققناه على مدى قرنين من الزمان مروراً بعصر «محمد على باشا»، و«الخديو إسماعيل» وحتى «السلطان حسين كامل» و«الملك فؤاد» وحتى انتقال الحكم إلى النظام الجمهورى، مازالت مصر ترزح تحت هذه الفلسفة العثمانية، بتقسيمات جغرافية لمحافظاتها، تعتمد جميعها على مخصصات مالية من الموازنة العامة للدولة (المركزية) وبالتالى ما يتجمع فى تلك المحافظات على المستوى الإقليمى (ضرائب وعوائد وغيرهما) يؤول للخزانة العامة (وما أتفهه) وضآلة حجمه تميزه بالعقم والتخلف فى إدارته! إلى الحديث غداً إن شاء الله ...