كتب: محد فرج - سعد حسين - رمضان أحمد - نسرين صبحي واصلت أمس محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت جلساتها لليوم الخامس علي التوالي لسماع مرافعة فريد الديب عن الرئيس المخلوع ونجليه في قضية قتل المتظاهرين والاستيلاء علي المالالعام واسغلال النفوذ. استكمل الديب مرافعته التي بدأها منذ أيام قائلًا: إن المادة 85 من دستور عام 1971 نصت علي أن يكون اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمي أو بارتكاب جريمة جنائية بناء علي اقتراح ثلث أعضاء مجلس الشعب وبأغلبية الأعضاء يصدر الاتهام ويوقف الرئيس عن عمله بمجرد صدور الاتهام ويحل مكانه مؤقتًا نائب رئيس الجمهورية، وإذا لم يوجد يكون رئيس مجلس الشعب علي أن تتم محاكمة رئيس الجمهورية أمام أمام محكمة خاصة تشكل م 12 عضوًا يتم اختيار «6» منهم من أعضاء مجلس الشعب بالاقتراع و6 آخرين من مستشاري محكمة النقض والاستئناف علي أن يرأس المحكمة أقدم المستشارين. وتنعقد جلساتها في دار القضاء العالي ويباشر الاتهام أمام المحكمة النائب العام وإذا تمت إدانة رئيس الجمهورية أعفي من منصبه. وأضاف الديب أن النص الدستوري واضح وصريح في هذا الإطار بأن رئيس الجمهورية لا تجوز محاكمته إلا أمام محكمة خاصة. حيث أنشأ جهة واحدة مختصة لمحاكمته «محكمة خاصة» تلغي اختصاصات جميع الجهات القضائية الأخري بمحاكمة الرئيس. وأضاف الديب قائلًا هناك فرق كبير بين محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء فالدستور لم تنص مواده القانونية علي أن يحاكم الوزراء أمام محكمة خاصة مثل الرئيس فالرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق إحالة الوزير للمحاكمة عما يقع منه من جرائم ويكون قرار مجلس الشعب بناء علي اقتراح يقدم من خمسة أعضاء علي الأقل. وهذا لا يخل بحق النائب العام والجهات القضائية الأخري في محاكمة الوزير علي خلاف الرئيس، وبذلك تختص المحاكم العادية بمحاكمة الوزراء، كما أن أي تعديل في القانون يكون متعارض مع قانون محاكمة رئيس الجمهورية يكون لاغيًا. وبالنسبة للوزير لا بد أن تكون صفته قائمة كوزير وقت صدور أمر احالته للمحكمة ورفع الديب صوته قائلاً والسؤال هنا هل مبارك مازال بصفته كرئيس للجمهورية حيث تمت إحالته للمحكمة؟ - الإجابة هنا نعم طبقاً لأحكام الدستور فالدستور نص علي أنه إذا أنهي الرئيس حكمه دون أن يتم اختيار الرئيس الجديد لأي سبب يستمر الرئيس السابق في مباشرة الرئاسة حتي يتم اختيار خليفة وفي وضعنا هذا لم يتم حتي يومنا هذا هنا ضجت القاعة بالاعتراض من تجاه محامي المدعين بالحق المدني، ورددوا أن هذه ثورة تلغي القوانين المتعارف عليها وحاول الأمن تهدئتهم لاستكمال الديب المرافعة وأكمل الديب قائلًا يجب أن تكون استقالة رئيس الجمهورية كتابية وتقدم لمجلس الشعب هذا ما نص عليه الدستور وإذا لم تتم استقالته علي الوجه الصحيح سارت غير دستورية واستمر الديب في حديثه مؤكداً أن قانون العقوبات نص علي أن يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من لجأ للعنف أو التهديد أو أي وسيلة أخري غير مشروعة لمنع رئيس الجمهورية من أداء عمله وأوضح الديب قائلًا وفي قضيتنا الرئيس هنا لم يقدم استقالة مكتوبة وكل ما حدث وشاهدناه جميعًا أن عمر سليمان نائبه قرأ بيانًا عبر شاشات التليفزيون تضمن «نظرًا لما تمر به البلاد من ظروف عصيبة قرر محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية» وقد تم نشر هذا البيان في الجريدة الرسمية. وتساءل الديب أمام هيئة المحكمة «هل صحيح أن رئيس الجمهورية يترك منصبه ويستقيل بهذا الشكل غير المطابق لأحكام الدستور مع العلم أن مجلس الشعب كان مازال قائمًا وقتها وفي ذلك التاريخ وكما قال الديب أعرف أن كلامي هذا صادم للكثيرين الذين لا يعرفون أحكام القانون. كما أن الرئيس كلف المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد وليس بالتصرف وبين الإدارة والتصرف فارق فما فعله المجلس بتعطيل بعض أحكام الدستور وحل مجلس الشعب ليس من قواعد الإدارة ولكن التصرف مما يجعلها باطلة، لذلك فإني حريص منذ بداية مرافعتي وحتي آخر لحظة في مرافعتي علي أن أقول الرئيس حسني مبارك وليس السابق وبناء علي كل ما ذكرته أؤكد بطلان جميع التحقيقات وأمر الإحالة وعدم اختصاص محكمة الجنايات في نظر الدعوي التي اختص بها دون غيرها واستثني هذا الأمر من اختصاص المحاكمة العادية وأن تعطيل الدستور غير جائز وأطالب ببراءة المتهمين استناداً لما قلته ولم يتبق سوي الخاتمة التي سأقولها بعد تقديمي لمذكرة الدفاع وبعض المستندات لهيئة المحكمة. وبالفعل قدم فريد الديب مذكرة دفاع تجاوزت أوراقها ما يقرب 300 ورقة وحافظة مستندات ثم بدأ في القاء الخاتمة. قائلاً أود أن أقول بين أيدي حضراتكم لعلي اجتهدت وعملت قدر طاقتي لعلي قد أكون قمت بدوري كمدافع عن مبارك من أجل إعلاء الحقيقة في نطاق القانون وآداب المهنة غير مصغ إلا لصوت الحق والضمير غير ملتفت لهجوم بعض زملائي. وأضاف لم يتبق سوي كلمتين واحدة أمام سيادتكم والأخري أهمس بها لمبارك فأقول للمحكمة نفس ما قاله المرحوم المستشار يحيي الرفاعي الحاضر الغائب في ختام خطبته التي ألقاها عام 1986م في مؤتمر العدالة الذي قام مبارك بافتتاحه قال بكل قوة وشموخ أراد قضاة مصر علي أنفسهم أن يحملوا الأمانة ويرفعوا راية الحقيقة غير مبالين بما يتعرضون له من مكاره فذلك قدرهم ومهمتهم فهم في أداء واجبهم لا يبغون إلا الحقيقة وحدها لا تضعفهم رغبة ولا تثنيهم رهبة لأنهم ينشدون العدل لا يحيدهم شيء عن هذا الطريق واعلموا أن الدنيا بأثرها لا تساوي شيئاً بجانب كلمة حق فاجعلوا حكمكم رسالة سلام. أما مبارك أقول له يا نسر الجو الجريح يا قائد نسور مصر الأبطال في حرب استرداد الكرامة يا من حملت روحك علي كفك وقاتلت من أجل مصر وشعبها ونجاك الله لتستكمل مسيرة الجهاد بنفس الروح والإخلاص ولا تحزن وأنت تفاجأ بغدر من كان يتمني القرب منك وأن تسمع أولادك وأخواتك وقد انقلبوا عليك وانهالوا عليك تجريحًا وسبابًا وانقضوا عليك وأنت أعزل مخالفين قول النبي «لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك». فلا تندم فأنت لست أفضل من رسول الله صي الله عليه وسلم هاجموه أهل مكة وأجبروه علي تركها فتوجه للطائف لعله لا يجد ما وجده عند أهل مكة ولكنه لم يسلم منهم وأهانوه وضربوه هنا توجه الرسول إلي ربه قائلا: أشكو لك ضعفي وقلت حيلتي يا رب لمن تركتني لعدو ملكته أمري إذا لم يكن بي غضب علي فلا أبالي فامتثل يا مبارك وردد دعاء الرسول ليفرج كربك وأُذكرك بأنك أنت الذي قلت في افتتاح مؤتمر العدالة للقضاة مصر «إن قضاة مصر لا ينطقون عن الهوي ولا يحيدون عن الحق». فإذا حكم عليك بالبراءة فأعلم أنها من الله وبأذنه وإذا أدنت فأذهب لساحة التنفيذ راضيا بما قسمه الله لك.