لم يتعمد نظام المخلوع مبارك أن يمحي هوية المواطن المصري ويتآمر عليه بل قصد أيضا تشويه شهدائنا وأبطال الأمة وجنودنا البواسل والدليل علي ذلك قصة الشهيد «سليمان خاطر» ابن قرية إكياد مركز فاقوس بالشرقية.. حيث ترجع قصته لعام 1985 عندما تقدم لأداء الخدمة العسكرية عقب حصوله علي الثانوية العامة، وتم تكليفه بالعمل في حراسة الحدود بمنطقة «رأس برقة» بجنوب سيناء، وأثناء ذلك فوجئ بتسلل مجموعة من الإسرائيليين محاولين تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، وأخبرهم بلغتهم بحظر العبور فيها، إلا أنهم لم يلتفتوا له وواصلوا سيرهم بجوار نقطة الحراسة التي تضم أجهزة وأسلحة خاصة، فخشي من سرقتها وسارع بإطلاق الأعيرة النارية عليهم وقتل 7 منهم، وأصاب شخصين بإصابات خطيرة، لعدم التزامهم بالتعليمات.. ورغم ذلك لم يكافئه مبارك ونظامه علي أداء واجبه الوطني في حماية تراب وحدود الوطن بل صدر قرار جمهوري بموجب قانون الطوارئ بإحالته لمحاكمة عسكرية بعد أن قام بتسليم نفسه للسلطات المصرية، وطعن علي القرار وتم رفض الطعن وكل الالتماسات التي قدمها. صدر حكم بمعاقبة «خاطر» بالأشغال الشاقة المؤبدة في 28 ديسمبر عام 1985 لا لشيء سوي أنه أدي واجبه في حماية الوطن وتم ترحيله للسجن الحربي، ثم نقل لمستشفي السجن بدعوي علاجه من مرض مفاجئ، وفي يوم 7 يناير 1986 تم إبلاغ أسرته بالعثور عليه منتحرًا شنقًا بملاءة سرير داخل حجرته رغم أن الشهيد طلب من شقيقه قبل استشهاده بيوم كتب القانون للمذاكرة مما يؤكد عدم اعتزامه التخلص من حياته بل تخلصوا منه وأذيع خبر وفاته في وسائل الإعلام المختلفة. السيدة محمد خاطر والدة الشهيد التي أصيبت بالعجز وعدم القدرة علي الحركة فور علمها بنبأ وفاة سليمان أصغر أبنائها، قالت: إنها تحمد الله سبحانه وتعالي إن أطال في عمرها حتي رأت قتلة ابنها، محبوسين أذلاء مثلما فعلوا بهم جميعا، حيث كان يتم إحياء الذكري السنوية للشهيد وسط حصار سيارات الأمن المركزي التي كانت تمنع وصول أي شخص لهم وتشكر شباب مصر علي ثورتهم المجيدة في تحرير مصر وإتاحة الفرصة في تكريم شهدائنا والاحتفاء بهم وأضافت: حرموني من فلذة كبدي وحرقوا قلبي عليه، ولن تنطفئ النيران المشتعلة في قلبي علي ولدي إلا بعد الحكم بإعدام جميع رموز النظام السابق. شقيق الشهيد الأكبر «عبدالمنعم» 61 عاما، يقول وهو في حالة لا يحسد عليها: لقد عشنا سنوات طويلة من الذل والهوان حيث لم يسمح لأي فرد من أسرة الشهيد بالتقدم لأي مسابقة وظيفية للحصول علي فرصة عمل، وكان يتم استبعاد أي فرد يمت بصلة قرابة له، بل أنه تم استبعاد عدد منهم من أداء الخدمة العسكرية، وكأننا والشهيد كنا خائنين للوطن. وأشار إلي أنه عقب دفن جثمان شقيقي في مقابر الأسرة بالقرية، فشلنا في إحياء الذكري السنوية له علي مدي السنوات الطويلة الماضية حيث كانت سيارات الأمن المركزي تحاصر القرية. وقال: لا يعقل أن نعيش في رعب داخل وطننا؟ ونحن إخوة الشهيد الذي ضحي بنفسه من أجل غيرته علي تراب مصر وعزتها والمفاجأة التي لابد أن يعلمها الجميع أن إسرائيل كانت تعتزم سرقة جثمان شقيقي للتمثيل به والانتقام منه، فسارعنا بإقامة طوق حديدي حول مقبرته، وبناء حوائط خرسانية فوقها، وتمت إحاطتها بحجرة ذات باب حديدي وظللنا شهوراً عديدة نتناوب وأهل القرية حراستها. وأضاف «سليمان عبدالمنعم» ابن شقيق الشهيد: لقد شاركت مع الثوار في ميدان التحرير ليالي طويلة لحرية البلد وتحريرها وهذا الأهم والأعظم وأيضًا من أجل القصاص لهذا الشهيد بصرف النظر عن صلة القرابة التي تربطني به حيث تم اغتياله وعمري 9 سنوات. الدكتور عزازي علي عزازي محافظ الشرقية، وخلال حضوره الاحتفال بالذكري السادسة والعشرين لاستشهاد سليمان خاطر ابن قريته، لم يسعه إلا أن يعرب عن فرحته بمجيء هذا اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكري الشهيد سليمان خاطر أمام العالم بعد سنوات عجاف من قهر وكبت من جانب رجالات النظام في إخفاء اسم هذا البطل وتجاهله وآن الأوان لكي يعرف العالم قيمة العمل الذي قام به ابن محافظة الشرقية أثناء تأديته للخدمة العسكرية، وأن يتم تكريم شهداء الوطن الحقيقيين.