هل تتخيل أن فاتورة تنظيف مستشفي قصر العيني تصل إلي 12 مليون جنيه سنوياً؟ وإذا تقبلنا هذا المبلغ المبالغ فيه فإن علينا أن نتوقع وجود أعلي مستوي عالمي من النظافة في هذا المكان لكن للأسف قلعة الطب في مصر تحولت إلي مقلب للقمامة.. الزبالة في كل مكان والسرنجات ملقاه في الممرات والمرضي ملقون في شوارع المستشفي. إنها مهزلة فاتورة تنظيف مستشفيات قصر العيني القديم والتي تصل إلي 12 مليون جنيه سنويا أي ما يقرب من 33 ألف جنيه يوميا تبدأ مأساة القصر بعقد الممارسة العامة لجميع أعمال النظافة والتي رسيت علي شركتي كير سيرفيس وباراجون وبدأ العمل في فبراير الماضي. كان أمر الاسناد الأول رقم 2011/2010/10/106 ذلك الذي صدر لشركة كير سيرفيس بإجمالي 3 ملايين و831 ألفاً ومائتين وثمانية وثمانين جنيها سنويا مقسمة شهريا إلي 00 5 و57 الف جنيه لتنظيف مستشفي الاستقبال والطوارئ و40.650 ألف جنيه لمستشفي امراض الباطنة فضلا عن 24.400 ألف جنيه لمركز علاج الأورام و111 و24 ألف جنيه لتنظيف مستشفي الطب النفسي وأبوالريش يتم تنظيفه ب650 و. 59 ألف جنيه والعيادات الخارجية 42 ألفاً ومائتين وستة عشر جنيها وأخيرا 70.744 ألف جنيه لمستشفي الأطفال الجامعي. وأمر الاسناد رقم 2011/2010/265 لشركة باراجون بقيمة 3 ملايين و701 الف ومائتين واثنين وثلاثين جنيهاً سنويا تشمل مستشفي المنيل الجامعي بحري وقبلي، وأمر اسناد لكير سيرفيس رقم 2011/2010/264 بمنح شركة كيرسيرفيس 2 مليون و543 ألف جنيه وثمانمائة وثمانين جنيها سنويا وذلك مقسم شهريا إلي 83 ألف جنيه لتنظيف مستشفي المنيل التخصصي القبلي والبحري، ومستشقي أمراض النساء ب80 ألفاً وخمسمائة جنيه والمركز الطبي الوقائي 13 ألف جنيه ومركز السموم 35.500 ألف جنيه. هذا بجانب العمليات سنويا مليون وستمائة وثلاثين ألفاً ومائة واثنين وخمسون جنيه أي بإجمالي 11 مليوناً و706 آلاف وخمسمائة واثنين وخمسين جنيه. وكان من المفترض أن تقوم هذه الشركات بتنظيف جميع الممرات والسلالم والأقسام الإدارية والفنية بجانب دورات المياه والجدران وجميع الواجهات والمكاتب وذلك يوميا لمدة عام. ولم يكن انتشار القاذورات أمرا خفيا أو مؤقتا فقد تقدم عدد من مديري الوحدات بشكاوي لسيادة أ.د.مدير عام المستشفيات في إبريل الماضي والتي تشكو أن شركة النظافة تترك أكياس المخلفات أمام السويتش العمومي للمستشفي وتكررت الشكوي من إلقاء المخلفات من أجهزة محاليل وأكياس جمع البول وسرنجات من أعلي بجوار تانك الأوكسجين وهذا يؤدي لتعرض وحدة العمل بالنظافة لأمراض مزمنة ولكن لم تستجب إدارة قصر العيني لهذه الشكاوي ونطرح التساؤل لماذا تم تجاهل هذه الشكاوي؟ ولماذا لم تتم محاسبة المسئولين عن هذا الفساد المتعمد والظاهر جليا وهم سيادة مدير عام الشئون الهندسية/ مهندسة فريدة محمد محمود وسيادة أ.د. جهاد أبوالعطا بصفته نائب مدير عام المستشفيات لمكافحة العدوي وسيادة أ.د.بهيرة سعيد مسئول مكافحة العدوي وسيادة أ.د.نوران مستشار العميد السابق؟ علي الجانب الآخر عند لقائنا بمجموعة من عمال الخدمات بقصر العيني رفضوا ذكر أسمائهم أكدوا انهم واظبوا علي تنظيف مستشفيات قصر العيني لسنوات طويلة وكان فيها القصر في افضل أحواله وكان ذلك بملاليم وأكدوا: "لم نكن نتقاضي أكثر من راتبنا ولكننا كنا حريصين علي عملنا حتي تعاقد القصر مع هذه الشركات التي طردتنا لتأتي بالعمالة غير المدربة والتي كثيرا ما تعمل في التمريض لسد العجز فما هو الداعي فنحن عمال نطالب بالتعيين ومستعدون لتنظيف القصر مجانا ولن يتكبد القصر من تعيينا أكثر من 10 آلاف جنيه مقابل دفعهم مليون جنيه شهريا" خاصة أن لدينا العديد من معدات النظافة الحديثة التي تم شراؤها بما يوازي 110 آلاف جنيه وتم صرفها من المخازن العمومية وموجودة عند المسئول الإداري عن النظافة بالمستشفيات في كراتينها وخير مثال علي ذلك مستشفي المنيل التخصصي حيث رفض سيادة أ.د.مدير المستشفي التعاقد مع هذه الشركات بهذه المبالغ الباهظة وأسند أعمال النظافة للعمالة الموجودة بالمستشفي باستخدام معدات المستشفي. أما الطامة الكبري فكانت في عجز قصرالعيني القديم استقبال عدد من الحالات المرضية نظرا لقلة عدد السرائر فكانت النتيجة نومهم لأيام في حديقة القصر فها هو "سهيل محمد "23 عاما والذي أصيب في أحد مصانع الوادي الجديد وتخلي عنه صاحب المصنع والأهل وظل نائماً في الحديقة لأكثر من 5 أيام يرعاه مريض آخر مصاب بفيروس «C» حتي يأتي عليه الدور ويتم الكشف عليه ويتم خلع جهاز القدم، ناهيك عن اطفال تموت بالمستشفيات من قلة الحضانات يوميا (ثمن الحضانة حوالي 33 ألف جنيه أي أن قصر العيني يتم تنظيفه بثمن حضانة يوميا وليصرخ لسان حال الواقع ننظف بثمن حضانة وأطفالنا تموت). هذا بخلاف أن إهدار مبلغ 12 مليون جنيه سنويا في هذه النظافة الوهمية قد يحل جزئيا مشكلة البطالة بتعيين 12 ألف موظف أو عامل سنويا براتب يصل إلي ألف جنيه شهريا. ولقد اندهشت عندما قرأت عن مبادرة طلبة كلية طب قصر العيني بإحدي الصحف المصرية "جنيه مني وجنيه منك".. مشروع لتطوير قصر العيني بشراء الأجهزة الناقصة والأدوية بالتبرعات وأترك لكم التعليق! ولعل ما تمر به بلادنا الغالية من ظروف اقتصادية صعبة جدير بالحرص علي المال العام والحفاظ عليه من الإهدار. إنه نداء ل د.حسين خيري عميد كلية طب قصر العيني المنتخب حاليا لما عرف عنه من تفان في العمل وحب للمرضي والطلاب أنقذ قلعة الطب من الفساد الذي شاع في الأروقة وأطاح بالمرضي وذويهم وانتشر حتي طفح الكيل.