"بعد الثورة أصبح تدخل بعض أصحاب الأفكار الرجعية مدهشا وغريبا في الأنشطة الفنية والأدبية لمشروع مسرح الجرن"، هكذا وصف المخرج المسرحي أحمد إسماعيل المشرف الفني العام علي المشروع تدخل مجموعة من السلفيين لمنع إقامة الحفل الختامي لمشروع "مسرح الجرن" بإحدي مدارس محافظة مرسي مطروح، حينما كان يحكي عن التحديات التي تواجهه في عمله. كان إسماعيل قد ذكر تلك الواقعة، ليدلل بها علي خطورة التيار السلفي أمام الحضور في اللقاء الذي عقده وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازي منذ أيام بورشة الزيتون للاستماع لمشكلات المثقفين، وعاد إسماعيل ليثير تلك المشكلة خاصة بعد صدور كتاب "مسرح الجرن..حصاد المرحلة الثانية 2009-2010" حديثا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهو توثيق لأعمال المشروع في مرحلته الثانية بعد مرحلته الأولي عامي 2007-2008، ويركز بالأساس علي تفعيل سبعة أنشطة لطلاب المدارس الإعدادية في بعض القري بكل محافظة، وهي (القصة -الشعر -جمع حكايات القرية -الألعاب الشعبية -الأغاني الشعبية -الفنون التشكيلية -التجربة المسرحية)، وذلك بالتعاون بين الهيئة العامة لقصور الثقافة والإدارة المركزية للخدمات التربوية بوزارة التربية والتعليم. يقول إسماعيل: كان هناك تدخل دائم عن طريق الثقافة السائدة في القري والتي تدعو في جانب منها إلي تحريم الآداب والفنون، وكنا نستطيع أن نواجهها بالمنطق والحكمة والمناقشة، وتعودنا علي مواجهة هذا الأمر من خلال الطلاب أنفسهم، أو بعض مدرسي المدارس، لكن بعد أحداث الثورة، حدث أن ذهبًا مجموعة من السلفيين إلي مدرسة رأس الحكمة الإعدادية بمرسي مطروح، وقالوا نحن أولياء أمور طلبة هذه المدرسة وسنمنع إقامة الحفل الختامي لما تفعلونه، فقابلهم مدير عام فرع الثقافة مرتين وحاول إقناعهم بأن هذا النشاط مفيد في التنمية الثقافية للتلاميذ ولمواهبهم، إلا أنهم رفضوا رفضا تاما، منوهين إلي أن ما نقوم به من نشاط ضد عاداتهم وتقاليدهم، وقالوا بما معناه "نحن الذين نحكم الآن". وأضاف: كيف يكون ما نفعله ضد العادات والتقاليد، نحن كنا نقدم في هذه المدرسة 3 أنشطة وهي الغناء الشعبي النابع من العادات والتقاليد والفنون التشكيلية من وحي البيئة التي يعيش فيها الطلاب، حيث يرسمون ويستعملون في نحتهم وألعابهم أدوات من بيئتهم، فيساعدهم ذلك علي تعميق ارتباطهم بالبيئة، وكذلك عمل مسرحية عن رؤية الأولاد لواقع حياتهم ومشكلاتهم، بما يساعدهم في التخلص من بعض المنغصات النفسية التي يعانون منها وليتعلموا أدب الحوار فيما بينهم، فأين التعارض مع العادات والتقاليد في إقامة تلك الأنشطة؟!". ويؤكد إسماعيل أن كلمة العادات والتقاليد هذه كلمة مهذبة للفكر السلفي الوهابي، وأن ما فعلوه جاء استغلالا لغياب الأمن، وأشار إلي أنه تقدم بطلب لوزير الثقافة كي يخاطب وزير التربية والتعليم لتوسيع النشاط ليشمل 10 مدارس إعدادية في عشر قري في كل محافظة كل عام، تمهيدا لتغطية كافة المدارس الإعدادية في مصر خلال السنوات القليلة المقبلة وبما يتماشي مع سعي الثورة لتحقيق النمو الفكري ومحاربة كل أنواع التخلف، وأكد أن المشروع ليس غرضه تخريج فنانين وإنما هدفه تنمية وتجسيد مجموعة من القيم العليا الأساسية من خلال الأنشطة الفنية والأدبية. اتهم إسماعيل بعض مديري المدارس والإدارت التعليمية بمنع إقامة الأنشطة في بعض المدارس بدون إبداء أسباب واضحة، أو الإدعاء بأن السبب هم اولياء الأمور الذين يخافون علي وقت طلابهم التعليمي، وقال: النشاط يتم تقديمه أثناء "الفسحة"، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم ولا دخل لأولياء الأمور في العملية التعليمية، وهذه أسباب واهنة، أما الأسباب الحقيقية فمازالت غامضة".