المتابع للأحداث اليومية التي تجري في مصر, يري شيئاً غريباً علي مجتمعنا شيء غريب أصاب سلوك أهل بلدي! ومن القراءة السريعة في جرائدنا سواء معارضة أو خاصة وكذلك ما تعرف بالقومية (الحكومية)! سنرصد أن مصر انقسمت إلي مجموعات غاضبة، فصائل من الطوائف الغاضبة «محامون، قضاة أساتذة، جامعات، طلاب» وغيرهم، الكل غاضب والجميع يريد أن يعبر عن غضبه، وفي الجانب الآخر هناك قوي للأمن مكلفة بحماية الوطن وكذلك إطفاء حرائقه، ولكن السؤال: من الذي يجب أن يمنع الحرائق وأن يهدئ من روع الغاضبين؟ من الذي يجب أن يعيد مصر المحروسة إلي شاطئ الأمان والمحبة والود؟ والسعي للبناء والتنمية, وإعادة صياغة الحياة وتحسين جودتها من الذي يستطيع أن يعيد التوازن بين القوي والفصائل الغاضبة في كل طوائف المجتمع؟ إن ما يحدث في المحروسة شيء يدعو للقلق الشديد قلق أكثر مما أحسسنا به في أيام سوداء من نوفمبر 1956 أثناء العدوان الثلاثي علي مصر وفي الأيام الستة السوداء الأخري من يونيو عام 1967، ورغم ذلك كانت تلك الوقفة للمصريين (كتف بكتف) يوم 6 أكتوبر عام 1973 لتحقيق أغلي انتصار في الحياة المعاصرة, ولكن اليوم، هذا الغضب الذي يملأ الشوارع، غضب مهني واجتماعي، وغضب، من تمييز واضح في المعاملة بين المصريين كل هذا الغضب وتناميه وترك المسئولية لصده من أجهزة الأمن المنوط بها حفظ النظام العام ، «شديد الخطورة !!». فهل نحن في احتياج لكارثة قومية حتي نجتمع كلنا كمصريين أمام الكارثة مثلما كان يحدث في الأزمنة القديمة حينما كان يهاجم فيضان النيل كل أراضي وعمران المحروسة، أو كما حدث أثناء الغزو الأجنبي لمصر، فهل نحن كنا في احتياج لمصيبة كبري، كما حدث ليلة الأول من يناير هذا العام حينما أصاب الإرهاب بجريمته قلب المصريين في «كنيسة القديسين بالإسكندرية»، لكي تلتهب المشاعر، وتشرئب الأعناق وتخطف القلوب، حينما وجدنا أنفسنا علي شفا الدخول إلي جهنم جميعاً كمصريين، لقد اقترب الإرهاب من تحقيق هدفه, أن يضرب المصريين في مقتل، حينما نجد هذا الحقد كله في «الإسكندرية» بين شطي الدين «مسجد وكنيسة» بالمواجهه في حيز 10 أمتار عرض الشارع، لقد اقترب الإرهاب من قلب الوطن بإصابة بالغة العنف، وإن كان الضحايا في هذه الجريمة أقل بكثير من ضحايا العبارة التي غرقت في البحر الأحمر حاملة أكثر من 1000 مصري، إلا أن الغضب في جريمة «الإسكندرية» اقترب من شريان رئيسي في جسد الأمة عن غيره من جرائم، هل كنا في احتياج لهذه الجريمة، لكي نستدعي كشعب (الهلال والصليب) ورموز ثورة 1919؟ هل نحن في احتياج لمصائب لكي نجتمع علي الخير كأمة مصرية؟ هذا ما يجب أن تتفاعل معه كل «وسائط» الوطن من مفكرين وسياسيين ومنفذين لتلك السياسات نحن في أشد الاحتياج لرفع فتيل التفجير من قنبلة زمنية متروكة في مكان ما بالقرب من قلب الوطن! هذا المقال تم نشره يوم الأحد 16 يناير 2011.