ماذا نريد من العهد الجديد؟ ماذا نريد لبلادنا؟ ماذا نريد أن نكون؟ هذه أسئلة من عشرات وآلاف الأسئلة التي تتردد بين المصريين، بعد تحرير مصر من عصر سيطر عليه نظام فقد عقله في العشر سنوات الأخيرة، نظام لم يقتنع بأصوات عاقلة بداخله وأنبأته عبر وسائل متعددة سواء في جلسات نقاش أو في مؤتمرات أو حتي في كتابات مهذبة، احترمت فيه أنه الرمز والقيادة وبجانب العصا التي بيده كان لها أيضاً دور في عدم المواجهة، حيث شاهد الجميع رءوس الذئاب الطائرة، ولكن استبد النظام برأيه واستعلي علي الشعب، بل وازدري كل الصادقين ممن كانوا حتي في مشهد النظام كمؤسسات سياسية أو صحفية أو إعلامية أو مؤسسات الرأي المدنية، كل ذلك تشهد عليه الأمة وتشهد عليه الأحداث وتشهد عليه الكتب والجرائد والإعلام المسجل، في مواقف متعددة ومع ذلك فإن سقوط النظام وبداية عهد جديد في مصر يتطلب من المخلصين جميعاً أن يتقدموا الصفوف خاصة هؤلاء أصحاب الرأي وأصحاب الرؤي، كل في تخصصه ، كل فيما يعلمه ويعرفه، ويمتهنه، فمصر اليوم في أشد الاحتياج لكل جهود أبنائها ، كل الشعب، كل الناس، ليس فئة محددة منهم. العهد الجديد يتطلب أن نقدم فكرة ونقدم عملا وإخلاصا وإتقانا فيما نقوم به. هذا العهد الذي تتسلسل فيه الأحداث طبقاً لجداول زمنية وإجراءات معينة حتي نصل إلي تشكيل هيكل الحكومة القادمة والبرلمان القادم ومنصب رئيس الجمهورية القادم، وكذلك إدارات للأقاليم تعتمد علي الكفاءة ومجالس محلية معبرة عن شعوب تلك الأقاليم وتحافظ علي نموها وعدالة توزيع الخدمات قبل توزيع الدخل فيها بين أفرادها. عهد جديد سوف تختفي فيه المحسوبية ومكافأة نهاية الخدمة لتولي الوظائف العليا في البلاد، والاهتمام بالكفاءات والمهارات وتقديم النابهين من أبناء هذا الوطن للصفوف، والاهتمام بالتعليم وبأجيال مصر القادمة، ووضع أطر وضوابط لإيقاع الحياة في ربوع مصر كلها. عهد جديد في مصر تتوافق فيه كل الأطياف السياسية والدينية، شعب مصر الذي أثبت خلال ثورته أنه نسيج واحد لا فرق بين مسلم وقبطي وصعيدي وبحري ، متعلم وأمي، صانع وعالم، فنان وحرفي، كل المصريين اثبتوا خلال ثورتهم وإطالة مدة تخلي الرئيس مبارك عن منصب الرئاسة ، وبالتالي سقوط النظام، هذه الفترة التي طالت ثمانية عشر يوماً جعلت هذا الشعب ينصهر في بوتقة الوطنية المصرية، هذه الفترة التي جعلت من شعب مصر هو القائم علي توفير الأمن في شوارعه وميادينه ، وهو القائم والمسئول عن توفير الأمان لأبنائه بجانب القيام بأداء وظيفته وعمله - وكذلك يد أخري تقف في الميادين التي أشهرها ورمزها "ميدان التحرير" لكي يتشبث بإسقاط النظام. شكراً للنظام السابق لقيامه بتقديم هذه التمثيلية الهزلية التي كان في الإمكان أن تنطلي علي شعب مصر، وأراد الله وما أراده حدث، ولتكن مصر في عهدها الجديد تلك الدولة البرلمانية الديمقراطية التي يتساوي فيها كل أبناء الوطن بالحق في الواجبات والمستحقات!!