قال د.سالم عبدالجليل رئيس قطاع الدعوة بالأوقاف في بيان أرسله إلي الدعاة في مصر لكي يتم الاستعانة به في خطبة الجمعة والدروس اليومية أن مصر تمر بمرحلة خطيرة وتحول كبير، ويعيش أبناؤها فترة حرجة، ويتساءل الجميع عن هذه المتغيرات وموقف الشريعة الاسلامية منها، من هنا وجدت من واجبي أن أبين عدة حقائق أولها أن الحرية من أعظم القيم الإنسانية هي من أعظم ما ينشده الإنسان في هذه الحياة الحرية ولذلك جعل الاسلام الحرية من أخص الخصائص الانسانية وأهم حقوقه المكفولة له، وجعل الناس أحرارا، وحتي في اختيار العقيدة وليس في مجرد الافكار والتصورات، فكفل لهم حرية الاعتقاد وقرر حق كل إنسان في أداء شعائر دينية، قال تعالي: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».. (الكهف:129). بالاضافة إلي أن حرية التعبير مكفولة للجميع من ثمرات الحرية التي أقرها الدين حرية التعبير بشرط ألا تتحول إلي فوضي أو افساد في الأرض أو اساءة إلي أحد أو تدمير للممتلكات قال تعالي: «ولا تفسدوا في الأرض بعد اصلاحها» (الأعراف: 56)، كما أكد احترام الانسان حتي وإن كان مخالفا في الرأي أو الاعتقاد، فلا يجوز الاعتداء علي جسده أو عقله أو عرضه أو ماله، باعتبارها مقاصد الشريعة الاسلامية والتي أكدتها كل الشرائع السماوية، واحترام المخالف في الرأي أمر فرضه الاسلام حيث إننا نحترمه لآدميته وليس لأرائه. والأمن ضد الخوف، وهو: عدم توقع مكروه في الزمان الآتي والأمن للفرد والمجتمع والدولة من أهم مقومات الحياة، إذ به يطمئن الناس علي دينهم وأموالهم وأنفسهم وأعراضهم ويتفرغون لما يصلح أمرهم ويرفع شأنهم وشأن مجتمعهم، ولا يتحقق الأمن إلا بنظام يمنع الفوضي ويحرس الدين والدنيا وتتعلق به مسئوليته. والأمن مقصود في شريعة الاسلام في عباداته ومعاملاته علي حد سواء، فالعبادة يقصد بها سلامة النفس والمال والعرض والدين والعقل، وهي الضرورات التي لابد من حفظها لقيام مصالح الدين والدنيا، وقد اتفق الفقهاء علي أن أمن الانسان علي نفسه وماله وعرضه شرط في تكليفه بالعبادات، لأن المحافظة علي النفوس والاعضاء للقيام بمصالح الدنيا والآخرة أولي من تعريضها للضرر بسبب العبادة.. ويلاحظ هذا في كثير من العبادات، فيسقط عن الخائف شرط استقبال القبلة ويصلي علي حاله، وكذلك صلاة الجمعة مع فرضيتها تسقط عن الخائف علي نفسه أو ماله، وتسقط صلاة الجماعة عن المسلم عند عدم تحقق الأمن علي نفسه أو ماله. ولذلك فإن التغيير سنة من سنن الله تعالي ومضت سنة الله عز وجل أنه لا يغير حال قوم حتي يبدلوا ويغيروا ما بأنفسهم. والتداول سنة أخري وفي ضوء سنة التغيير تأتي سنة المداولة بين الناس من الشدة إلي الرخاء، ومن الرخاء إلي الشدة، ومن النصر إلي الهزيمة، ومن الهزيمة إلي النصر. ولذلك فإن التغيير السلمي مطلوب بأدابه لايفهم من كلامنا السابق أنا نرضي بالذل والهوان والاستبعاد، أو أننا لا نبحث عن الحياة الافضل في ظل حرية منضبطة بأدابها، بل التغيير في الواقع المهين والانتقال إلي الوضع الأحسن والثورة علي الظلم والقهر والاستعباد والاستبداد مطلوب شرعا، بشرط أن يكون سلميا لا يؤدي إلي سفك الدماء وهتك الاعراض، وهو داخل ضمن حديث النبي صلي الله عليه وسلم: «من رأي منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» ويجب أن ينظر في ماله أعني ما يترتب عليه كما هو مفهوم الحديث وهذا يعني دراسة للواقع المراد تغييره، وتأمين عملية التغيير حتي لاتحدث الفوضي ويحل الخراب والدمار. كما أن طاعة ولي الأمر واجبة علي كل مسلم ومسلمة بنص كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله وإلي الرسول» واتفق المفسرون علي أن طاعة الله مطلقة وطاعة رسوله مطلقة، لكن طاعة ولي الأمر مقيدة بالمعروف.. فلا سمع ولا طاعة في المعصية والخطأ.