فى إطار فعاليات معرض تونس الدولى للكتاب، الذى تحل عليه مصر ضيف شرف هذا العام، استضاف الجناح المصرى بالمعرض ندوتين، الأولى تحدث فيها الناقد الدكتور محمد بدوى عن مستقبل الثورة ومستقبل الثقافة، والثانية تحدث فيها هشام قشطة عن مجلة «الكتابة الأخرى». قال الدكتور بدوي: الثقافة هى أضعف حلقات المجتمع العربى، ولا أحد يستطيع أن يؤكد او ينفى إمكانية وجود مستقبل للثقافة العربية، وأرى أن الثورة التونسية والمصرية لهما خصوصية تميزهما عن غيرهما، هناك قلق عميق يجتاح المثقفين والمبدعين العرب على الإبداع ومستقبل الثقافة، وأتصور أننا لا نواجهه بمستوى جيد من الجرأة، فالمفكر عمله أن يستأنف الأسئلة التى بدأ الناس إجابتها اجابات بديهية، وهذه اشكالية قديمة فى الجنس البشرى.
وأضاف بدوى: الفرنسيون علموا العالم السياسة فى الثورة الفرنسية، والبرجوازية هى التى صنعت الدولة فى فرنسا، والثورات تصنعها كتل دولية كبيرة، ولكن فى مصر ليس عندنا ذلك، فمحمد على باشا انتبه إلى اقتراب سقوط الدولة العثمانية فبدأ فى صناعة دولته، لكن لم تكتمل هذه الدولة لأسباب كثيرة، والإشكالية الأساسية هى الاصالة والمعاصرة، مثلا فى تبرير المسرح والسينما فى مصر يجب أن يتناول شيئا ينشط الأخلاق ويدافع عن الفكر والقيم حتى يستطيع المجتمع أن يقبله، ولا يستطيع المبدع أن يخترق القيم السائدة حتى لو كان فى قصة أو رواية، وعند ترجمة النص كان يحذف بعض الجمل، ولذلك الثقافة أضعف حلقات المجتمع العربى، ولهذا أضعف الحلقات هو مبدأ الحرية، ودخول العرب فى الحداثة فيه مراوغة لهذه الحداثة، وهذه هى إشكالية المبدع العربى، وهى الإشكالية التى تتجلى فى أن لدينا ازدواجًا فى ثقافة ترغب فى الشاعر وتخاف منه، والخطأ الأساسى هنا أننا نعرض الفن لمعيار الصدق والكذب بالمعنى الأخلاقى، كما حدث فى «أولاد حارتنا»، فالحداثة أنجزت أن يعيد المبدع كتابة التاريخ كما يريد، ومحفوظ أراد إعادة كتاب التاريخ الدينى بشكل مختلف، والخطأ الذى حدث هو الصراع التقليدى بين ما هو دينى وما هو دنيوى، بين السياسى والمقدس.
أما هشام قشطة فتحدث عن مجلة «الكتابة الأخرى» الذى بدأ حديثه قائلاً: إن العدد مهد الى قيمتين كبيرتين فنيا، حق لنا ووجب علينا أن نقترب منهما فى مصر وتونس وهما الشيخ إمام عيسى وأحمد فؤاد نجم.
وتابع قشطة: يقال أن تونس بداية لأشياء كثيرة فأيقنا أننا أمام تعريف حقيقى للعدالة الاجتماعية والكرامة والحرية وحق لنا أن نقترب من هذه الثقافة التى أهدتنا هذه الإشارات، نقترب من بلد حقق مواطنوه أشياء كثيرة نحو تحرير المرأة وهم يرون أن ما تحقق ما هو إلا خطوة أولى فى طريق طويل غايته الثورة، بلد امتلك هذا الخيال فهو قادر على استكمال المشوار، فقد كان الإنسان التونسى بهيا حين أعلن الثورة وسوف يكون أبهى عندما تكتمل أهدافها.
وأضاف قشطة: نقترب من تونس ومن المرأة التونسية التى تعتبر أهم عناصر الثورة مطالبة بحقوق أكثر مما يحسدها عليها آخرون، ونقترب من مجتمع ومن لغة اهل الفن الذين يعتبرون أن سقف الإبداع لا نهاية له ولابد أن ننحو نحو تجاوز الخطوط الحمراء وننشر الإبداع الخاص للتونسيين، ونقترب من تونس وشهداء ثورتها ونعدهم بنجاح الثورة التى دفعوا دماءهم ثمنا لها ونذكر ان الثورة ليست بعلو الصوت أو الظهور الفج فى الفضائيات وإنما بالعمل.