أكد الناقد د. محمد بدوى أن الثقافة هى أضعف حلقات المجتمع العربى وأن لا أحد يستطيع أن يؤكد أو ينفى إمكانية وجود مستقبل للثقافة العربية ، جاء ذلك فى لقائه بجمهور معرض تونس الدولى للكتاب الذى تحل عليه مصر ضيف شرف هذا العام، وأدار اللقاء الشاعر آدم فتحى قائلا: قبل عشر سنوات كنت اتجول فى شوارع القاهرة ولفتنى كتاب بعنوان "بلاغة الكذب" للدكتور محمد بدوى واخذت اتصفحه وكان يتحدث عن امه وتقول له ان الشاعر الذى يسرف فى الكذب هو الشاعر الاعمى وقرأت الكتاب اكثر من مرة واتابع من وقتها كل ما يكتبه د. محمد بدوى، والكتاب موضوعه طريف ، ومن يتتبع سيرة الرجل يجده مهتما بالنصوص التى تخرج عن المألوف ويتجلى هذا الخروج عن المألوف بداية من رسالة الماجستير عندما قرر ان يهتم بالشاعر الكبير صلاح عبد الصبور ،وهذا الخروج واضح من خلال الأفكار التى يعبر عنها وواضح من خلال النصوص ، وأضاف عبد الفتاح أن أبناء جيل الثورة وجدوا طبقات من القيود اوجدت فيهم رغبة فى التحرر ،و د.بدوى من أولئك الذين وجدوا طريقا سلسا واستطاع ان يخلق من جذوره أجنحة ويتجلى ذلك فى كل كتاباته ، وهو رئيس تحرير مجلة فصول واستطاع ان يفرض بصمته فى صلح تام بين جذوره وأجنحته وهو كاتب مبدع . وتحدث د.محمد بدوى عن مستقبل الثورات نفسها ومستقبل الثقافة بعد ثورات الربيع العربى قائلا أرى أن الثورة التونسية والمصرية لهما خصوصية تميزهما عن غيرهما ، وأضاف د. بدوى عن مصر قائلا ان الفكرة الاساسية هى أن هناك قلقا عميقا يجتاح المثقفين والمبدعين العرب واقصد هؤلاء من ينتجون المعرفة تجتاحهم نوبات شديدة من القلق على الابداع هذا القلق على مستقبل الثقافة اتصور أننا لا نواجهه بمستوى جيد من الجرأة فالمفكر عمله أن يستأنف الأسئلة التى بدأ الناس أجابتها أجابات بديهية وهذه اشكالية قديمة فى الجنس البشرى وتجلت جذورها عميقة جدا وأصبحت اشكالية شديدة التعقيد ، وأضاف بدوى بأن العرب يحبون الشعر والابداع لكن الشاعر دائما معرضا للخطأ لأن الشاعر لا يمكنه أن يتلقى معرفته من كائن اخر ، الهم الاساسى للفنان والمبدع هو مساءلة الوجود البشرى ولذلك عمله ان يستانف الاسئلة التى تصور الناس ان اجابتها بديهية ، الفرنسيين علموا العالم السياسة فى الثورة الفرنسية والبرجوازية هى التى صنعت الدولة فى فرنسا ، والثورات تصنعها كتل دولية كبيرة ولكن فى مصر ليس عندنا ذلك فمحمد على التقط ان مسار الدولة العثمانية الى انهيار وبدأ فى صناعة الدولة ولكن لم تكتمل هذه الدولة لأسباب كثيرة ، والإشكالية الأساسية هى الاصالة والمعاصرة مثلا فى تبرير المسرح والسينما فى مصر يجب ان يتناول شيئا ينشط الاخلاق ويدافع عن الفكر والقيم حتى يستطيع المجتمع ان يقبله ، ولا يستطيع المبدع ان يخترق القيم السائدة حتى لو كان فى قصة او رواية وعند ترجمة النص كان يحذف بعض الجمل، ولذلك الثقافة اضعف حلقات المجتمع العربى ولهذا اضعف الحلقات هو مبدأ الحرية ،ودخول العرب فى الحداثة فيه مراوغة لهذه الحداثة وهذه هى اشكالية المبدع العربى وهذه الاشكالية دائما تتجلى فى أن لدينا ازدواج فى ثقافة ترغب فى الشاعر وتخاف منه والخطأ الاساسى هنا اننا نعرض الفن لمعيار الصدق والكذب بالمعنى الاخلاقى ،وفى رواية مثل أولاد حارتنا الفقيه يعترض على نجيب محفوظ لانه أرتكب خطيئة وهى عمل الفن وادخال شخصية مقدسة فى سياق الحياة من خلال الرواية ، الحداثة انجزت هذا المشروع أن يعيد المبدع كتابة التاريخ كما يريد ومحفوظ اراد اعادة كتاب التاريخ الدينى بشكل مختلف والخطأ الذى ارتكب هنا هو الصراع التقليدى بين ما هو دينى وما هو دنيوى بين السياسى والمقدس وما هو دينى وما هو علمانى، والمشكلة ان الفضاء الذى تم فيه الصراع بين الدينى والسياسى سيتقلص للسياسة ليتصارعا فى النهاية صراع سياسى وليس له علاقة بالقيم ، وأشار ان منتج المعرفة الوهمية يهدد الثقافة واقصد نظرة المجتمع التى تتجلى فى رقابة الشارع وهذا مع تغيرات فى الميديا الحديثة تجعل الثقافة والمعرفة وهى فى الاساس اكثر المناطق هشاشة والاضعف بكثير، والسؤال ما هو مستقبل الثقافة والملاحظ أننا مجتمعات هشة جدا نحن فى حالة من انحسار الفن الحقيقى ومع هذا التغير الذى نعيشه لدينا اشكالية تهدد الثقافة والغرب يريد أن تنحسر الثقافة فى كتابة الروايات التى تتحدث عن هذه الكائنات بصراعاتها وما يرتكبون من جرائم وتترجم الروايات حتى تساعد فى خلق الصورة التى يريدون ترسيخها عن العرب ، كل هذه الاشكاليات تواجه الثقافة العربية الان ولا يستطيع احد أن يؤكد أو ينفى امكانية وجود مستقبل للثقافة العربية .