زين العابدين غادر بلاده بنصيحة من مدير الأمن الرئاسي الذي كان يخطط للاستيلاء علي الحكم تفاصيل كثيرة شهدتها الساعات الأخيرة قبل سقوط نظام الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، إذ كشف مصدر أمني تونسي أن بن علي، غادر بلاده فجأة وعلي وجه السرعة بعد اجتماع استمع خلاله لتقرير شفهي من مدير الأمن الرئاسي الجنرال علي السرياطي. ويؤكد المصدر أن «السرياطي» خدع بن علي وغرر به وأقنعه في الاجتماع بمغادرة البلاد فورا بحجة أن هجوما يستهدف القصر الرئاسي، فاستعجل المغادرة خوفا علي حياته. كما كشف المصدر أن زين العابدين بن علي لم يغادر تونس مستقيلا من منصبه كرئيس للجمهورية، كما اشيع حيث كان أصدر بيانا تليفزيونيا ومكتوبا وموقعا بخط يده يشرح فيه الأسباب ويذاع بعد سفره. وتابع المصدر قائلا: «بما أن الرئيس بن علي غادر مؤقتا بناء علي تقرير الجنرال السرياطي فإنه من غير المعقول أن يسلم منصب الرئاسة لرئيس وزرائه، محمد الغنوشي، بحسب ما زعم الغنوشي فيما بعد»، وقال: إن زين العابدين بن علي «ربما لم يدرك حقيقة ما جري إلا بعد وصوله إلي جدة، أو ربما وهو في الطائرة، عندها اكتشف خطة مدير الأمن الرئاسي»، وفق تعبيره. وبحسب المصدر، فإن الرئيس التونسي السابق ربما لم ينم في الساعات التي أعقبت إلقاء خطابه المتلفز الأخير واستماعه إلي «نصيحة» الجنرال السرياطي ليلة الخميس الماضي بضرورة الخروج من البلاد ريثما تهدأ الأوضاع، فغادر علي عجل ولم يرافقه إلا اثنان من ابنائه الستة وزوجته وشقيقتها، و6 من مرافقيه «ولم يحمل معه أي أغراض خاصة، إلي درجة أنه ركب الطائرة حتي من دون ملابس إضافية، كما قال، وهي معلومة تنفي ما نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية الاثنين من أن زوجة بن علي حملت معها 1500 كيلو جراما من احتياطي الذهب المودع في البنك المركزي التونسي، إلي جانب أن مصدراً بالبنك نفسه نفي الخبر أيضا. من جانبها كشفت صحيفة لوموند الفرنسية عن محاولة انقلاب أخري كانت تجهز لها زوجة بن علي بحلول 2013، تستولي بموجبها علي الحكم خلفا لزوجها بزعم أن ظروفه الصحية لا تسمح بقيادة البلاد. ونقلت الصحيفة عمن قالت إنه أحد مستشاري الرئيس المخلوع، قوله إن مؤامرة «قصر قرطاج» أعدت بعد خلافات حادة وقعت بين بن علي وزوجته في سبتمر الماضي وضم المخطط ترشيح الحزب الحاكم لليلي بن علي لتولي الرئاسة علي خلفية استقالة الرئيس لأسباب صحية بحشد مليونين من الحزب. حسب صحيفة لوموند فإن علي لم يكترث عندما أخبر بإحراق الشاب محمد البوعزيزي نفسه في بلدة سيدي بوزيد واقتصر علي القول: «فليمت!»، ومنذ تلك اللحظة يقول المصدر الذي تحدث إلي الصحيفة الفرنسية أصبح عبدالوهاب عبدالله هو الحاكم الفعلي وعبدالعزيز بن ضياء المصفاة التي لا يتسرب شيء إلا من خلالها، كما انضم لهؤلاء قائد الأمن الرئاسي علي السرياطي.
انسحابات ومصادمات احتجاجًا علي بقاء وزراء من النظام السابق أدي الإعلان عن تشكيلة حكومة «الوحدة الوطنية الجديدة» في تونس التي ضمت 24 وزيرًا بينهم شخصيات تولت حقائب وزارية في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ورموز من قادة المعارضة وحقوقيون ونقابيون إلي ردود أفعال متباينة، فقد أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل «المركزية النقابية» عدم اعترافه بالحكومة التي أعلنت الاثنين وسحبه ثلاثة من وزرائه وهم «عبدالجليل البدوي وزير معتمد لدي الوزير الأول، وحسين الدياس وزير التكوين والتشغيل، وأنور بن قدورة وزير الدولة للنقل والتجهيز. وقال الناطق باسم المركزية، لعيفة نصر: إن قيادة الاتحاد قررت في اجتماع استثنائي أمس عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة، وأوضح أن الاتحاد دعا ممثليه الثلاثة في الحكومة إلي الانسحاب منها وأنه في حالة رفضهم فإنهم لا يمثلون إلا أنفسهم. وأضاف نصر إن ممثلي المركزية النقابية في البرلمان «مجلس النواب ومجلس المستشارين» وفي المجلس الاقتصادي والاجتماعي استقالوا من مناصبهم. وأثارت التشكيلة الجديدة التي ضمت ثلاثة معارضين لبن علي وهم «نجيب الشابي» «الحزب الديمقرطي» وأحمد إبراهيم أمين حركة التجديد «الشيوعي سابقا» ومصطفي بن جعفر الذي يقود التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، ردودا واسعة في الشارع، إذ وقعت مواجهات واحتجاجات واسعة مع الأمن من قبل رافضين لتشكيل الحكومة الجديدة وسط العاصمة تونس. واستخدمت الشرطة القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين الذين طالبوا بعدم إشراك أي عضو من حزب بن علي. من جهته أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في بيان حمل توقيع أمينه العام أحمد الأينوبلي رفضه المشاركة فيما سماه حكومة قائمة علي الإقصاء وعدم إشراك كل القوي الوطنية بدون استثناء ولا تستجيب لمطالب الانتفاضة الشعبية وأهدافها. في ذات السياق، رحب نجيب الشابي مؤسس الحزب التقدمي المعارض، ووزير التنمية الجهوية والمحلية في الحكومة الجديدة، بتشكيلة الحكومة.. مؤكدا أنها قادرة علي تحقيق جميع مطالب الشعب. وأكد أن مشاركة الحزب الإسلامي يجب أن تطرح علي الحكومة الجديدة وأن تنظر إليها. بدوره، قال عياض بن عاشور المكلف برئاسة لجنة الإصلاحات السياسية إنه سيبدأ مشاوراته لتشكيل اللجنة وإن أهم أهدافها هو تلبية إرادة الشعب ومنح الفرصة لجميع الأحزاب بالمشاركة في الحياة السياسية. إلي ذلك، قال رئيس الوزراء المكلف محمد الغنوشي إنه كان يشعر بأن ليلي بن علي قرينة الرئيس السابق هي التي تحكم البلاد في نهاية عهد بن علي. وأوضح في حديثه لإذاعة فرنسية.. أن عائلة زوجة بن علي يجب أن تحاكم أمام القضاء.. متعهدا بأن تلقي عائلة الطرابلسي محاكمة عادلة وفي المقابل لم يتحدث الغنوشي عن إمكانية محاكمة زين العابدين نفسه، معتبرا أن بن علي قدم الكثير لتونس في سنوات حكمه الأولي.. لكن في السنوات الأخيرة حدثت تغييرات كبيرة نتيجة الثراء غير المشروع للمحيطين به. وأوضح رئيس الوزراء المكلف أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجري خلال 6 أشهر علي أقصي تقدير، لأن الفترة الانتقالية للتحضير لتلك الانتخابات التي يفترض بحسب الدستور أن تنظم في غضون شهرين غير كافية. ميدانيا، فرقت الشرطة مظاهرات في بعض المدن احتجاجا علي ما سمته الإبقاء علي عناصر في النظام السابق ضمن التشكيلة الجديدة.