إن شبح حسنى مبارك يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر، وقال إن الوجهين شفيق ومرسى يمثلان رواية مبارك الذى دائما ما يستغلها للحفاظ على سلطته، إما الاستقرار أو «الكابوس الإسلامى»، فشفيق آخر رئيس وزراء لمبارك مرشح «الاستقرار» الذى ادعى فوزه، ومرسى رجل الإخوان المسلمين الذى ادعى الانتصار أيضا، وإضافة إلى صبيانية والادعاء المتغطرس من قبل الجيش وجشع طنطاوى فى التمسك بامتيازاته، بغض النظر عن تصويت المصريين.
إن مبارك إذا مات اليوم فإن نظريات المؤامرة ستتجاوز أى نظرية مؤامرة أخرى فى التاريخ العربى الحديث، وأضاف أنه من الأفضل تخفيف غضب انصار شفيق أو مرسى عن طريق الإعلان عن جنازة رسمية لحسنى مبارك، الذى وصفه الكاتب بالرجل الكبير القديم الذى يمثل مصر الاقتصاد حتى لو لم يكن هناك حرية، وأشار فيسك إلى أنه ليس من عادة المصريين أن يدنسوا ذكرى أى زعيم مصرى، حتى لو أنه استبعد من القيادة، واستشهد بموكب السادات الجنائزى الذى طاف الشوارع بصمت، ورغم وجود بعض الحشود، إلا أنه لم يوجد أى تلميح بالعنف أو الغضب.
وسواء كان مبارك حيا أو ميتا فهو لن يغير من الدلالة الفاجعة لنتيجة الانتخابات، فالنتيجة المتقاربة – 52% أو 51 % - تشير إلى أمة واحدة مقسمة ممزقة فى المنتصف ليست بين الارتباطات العائلية أو الطائفية ولكن بين الرأسمالية أو الإسلام.
إن هناك فائزًا رسميًا وآخر غير رسمى ولن يكون نفس الرجل بالتأكيد وأن المجلس العسكرى سيتدخل لحماية الأمن العام، الحكمة التى يرددونها باستمرار، ويخلص فيسك إلى أن العسكرى سوف يتوج الرجل الذى سوف يعطيهم ما يريدون.
إن كان هذا يبدو شريرا فالفراعنة لديهم سجل سيئ فى مصر، أن المجلس العسكرى تعثر خلال 16 شهرا منذ خلع مبارك، وإن كان سمح لكبار الضباط بالابتعاد إلا أنه سمح لشباب الجنود بأن «يعيثوا فسادا» أمام كاميرات التليفزيون، ويضربوا النساء ويتحرشوا بهن، وأضاف إن طنطاوى يمكن أن يكون صديق مبارك لمدة طويلة، ولكنه ليس ناصر أو السادات أو حافظ الأسد، فهم لم يتعثروا أمام العامة، على النقيض من المتحدثين فى المجلس العسكرى فهم يبدون فى مؤتمراتهم الصحفية مثقلين بشاراتهم العسكرى الغريبة وتبدو فيهم مشاعر الخجل وعدم الرضا.
إنه فى حالة فوز شفيق سيكون بنسبة لا تتعدى 51 % من الأصوات ولن تمكنه هذه النسبة من إقامة ديكتاتورية أخرى، هذا إن لم تنزل جماعة الإخوان بشكل جماعى فى الشوارع وتعلن الغش فى النتيجة، ولنا أن نتخيل كيف سيستفز ذلك الشرطة، أما الجيش فهو بالكاد يستطيع أن يتبنى أساليب القمع الجماعى المتبعة فى الماضى، ويؤكد فيسك أنه إذا ما تم تأليب السلفيين الذين حصلوا على نسبة غير متوقعة فى الانتخابات البرلمانية فإن المصريين من المستبعد أن يشاركوا فى حرب أهلية بين الإسلاميين.
لا يمكن أن يكون الإخوان هم الوجه الآخر من عملة الإمبراطور، فهم يمكن أن يتفاوضوا ويصدموا ويغدق عليهم بالمديح الكاذب، ويضع فيسك يده على مؤشر ذلك فى مسار الجماعة الفترة القادمة بقوله «طالما أنهم لا يحاولون حل الجيش والأجهزة الأمنية التى عذبتهم بما تعنيه الكلمة لفترة طويلة، فقد تعمل الجماعة بشكل جيد ضمن نظام «الدولة العميقة» التى برزت فى مصر»، أن هذا لا يرضى الثوريين الحقيقيين، الشباب الذكى والشجاع الذين يشعرون بالخيانة منذ سنة ونصف، وسيستمر البرادعى فى التحدث بإزاء الفشل السياسى للانتخابات الرئاسية الأولى، وسترتفع أصوات فى الغرب عاليا تندد بانتهاك حقوق الإنسان من قبل «الفائز» فى نتائج الانتخابات اليوم، وفى دعابة يكمل فيسك مقالته «وآه يمكن أن يظل مبارك حيا ليرى كل هذا بعينه».