كتب روبرت فيسك في صحيفة "الاندبندنت" البريطانية تحليلا عن أوضاع مصر الراهنة وما يمكن أن تسفر عنه في المدى القريب والبعيد، حمل المقال عنوان "الجيش هو الفائز الوحيد في الانتخابات الرئاسية" وأشار فيه إلى أن شبح حسني مبارك يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية في مصر، وأضاف أن الوجهين شفيق ومرسي يمثلان رواية مبارك الذي دائما ما يستغلها للحفاظ على سلطته، إما الاستقرار أو "الكابوس الإسلامي"، فشفيق آخر رئيس وزراء لمبارك مرشح "الاستقرار" الذي ادعى فوزه، ومرسي رجل الإخوان المسلمين الذي ادعى الانتصار أيضا، وإضافة إلى صبيانية والإدعاء المتغطرس من قبل الجيش وجشع طنطاوي في التمسك بامتيازاته، بغض النظر عن تصويت المصريين. . وأشار الكاتب البريطاني مراسل الصحيفة في الشرق الأوسط أن مبارك إذا مات اليوم فإن نظريات المؤامرة ستتجاوز أي نظرية مؤامرة أخرى في التاريخ العربي الحديث، وأضاف أنه من الأفضل تخفيف غضب انتصار شفيق أو مرسي عن طريق الإعلان عن جنازة رسمية لحسني مبارك، الذي وصفه الكاتب بالرجل الكبير القديم الذي يمثل مصر الاقتصاد حتى لو لم يكن هناك حرية، وأشار فيسك أنه ليس من عادة المصريين أن يدنسوا ذكرى أي زعيم مصري، حتى لو أنه استبعد من القيادة، واستشهد بموكب السادات الجنائزي الذي طاف الشوارع بصمت، ورغم وجود بعض الحشود، إلا أنه لم يوجد أي تلميح بالعنف أو الغضب. ويؤكد فيسك على أن مبارك سواء كان حيا أو ميتا فهو لن يغير من الدلالة الفاجعة لنتيجة الانتخابات، فالنتيجة المتقاربة – 52 % أو 51 % - تشير إلى أمة واحدة مقسمة ممزقة في المنتصف ليست بين الارتباطات العائلية أو الطائفية ولكن بين الرأسمالية أو الإسلام. وأشار فيسك إلى أن هناك فائز رسمي وآخر غير رسمي – ولن يكون نفس الرجل بالتأكيد – وأن المجلس العسكري سيتدخل لحماية الأمن العام، الحكمة التي يرددونها باستمرار ، ويخلص فيسك إلى أن العسكري سوف يتوج الرجل الذي سوف يعطيهم ما يريدون. وقال فيسك إن كان هذا يبدو شريرا فالفراعنة لديهم سجلا سيئا في مصر ، وأضاف أن المجلس العسكري تعثر خلال 16 شهرا منذ خلع مبارك، وإن كان سمح لكبار الضباط بالابتعاد إلا أنه سمح لشباب الجنود بأن "يعيثوا فسادا " أمام كاميرات التليفزيون، ويضربوا النساء ويتحرشوا بهم، وأضاف إن طنطاوي يمكن أن يكون صديق مبارك لمدة طويلة، ولكنه ليس ناصر أو السادات أو حافظ الأسد، فهم لم يتعثروا أمام العامة، على النقيض من المتحدثين في المجلس العسكري فهم يبدون في مؤتمراتهم الصحفية مثقلين بشاراتهم العسكري الغريبة وتبدو فيهم مشاعر الخجل وعدم الرضا . وأكمل فيسك أنه في حالة فوز شفيق سيكون بنسبة لا تتعدى 51 % من الأصوات ولن تمكنه هذه النسبة من إقامة ديكتاتورية أخرى، هذا إن لم تنزل جماعة الإخوان بشكل جماعي في الشوارع وتعلن الغش في النتيجة، ولنا أن نتخيل كيف سيستفز ذلك الشرطة، أما الجيش فهو بالكاد يستطيع أن يتبنى أساليب القمع الجماعي المتبعة في الماضي، ويؤكد فيسك على أنه إذا ما تم تأليب السلفيين – الذين حصلوا على نسبة غير متوقعة في الانتخابات البرلمانية – فإن المصريين من المستبعد أن يشاركوا في حرب أهلية بين الإسلاميين. وينفي فيسك عن الإخوان أن يكونوا هم الوجه الآخر من عملة الإمبراطور، فهم يمكن أن يتفاوضوا ويصدموا ويغدق عليهم بالمديح الكاذب، ويضع فيسك يده على مؤشر ذلك في مسار الجماعة الفترة القادمة بقوله "طالما أنهم لا يحاولون حل الجيش والأجهزة الأمنية التي عذبتهم بما تعنيه الكلمة لفترة طويلة، فقد تعمل الجماعة بشكل جيد ضمن نظام "الدولة العميقة" التي برزت في مصر" ويختتم فيسك مقاله في "الاندبندنت" البريطانية أن هذا لا يرضي الثوريين الحقيقيين، الشباب الذكي والشجاع الذين يشعرون بالخيانة منذ سنة ونصف، وسيستمر البرادعي في التحدث بإزاء الفشل السياسي للانتخابات الرئاسية الأولى، وسترتفع أصوات في الغرب عاليا تندد بانتهاك حقوق الإنسان من قبل "الفائز" في نتائج الانتخابات اليوم، وفي دعابة يكمل فيسك مقالته "وآه يمكن أن يظل مبارك حيا ليرى كل هذا بعينه " سيكون هناك فائز رسمي وآخر غير رسمي.. والإخوان يقبلون التفاوض والعمل ضمن منظومة "الدولة العميقة" توقعات فيسك: شفيق لن يتمكن من إقامة ديكتاتورية أخرى لأنه سيفوز بأغلبية لا تتعدى 51 % الجيش يمكن أن يؤلب السلفيين على الإخوان والمصريون لن يشاركوا في حرب أهلية بين الإسلاميين