إعادة تشكيل مجلس الجامعات الأهلية برئاسة وزير التعليم العالي    آخرها طالب من ذوي الهمم.. 3 مواقف إنسانية لوزير التعليم في جولاته بالمدارس    رايات وابتهالات.. استعدادات مكثفة للاحتفال بالليلة الختامية لمولد السيد البدوي    أبطال "WE INNOVATE" يقتنصون المركزين الأول والثالث في تحدي الأمن السيبرانى العربي بجايتكس نورث ستار    وزيرة التنمية المحلية تستقبل أعضاء من لجان الإدارة المحلية والشباب بالبرلمان    "مياه سوهاج" تدعو المواطنين لتركيب القطع الموفرة لترشيد الاستهلاك    نائب رئيس المجتمعات العمرانية يتفقد سير العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها بالعبور الجديدة    وزير الخارجية الإيراني: نقدر الجهود المصرية لتحقيق الاستقرار بالمنطقة    قمة أمريكية أوروبية في برلين الجمعة تجمع بايدن بماكرون وشولتز وستارمر    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى من باب المغاربة    إصابة مدنيين بجروح جراء عدوان إسرائيلي على إحدى النقاط بمدخل مدينة اللاذقية    خبير عسكري: المنطقة تتجه نحو حرب إقليمية طويلة    السيسي ووزير خارجية إسبانيا يؤكدان ضرورة التوصل إلى تهدئة شاملة للأوضاع في غزة ولبنان    صدام قوي بين موناكو وليل.. ومهمة صعبة لسان جيرمان    بعثة الزمالك تسافر إلى الإمارات استعدادا للسوبر المصري    باريس سان جيرمان لاستعادة توازنه.. وموناكو لتأكيد الصدارة    فرص أمطار خفيفة.. الأرصاد تعلن درجات الحرارة اليوم الخميس    بدون ركاب.. انتشال أتوبيس عقب سقوطه في ترعة الشرقاوية بشبرا| صور    السكة الحديد تفصل سائق قطار لتعاطيه المخدرات وتحيله للنيابة    القبض على عاطلين بحوزتهم 4 آلاف قرص مخدر بالقليوبية    إحالة عاطل بتهمة سرقة الدراجات النارية في المطرية للمحاكمة    يوسف الشريف يعود للدراما بمسلسل جديد والعرض خارج رمضان 2025    أبرز تصريحات محمد هنيدي مع أنس بوخش    بعد اعتذار أحمد سعد.. كيف تعامل «مهرجان الموسيقى العربية» مع غيابه؟    مهرجان «المهن التمثيلية» يكرم اسم الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة    نائب بالشيوخ: النسخة الثانية لمؤتمر الصحة والسكان تسهم في تعزيز السياسات الصحية    لن يتجاوز سعرها 500 ألف جنيهًا.. شروط استيراد سيارات المعاقين (فيديو)    «عبد اللطيف» يتابع انتظام العملية التعليمية بعدد من المدارس في الجيزة    الأمم المتحدة: الدول العربية تساهم ب 5% فقط من الاحتباس الحراري العالمي    ناقد فني: يوسف وهبي ترك الهندسة بسبب حبه للتمثيل.. ومسرحياته تميزت بالتراجيديا    عثمان الخشت: الإيمان في عصر التكنولوجيا يواجه تحديات جديدة    سعر طن الأرز الشعير اليوم الخميس 17 أكتوبر 2024    تحرير 5 محاضر ل«مخالفات تموينية» في حملات على أسواق قلين بكفر الشيخ    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    إعلان الكشوف النهائية للمرشحين بنقابة الصحفيين الفرعية بالإسكندرية اليوم    "المال الحرام".. أحمد كريمة يرد على عمر كمال والأخير يعلق    من هو رئيس المخابرات العامة الجديد خليفة عباس كامل؟    جامعة سوهاج تستضيف خبيرًا عالميًا في جراحات القلب    مركز معلومات تغير المناخ يصدر روشتة القمح للموسم الزراعي الجديد    «إنت بتأذي ابنك».. رسائل نارية من شوبير إلى ياسر ريان    التابعي: الأهلي يخسر أمام سيراميكا في هذه الحالة.. ورحيل زيزو عن الزمالك "مرفوض"    أحمد عيد يطير إلى المغرب للانضمام لمعسكر المصرى استعداداً للموسم الجديد    «التعليم» توجّه بحصر أعداد طلاب «أولى ثانوي» لتسليم التابلت    انفوجراف.. الأزهر للفتوى: تطبيقات المراهنات الإلكترونية قمار محرم    «طاقة الشيوخ» تدرس آليات جذب الاستثمارات وتحويل السيارات للعمل بالوقود    مسؤولة أممية: مستوى المعاناة في غزة يتحدى القدرة على الوصف والاستيعاب    تعرف على أماكن القوافل الطبية اليوم وغدا.. الكشف والعلاج مجاني    كيفية تدريب طفلك على تنظيف يديه بشكل منتظم.. لحمايته من الأمراض المعدية    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    جدول ترتيب هدافي دوري روشن السعودي قبل انطلاق الجولة السابعة    وزير الري يشهد إعداد مشروع إقليمي في مجال التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء    تقسيم ذهب الأم بعد وفاتها: الأحكام الشرعية والإجراءات    حالة الطرق اليوم، احذر زحام خانق بمعظم شوارع وكباري ومحاور القاهرة والجيزة    طرح البرومو الرسمي لفيلم "آل شنب".. وهذا موعد عرضه    بايدن يقدم مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا ب 425 مليون دولار    هل يجوز تأدية صلاة الفجر بعد شروق الشمس.. الأزهر يوضح    5 أدعية نبوية للحماية من الحوادث وموت الفجأة.. بعدانقلاب أتوبيس الجلالة وقطار المنيا    قوى خفية قد تمنحك دفعة إلى الأمام.. توقعات برج القوس اليوم 17 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العرب يحكمون اوروبا من ملاعب كرة القدم".. تحقيق صحفى يجيب على الاسئلة الصعبة
نشر في رياضة نت يوم 29 - 12 - 2011

اصبحت الصحافة الرياضية سواء المصرية او العربية تعانى كثيرا من ضعف الموضوعات الجادة وقلة التحقيقات المثيرة وندرة الحوارات الشاملة.

وربما يكون ذلك سببا قويا لتوقفنا طويلا امام تحقيق صحفى فى غاية الاهمية للكاتب الصحفى خالد توحيد فى مجلة الاهرام الرياضى هذا الاسبوع.

كتب توحيد ولاول مرة عن الاندية الاوروبية والعرب .. عن الساحرة المستديرة وقدرتها الفائقة على قيادة العالم ، واجاب عن السؤال الصعب ..لماذا يشترى العرب اندية اوروبا ؟.

وهى الظاهرة التى انتشرت مؤخرا لكن الصحافة العربية لم تهتم بها بالقدر الكافى.

يعد هذا التحقيق من ابرز الموضوعات الصحفية خلال السنوات الاخيرة ومن هذا المنطلق جاء حرصنا على اعادة نشره نقلا عن مجلة الاهرام الرياضى.
نص التحقيق..
العرب يحكمون أوروبا.. من ملاعب كرة القدم!!
خالد توحيد
بعد ثمانية قرون خرج العرب من الأندلس.. وودعوا قصة إنسانية رائعة تتقلب فيها أحادث الزمان.. ترك العرب أوروبا.. ربما للمرة الأخيرة فى التاريخ، وتركوا وراءهم قصة.. ككل القصص.. فيها الكثير من التفاصيل، وفيها ما يستهوى النفس، ويثير الخيال.. وهى فى النهاية وبكل ما فيها صنع ما يشبه المعجزات فى هذا الاتجاه أو ذاك:
عاشت دولة الأندلس.. طويلا، ولكن كان لابد من الرحيل.. فى لحظة من لحظات التاريخ.. وبعد كل تلك الحضارة سقطت دولة العرب.. بسقوط حكم بنى الأحمر.. عام 1492.
فتح العرب شبه جزيرة أيبيريا.. عام 711 ميلادية، وكانت الجزيرة الشهيرة الجميلة الضاربة فى العراقة والقدم، هى بوابة المرور إلى بلاد الإسبان، وحين حانت لحظة الخروج، كان الموعد مع إعلان سقوط غرناطة.. والآن وبعد خمسة قرون يعود العرب إلى أوروبا.. من جديد، يعودون من بوابة مختلفة، بوابة كرة القدم.. لغة العصر الحديث!
العرب ومنذ عدة سنوات.. راحوا الواحد تلو الآخر يتجهون إلى القارة الأوروبية مرة أخرى، ولكن السبب فى هذه المرة مختلف تمامًا.. وهم بين الحين والآخر.. تحمل الأخبار تفاصيل حصولهم على حقوق رعاية ناد من الأندية، أو حقوق الإعلان على فانلة فريق من الفرق، ثم كان التطور الأهم، والأكثر حضورًا، وهو توالى الإعلان عن الفوز بصفقات شراء الأندية الكبرى، ومع توالى الصفقات، ومع تواتر القصص الخبرية عن تفاصيل التفاوض على شراء أندية أخرى، بدا الأمر وكأنه ظاهرة تستحق التوقف والاهتمام.
القضية جديرة بالتناول، والحديث.. ليس فقط لأنها واحدة من القضايا الرياضية الكروية المهمة، التى تشير إلى تحول فارق فى ملامح خريطة الكرة العالمية، ولكن لأنها أيضا تحمل مفاهيم جديدة لابد أن العقلية العربية قد أدركتها، وصارت تفكر بصورة غير التى كانت تنتهجها من قبل.. ويبقى السؤال الذى لابد أن نجد له إجابة: لماذا يشترى العرب الأندية الأوروبية وينفقون عليها الملايين؟ هل هناك فكر اقتصادى حقيقى يحكم القرارات التى أدت إلى دخول سوق المشترين لهذه الكيانات العملاقة؟ أم أن الأمر يدور فى فلك الرغبة فى استغلال الشهرة الأسطورية التى تتمتع بها هذه الفرق ووصلت شهرتها إلى دروب الوطن العربى كله؟
إلى التفاصيل ومحاولة الإجابة عن علامات الاستفهام والأسئلة المهمة..
فى البداية.. يبقى من المهم والضرورى التأكيد على أن ما أصبح الآن، ويمكن أن يصبح غدًا.. فى حوزة العرب من أندية أوروبية، لم يكن من ليحدث أبدًا، لولا تلك التحولات الكثيرة، التى جرت فى عدد من بلاد القارة الأوروبية، التى لم تكن تسمح من قبل بامتلاك الأجانب للأندية الرياضية بشكل عام، وكرة القدم على وجه الخصوص، ربما كان الأمر مختلفا منذ البداية مع الحالة البريطانية، التى تركت الحرية كاملة لمن يريد أن يشترى ناديا فى إنجلترا.
وربما كان هذا الأمر متسقا مع الفكر البريطانى، الذى أفرز عند احتلاله لمصر منذ عام 1882، أكثر من حالة لم تكن لتحدث لولا وجود الاحتلال فى مصر، فقد جاءوا وهم يحملون فكرهم، وثقافتهم، التى تركت كثيرًا من بصماتها على الحياة المصرية، ومن هنا لم يكن غريبًا أن تظهر الأندية الرياضية بشكل عام، وهو أمر لم يكن معروفا فى المجتمع المصرى على الإطلاق، ولم يكن غريبا أيضا أن تظهر الأندية الأجنبية، التى ارتادتها الجاليات التى تعيش فى مصر، وتقيم فيها بشكل شبه دائم، إلى جانب تأثير الفكر الإنجليزى، الذى يعترف بالملكية الخاصة فى مختلف مناحى الحياة إلا فى حالات بعينها، وعلى ذلك كان من الطبيعى أن يأتى الظهور للنادى الأهلى وهو واحد من أعرق الأندية المصرية.. وأهمها على الإطلاق كشركة مساهمة يكتتب فيها الأفراد، دون أدنى تدخل من الجانب الحكومى.. أو الرسمى بأى صورة من الصور، وكانت قيمة سهم الاكتتاب فى عام 1907 .. خمسة جنيهات لا غير.
الحالة البريطانية.. أو النموذج البريطانى بمعنى أدق هو الذى فتح الباب على مصراعيه أمام كل من يريد امتلاك ناد من الأندية، ووصل الأمر فى بعض الأحيان إلى حد الإعلان عن بيع واحد من تلك الأندية بقيمة جنيه إسترلينى واحد، والمبلغ يبدو للوهلة بسيطا وتافها، ولكنه يعبر عن سهولة فكرة عملية انتقال الملكية من طرف لآخر.. وفى نفس الوقت، يحمل معنى تجاريًا، وهو الدلالة فقط على عملية البيع من خلال مبلغ رمزى، وهو جنيه إسترلينى واحد، بينما سيتحمل المالك الجديد كل الديون المتراكمة على النادى، ومسألة الديون هذه هى قاسم كشترك أعظم فى صفقات البيع لأى ناد من الأندية، سواء كان ناديا كبيرا.. أو ناديا مغمورا، فى إنجلترا.. أو فى غيرها من بلاد القارة الأوروبية، وربما كان هذا هو السبب الأهم، على الإطلاق.. حيث تعانى كثير من الأندية أزمات مالية حادة، وتراكمًا للديون، بشكل يجعلها غير قادرة على تحمل مسئولياتها، أو الوفاء بالتزاماتها المختلفة.
أعود إلى مسألة تضييق بعض الدول الأوروبية، على تملك الأجانب للأندية، وهو الموجود فى أغلب دول العالم تقريبا، ومنها مصر بالطبع، التى لم تعترف حتى الآن بامتلاك الأفراد للأندية، إنما تركت الحرية أمام القطاع الخاص، أو الأشخاص العاديين، أو رجال الأعمال.. لإقامة نواد جديدة، أما أن يباع واحد من الأندية الموجودة بالفعل، فهو ما لم يحدث حتى الآن، وأظن أنه بات مطلوبا.. وبشدة، لأن الأزمات المالية التى تعيشها كل الأندية، بما فيها النادى الأهلى، لن يحلها إلا إطلاق العنان أمام هذه الأندية، لكى تطبق الفكر الاقتصادى بشكل كامل فى كل قرار يتم اتخاذه، عندها سيرتفع مستوى الرياضة فى مصر عموما، وعندها أيضا ستخرج الأندية من نفق الخسائر، والأزمات المالية، ومشكلات السيولة.. بلا رجعة.
كانت ألمانيا من أكثر الدول فى القارة الأوروبية تشددا فى تملك الأجانب للأندية، ونفس الحال كان ينطبق على فرنسا.. ولكن بدرجة أخف، وكان الشكل الأكثر شيوعا، هو امتلاك الشركات والبنوك للأندية، والتعامل معها على أنها مشروع تجارى، إلى جانب امتلاك بعض كبار الأغنياء لعدد من الأندية، بينما كانت إنجلترا كما سبق وأشرت تسمح لأى شخص بأن يكون "صاحب نادٍ رياضى"، حتى لو كان هذا النادى هو نادى "مانشستر يونايتد" رمز العزة، وعلامة من علامات قوة الأسد البريطانى، وهو عند مشجعيه يمثل أسطورة حقيقية، وتاريخًا حافلاً بالانتصارات، ولكن فى عام 2005.
تمكن الأمريكى "مالكولم جليزر" من الاستحواذ على كامل أسهم النادى، مقابل 790 مليون جنيه إسترلينى، بعد أن كانت الأسهم موزعة بين عدد من الملاك الكبار، إلى جانب عدد آخر من صغار المساهمين.
وأظن أنه من المهم هنا أن أشير إلى أشكال ملكية الأندية السائدة فى إنجلترا، فهناك ملكية كاملة لشخص واحد يسيطر على كامل أسهم النادى، والمثال الأبرز الذى نعرفه، ملكية الملياردير المصرى محمد الفايد لنادى فولهام، وملكية بين عدد من الملاك الكبار، مثل نادى الأرسنال، وملكية لصغار المساهمين، وهناك شكل من أشكال الملكية كان يجمع بين هذا وذاك.. مثلما الحال فى نادى "مانشستر يونايتد"، وربما أن هذا هو الذى منح النموذج الإنجليزى حالة مثيرة من التفرد.. بين باقى دول أوروبا.
ألمانيا.. اضطرت إلى التحول عن القاعدة التى تحكمها، بمنع الأجانب من تملك الأندية، وقررت قبل وقت قليل مثلها مثل دول أخرى تخفيف القيود على تملك الأجانب، واختار الألمان ألا تزيد نسبة ملكية الأجنبى على 49% من إجمالى قيمة النادى، وفق ما تنص عليه لوائح الاتحاد الألمانى لكرة القدم، وهم بالتالى على يقين بأن الأمر فى النهاية سيبقى خاضعا للسيطرة، باعتبار أن النسبة الحاكمة كما تقول القواعد الاقتصادية لم تقع فى يد أجنبى.
إسبانيا هى الأخرى دخلت إلى الحلبة، وباتت أنديتها تنتقل إلى أيدى ملاك جدد كما حدث فى الأشهر الأخيرة، ولكن يختلف الأمر فى فرنسا، التى صار ناديها الأشهر "باريس سان جيرمان" تابعا لمالك جديد.. واستحواذ السنغالى الأصل "باباى ضيوف"على نادى مرسيليا.
ملكية الأندية الأوروبية من جانب العرب، لم تأت هكذا بين يوم وليلة، بل كان التحرك العربى مبكرا، وفى اتجاه آخر مختلف بعض الشىء، وتمثل فى الاتجاه نحو الاستثمار، من خلال التعاون مع الكيانات الكروية الكبرى فى أوروبا، عبر عقود للرعاية، واتفاقات إعلانية ضخمة.. وكانت المحطة التاريخية الأبرز، حين أعلن نادي الأرسنال الإنجليزي، وكان ذلك فى شهر يونيو من عام 2004، عن توقيع شركة "طيران الإمارات" عقدا لرعايته مقابل 150 مليون يورو تقريبا.. وهو نفس ما أعلنته الشركة الإماراتية.. في بيان رسمى لها، اعتبرت فيه هذه الخطوة وقتها أكبر صفقة رعاية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية.. يذكر أن "طيران الإمارات" كانت الشركة الراعية لفريق تشيلسي اللندني، مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، وانتهى العقد بنهاية موسم 2004.. إذ قام الملياردير الروسى اليهودى "رومان إبراموفيتش" بشراء النادى، وهى قصة سنتوقف أمام بعض تفاصيلها لاحقا لأهميتها، خاصة فيما يتعلق بكونه يهودى الديانة.
عقد الرعاية الضخم كان ينص على إطلاق اسم "الإمارات" على الملعب الجديد لنادي أرسنال، "اشبورتون جروف" لمدة 15 سنة، حيث أطلق عليه "استاد الإمارات"، مع وضع شعار الشركة على قمصان لاعبي الفريق لمدة ثمانية مواسم، تبدأ من موسم 2006/2007، الذي يترك فيه النادي مقره في "هايبري"، إلى الملعب الجديد، الذي تكلف إنشاؤه نحو 500 مليون دولار، وسعته 60 ألف متفرج.
توالت صفقات الرعاية، والاتفاقات الإعلانية، من جانب العرب.. حتى جاءت صفقة رعاية هي الأكبر في تاريخ عالم الكرة، فقد أتمت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع "قطر فاونديشن"، عقداً مع برشلونة الإسباني يتم بموجبه وضع شعار المؤسسة القطريّة على قمصان الفريق الكتالوني مقابل 166 مليون يورو لمدة خمس سنوات.
لم يكن العرب هم أول من دخل السوق الأوروبى ليشترى أنديتها.. لكن الكل عبر ما يقرب من عشر سنوات يتملك هذه الأندية، فى غياب شبه كامل، من جانب أهل الشرق باستثناء، امتلاك المصرى محمد الفايد لنادى "فولهام".. وهو من الأندية الصغيرة.. فى عام 1997.
ومع بداية الألفية الجديدة.. راحت الأندية الأوروبية تنتقل إلى ملاك جدد.. وكان الأبرز ما حدث فى إنجلترا.. وهى مجرد مثال لما كان يحدث فى إيطاليا، وهولندا، واليونان، حين اشترى الروسى "إبراموفيتش" نادى تشيلسى عام 2003، مقابل 140 مليون جنيه إسترلينى، ثم تبعه الأمريكى "مالكولم جليزر" بشراء "مانشستر يونايتد".. عام 2005، ثم قيام رئيس الوزراء التايلاندى السابق "تاكسين شيناواترا" بشراء نادى "مانشستر سيتى" عام 2006، ثم بيع نادى "ليستر سيتى" إلى مجموعة "كينج باور جروب" التايلاندية، وهى كبرى شركات الأسواق الحرة فى تايلاند، وتسارعت وتيرة شراء الأندية الإنجليزية من رجال الأعمال، واستحوذ الثرى الأمريكى "راندى ليرنر" على نادى "أستون فيلا"، مقابل 118.8 مليون دولار، وتم بيع نادي "ويستهام" إلى مجموعة استثمارية أيسلندية يملكها "إيجرت ماجنسون"، وانتقلت ملكية فريق "بورتسموث" إلى الروسي "ألكساندر جايداماك".
وفى عام 2007 بالتحديد.. اشترى رجلا الأعمال الأمريكيان.. "جورج جيليت".. و"توم هيكس" نادي "ليفربول" مقابل 174 مليون جنيه إسترليني.
ربما كانت كل هذه الصفقات، هى المدخل الذى فتح الطريق، كى يظهر العرب على الساحة، وربما أن المنافسة بين طرف وآخر.. ودولة وأخرى، كانت هى الأخرى دافعا إلى ظهور ما أطلقت عليه "ظاهرة" امتلاك العرب للأندية الأوروبية، والظاهرة لا تتوقف فقط عند ما تم الاستحواذ عليه بالفعل، ولكن أيضا من خلال أنباء المفاوضات الكثيرة، التى تتسرب تفاصيلها أحيانا، إلى وسائل الإعلام، فتدفع مسئولين كبارا.. وكبارا جدا، إلى الخروج لنفى هذه الأنباء، وهو ما حدث بالفعل، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم، الذى خرج لينفى صحة التقارير، التي كشفت عن قرب سيطرة، هيئة قطر للاستثمار، وهى الذراع الاستثمارية للعائلة المالكة في قطر، على نادي "مانشستر يونايتد" الإنجليزي.. من خلال شرائه من "جليزر" مالكه الأمريكى.
صحيفة "ميرور" البريطانيّة كانت قد ذكرت، أن العائلة الحاكمة في قطر، قدمت عرضاً قيمته 1.5 مليار جنيه إسترليني، لشراء "مانشستر يونايتد".. واضطر رئيس الوزراء بن جاسم، وهو الذى يترأس أيضا السلطة التنفيذية لهيئة الاستثمار القطرية، إلى الكلام وصرح لشبكة "سكاى نيوز" وقال بالحرف الواحد: لم ندخل فى مفاوضات "بعد" مع ملاك اليونايتد، الناس يتحدثون، ويقولون قطر ستقوم بشراء النادى، وهذه الأمور بالتأكيد سوف ترفع من سعر النادى"!!
التصريح لم ينف بشكل مطلق وجود مفاوضات، إلى جانب أن الكلام سيرفع السعر.. وهى المسألة التى تزعج رئيس الوزراء القطرى على ما يبدو.. ليس أكثر!!
وربما أن هذا هو الذى دفع المحلل الإنجليزى.. "دارينج دان" إلى أن يكتب مقالا، تحدث فيه عن صفقة الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى أمير دولة قطر، التى حاول من خلالها الاستحواذ على نادى "مانشستر يونايتد"، ولكن القيمة الكبيرة للصفقة، هى الذى جعلت تفكير القطريين يذهب إلى ناديي.. "إيفرتون".. و"بلاكبيرن روفرز".. بقيمة تدور حول 500 مليون جنيه إسترلينى!
الأنباء تحدثت أيضا عن سعى رجل الأعمال السعودى.. عبدالمحسن الحكير، وفق ما نقلته جريدة "لاجازيتا ديللو سبورت" الإيطالية، لشراء نادى باليرمو، الذى تأهل لدورى الأبطال الأوروبى هذا الموسم، وحضر رجل الأعمال السعودى المباراة النهائية لكأس إيطاليا، التى لعب فيها "باليرمو" أمام فريق "الإنتر".
على أى حال.. توالت الصفقات العربية فى كل اتجاه، ونالت الأندية الإنجليزية نصيب الأسد، إلى جانب أندية إسبانيا التى عادت لتفتح ذراعيها للعرب، ولكن فى ملاعب الرياضة.. وكرة القدم، وعبر بوابة المال، والاستثمارات، وليس من خلال الفتوحات.
وبقدوم عام 2008 .. تمت الصفقة العربية الأبرز، التى تحدث عنها العالم كثيرا، وهى صفقة انتقال ملكية نادى "مانشستر سيتى".. إلى شركة أبوظبى القابضة، بقيادة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مقابل مبلغ قيل إنه فى حدود 200 مليون جنيه إسترلينى.
وعلى ما يبدو أن صفقة الإماراتيين وامتلاك "مانشستر سيتى"، شجعت الكثيرين على اتخاذ الخطوة نفسها، وكانت المفاجأة أن العرب دخلوا إلى الساحة الألمانية الحصينة، وكان بطلها رجل الأعمال الأردنى.. حسن عبدالله إسميك، الذى حصل على موافقة رابطة الدورى الألمانى لكرة القدم، على شراء 49% من أسهم نادى ميونخ 1860، الذى ينافس فى دورى الدرجة الثانية، وبهذا كان أول عربى يمتلك أسهما فى ناد ألمانى.
وقبل أن ينتصف عام 2010 .. قام الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثانى، بشراء نادى ملقا الإسبانى، مقابل 36 مليون يورو.. شاملة ديون النادى.. وكان عبدالله بن ناصر، هو الآخر أول عربى يمتلك ناديًا فى إسبانيا.
ولم تتوقف الصفقات الإسبانية عند هذا الحد.. ولكن كانت الصفقة هذه المرة صفقة إماراتية، حيث انتقلت ملكية نادى خيتافى إلى الشيخ بطى بن سهيل آل مكتوم، مقابل 90 مليون دولار.
فرنسا هى الأخرى كانت وجهة جديدة للعرب، حيث اشترى القطريون، من خلال مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية نسبة 70% من أسهم نادى "باريس سان جيرمان" مقابل 50 مليون يورو.. وهو المبلغ، الذى أنقذ هذا الكيان الكبير من مشكلاته المالية الصعبة، مع وضع خطة لتطوير النادى، والنهوض به، من خلال ضخ 60 مليون يورو سنويا.
والآن يبقى السؤال: لماذا يشترى العرب الأندية الأوروبية؟
وأظن أنه لو كانت هناك أسباب كثيرة تبتعد عن الجانب المادى، والاقتصادى، فى اعتقاد البعض.. سيبقى الفكر الاستثمارى هو الدافع الأهم، والأقوى، فليس من المتوقع أن تكون مثل هذه الصفقات.. وغيرها الذى سيأتى فى الطريق، تحركها دوافع مثل تلك التى حركت صفقة "إبراموفيتش" مع تشيلسى، فقد حدث أن سعى الرئيس الروسى آنذاك "فلاديمير بوتين" إلى التخفيف من ضغط اليهود من أصحاب المليارات، على الاقتصاد الروسى، وبالتحديد على صناعة النفط.. التى يسيطرون عليها بشكل كبير، فكان قرار الصهاينة بضرب الاقتصاد الروسى من خلال نقل جزء من أموالها إلى الخارج، وكان الاختيار على بريطانيا التى لا تملك فيها سيطرة اقتصادية كبيرة، فكان شراء نادى تشيلسى.. ولذلك لم يكن غريبا.. بالمرة.. أن يتولى تدريب الفريق مدرب إسرائيلى.
والحقيقة أن الاستثمار فى الأندية الأوروبية مربح للغاية، وخاصة فى إنجلترا.. وتقول الوقائع على سبيل المثال، وليس الحصر.. إن الأندية المشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز حققت أعلى الأرباح بقيمة 1.9 مليار إسترلينى، مقارنة بالبطولات الأوروبية الأخرى، حيث احتل الدوري الألماني، والدورى الإسبانى المركز الثاني بقيمة 900 مليون جنيه إسترلينى، ثم الدورى الإيطالي بقيمة قدرها 800 مليون جنيه.
الأندية فى حد ذاتها استثمار طويل الأجل.. فنادى "فولهام" حين اشتراه الفايد عام 1997، وكان يلعب حينها في دوري الدرجة الثانية، لا تزيد قيمته على 80 مليون جنيه إسترليني، وتزيد قيمته الآن تزيد على 500 مليون إسترليني.. ودفع "رومان إبراموفيتش" 140 مليون جنيه إسترليني ل"كين بيتز" مالك النادي السابق، الذي كان قد اشتراه فى عام 1982 مقابل مليون جنيه إسترليني فقط!!
وتضاعفت قيمة تشيلسى مع "إبراموفيتش"، بعد أن حقق بعدها بطولة الدوري لموسمين متتاليين، وليغير بالفعل من موازين اللعبة في دوري كان يسيطر عليه مانشستر يونايتد وأرسنال.
ربما يبدو الأمر غريبا بالنسبة لنا.. لأنه جديد على مفاهيمنا.. فكيف يمكن أن تصحو من نومك غدا.. وتغادر بيتك لتذهب لشراء ناد؟ أمر غير معقول.. لكنه يحدث فى أوروبا كل يوم.. والعرب دخلوا الساحة وينافسون بقوة.. ولا تستغربوا عندما يأتى الوقت الذى تباع فيه الأندية المصرية، تماما مثلما يحدث فى أوروبا، ولكن ترى من سيشتريها.. العرب.. أم الأجانب.. أم المصريون؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.