"مين اللي قال الدنيا دي وسية ..سوانا رب الناس سواسية" كلمات من ملحمة أغنية الوسية التي لجأ إليها المصريون عبر أجيال عديدة للتعبير عن الظلم الذي يتعرضون له، وكانت أبرز الأغاني التي استخدمها ثوار يناير عبر مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك، والتي تتناول طبيعة الشعب المصري الذي كان ولا زال يلجأ إلى السخرية من الهموم والمآسي التي يتعرض لها،إنها من تأليف الشاعر سيد حجاب الذي غيبه الموت، اليوم الأربعاء. وسيد حجاب شاعر مصر ملقب بشاعر الفقراء وأبرز شعراء العامية، كما كتب أبرز كلمات أغاني المسلسلات والتي أبرزها ليالي الحلمية والوسية والتي تكللت فيهم موهبته الشعرية التي تتماشى مع السياق الدرامي. نشأته ولد الشاعر العامي الكبير سيد حجاب لأسرة متوسطة في قرية المطرية، أقصى الشمال الشرقي من محافظة الدقهلية على شواطئ بحيرة المنزلة في مطلع أربعينيات القرن الماضي، حصل على شهادة الثانوية، ورحل إلى مدينة الإسكندرية للالتحاق بكلية الهندسة، وقد شغفته الإسكندرية حبًا بعالمها الثرى والمتنوع، الذي يعج بمختلف ألوان النشاط الأدبي والفني لمختلف جنسيات العالم وقتها. لقاء مع كبار الشعراء غادر سيد حجاب الإسكندرية واستقر في القاهرة ليلتقي بكبار الشعراء الذين سبقوه، كصلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزملاء جيله كعبد الرحمن الأبنودي ويحيى الطاهر وغيرهما، وارتبط ببعض تجمعات اليسار، واعتقل لعدة شهور فازداد عشقًا للناس وللغلابة، ومع بداياته بالقاهرة قدم سيد حجاب مع عبد الرحمن الأبنودي برنامجًا إذاعيًا بعنوان "بعد التحية والسلام" ثم ألف ديوان "صياد وجنية" الذي حمل أصداء التأثير الكبير لنشأته في المطرية على ضفاف بحيرة المنزلة، حيث تعلم معنى الكفاح من حياة الصيادين الفقراء، كما تعلم منهم الشعر. الطريق إلى الفقراء إلا أن أكثر ما أحزن حجاب بعد صدور ديوانه وعلى الرغم من الحفاوة التي قوبل بها في الوسط الثقافي –آنذاك- أن شعره لم يصل للجمهور، لهؤلاء الفقراء الذين كتب عنهم ولهم، وقد شعر بعبث أن يكتب في وطن تغمره الأمية، لذلك توجه مبكرًا لكتابة الأغنية التي شعر أنها أقصر طريق يمكن أن يسلكه المبدع حتى تصل رسالته، وقد قدم في هذا الإطار مجموعة من التجارب الرائعة خلال مشواره الطويل مع الموسيقار الكبير عمار الشريعي وآخرين، أثرت تاريخ الأغنية المصرية، كما عكست إصراره على تقديم فهم مختلف لدور القصيدة، قصيدة تلاحق الحكمة، فتشعر حين تنصت أنك أمام حالة تفكير، تأمل، ووعي حاد يلامس الهم الإنساني ويصفيه فيطالعك وجه الحقيقة الدمس والغامض. دوواين شعرية وبالرغم من انخراطه في كتابة الأغاني وتميزه في هذا المجال إلا أنه استمر في إصدار دواوينه الشعرية والتي كان من أبرزها "في العتمة"، "أصوات" و "نص الطريق" وإلي جانب تجاربه المتنوعة يقدم سيد حجاب واحدًا من أكثر أعماله أهمية وجمالاً، حيث قدم عملين موسيقيين للأطفال شاركه فيهما الموسيقار عمار الشريعي، ودائماً ما يعلن سيد حجاب اعتزازه بتلك التجربة ويراها واحدة من أهم نجاحاته، خاصة وأن مشروع الكتابة للطفل لم يجذب المثقفين المصريين مع استثناءات قليلة جدًا كانت أهمها كتابات الدكتور عبد الوهاب المسيري في هذا المجال. الوسية وليالي الحلمية كتب سيد حجاب العديد من الأغاني التي ارتبطت بها الأعمال الدرامية مثل "ليالي الحلمية"، "الأيام"، "الوسية"، "الشهد والدموع"، "المال والبنون"، "حدائق الشيطان"، "ناصر"، "غوايش"، "أحلام لاتنام"، "الأصدقاء"، وغيرها الكثير من المسلسلات، كما كتب أغاني فيلم الأراجوز، وعدد من الأغنيات التي تغنى بها مجموعة من المطربين أشهرهم المطرب علي الحجار كما في أغنيات "هنا القاهرة" و"يا مصري". تتر المال والبنون مؤخرًا تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوضح تغيير كلمات تتر النهاية لمسلسل، المال والبنون، وسط إدعاءات بأن ممدوح الليثي المسؤول عن الرقابة في ذلك الوقت، تدخل لإحداث ذلك الأمر. تعرضت كلمات تتر المال والبنون بالإجبار على تغيير كلمات الأغنية وجاءت كلمات التتر «الأصلي» وفقًا لعنوان الفيديو كالآتي: «يا دنيا ولا هادي ضهري ليكي ولا أعيش بقهري.. ياما نفسي يصفالي دهري وترجعي حقانية"، في حين كانت كلمات التتر المُذاع: «أحلامى تصلبلى ضهرى ويروق ويصفالى دهرى.. وويلالي زهري.. وجواهرى لكل ناسى وليّا". وفي موضع آخر جاءت الكلمات الأصلية: "لاء يا دنيا, أجري غُري غيري ولاعبى وضُري.. أما أنا رغم مُري نفسي عزيزة وأبيه»، أما المُذاعة: "يا دنيا مهما تُغريّى غيري.. مسيرك تمُري... وبعد مُري.. تسُري نفسي العفيفة الغنية". وتبدلت الخاتمة الأصلية، فكانت: "دنيا غرورة دنية زي الحنش شرانية.. ياريتنا نأمن اذاها ونعيش سوى بصفو نية"، أما النهاية المتعارف عليها: "بحلم وأفتح عنيه على جنة للإنسانية.. والناس سوا بيعشوها بطيبة وبصفو نية". جوائز حصل سيد حجاب على العديد من الجوائز أهمها جائزة كفافيس الدولية لعام 2005م، في الشعر عن مجمل أعماله، كما كرمه معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين باعتباره أحد رموز الشعر الشعبي في العالم العربي. انتقاد لقاء المثقفين بالسيسي انتقد سيد حجاب لقاء عبدالفتاح السيسي بالمثقفين، قائلا:"المثقفين الذين حضروا لم يمثلوا الثقافة والمثقفين المصريين بشكل الصحيح كما افتقد هذا الاجتماع كبار من الكٌتاب والمثقفين الحاليبن مثل بهاء طاهر وصنع الله ابراهيم وآدم حنين وكان هناك تمثيل محدود للشباب المثقفين".
