حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الخميس من العودة إلى الحرب الأهلية الطائفية في العراق على خلفية أعمال العنف التي اندلعت بمنطقة الحويجة في محافظة كركوك وانتقلت شرارتها إلى محافظات أخرى، في وقت تتعمق فيه الأزمة السياسية بسبب تلك الأحداث. وقال المالكي في خطاب تليفزيوني للشعب:”أتوجه إلى رجال العشائر والمثقفين والإعلاميين إلى عدم السكوت عن الذين يريدون أن يعيدونا إلى الحرب الأهلية والطائفية”.وأضاف أن “ما يحققه الحوار والتفاهم لن يستطيع أن يحققه الإرهاب.. المطالب الحقة لن تتحقق إلا بالحوار والتفاهم.. وليس بالإرهاب”. واتهم المالكي تنظيم القاعدة وبقايا حزب البعث العراقي وكذلك أطرافا إقليمية باستهداف بلاده.وقال :”ليس لنا عدو في الشعب العراقي.. عدونا فقط القاعدة والإرهاب وفلول حزب البعث الذين هم من أشعلوا الفتنة الأخيرة”.وتابع أنه ربها تكون هناك جهات خارجية تريد أن تسقط العراق في دوامة الفوضى.وأكد المالكي أن حكومته لن تسمح “لأى تجاوز من رجال الأمن على المواطن.. ولن نسمح بأي تجاوز على الأمن والجيش العراقي”. وكانت لجنة تحقيق برئاسة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك قد قدمت اعتذارها عن أحداث الحويجة التي سقط فيها العشرات معظمهم من المتظاهرين.وانتفض عدد من العشائر في محافظات كركوك وصلاح الدين والموصل والأنبار عقب اقتحام ساحة الحويجة، ونشرت الآلاف من أبنائها المدججين بالسلاح وشنت عشرات الهجمات على النقاط العسكرية والأمنية في تلك المحافظات، مما أسفر عن مقتل واصابة العشرات من الطرفين، الأمر الذي يرجح مزيدا من التصعيد على المستويين الأمني والسياسي، بحسب مراقبين. واعتبر أحمد المساري، عضو القائمة العراقية (بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي) أن الاعتذار الذي تقدمت به اللجنة، غير كاف ولا يتناسب مع حجم الكارثة التي حصلت الثلاثاء الماضي، على حد وصفه. وأكد المساري، الذي يعد أحد أبرز المفاوضين في قضية الحويجة ل “سكاي نيوز عربية” “أن مطالبنا واضحة وصريحة، تتضمن سحب الجيش بالكامل من قضاء الحويجة وتسليم الملف الأمني إلى أجهزة الشرطة”. وأضاف: “كذلك تسليم كل الضباط والسياسيين الذين أعطوا أوامر الهجوم على المعتصمين إلى القضاء”.وأشار إلى أن “اللجنة التحقيقية التي شكلها رئيس الحكومة (نوري المالكي) اعترفت أمس (الاربعاء) من خلال اعتذارها إلى أهالي الحويجة بأن عملية الاجتياح التي حصلت كانت خاطئة” بحسب قوله. وكان المالكي قد وجه في وقت سابق بتشكيل لجنة وزارية برئاسة نائبه صالح المطلك وعضوية حسين الشهرستاني (نائي رئيس الوزراء) ووزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي ووزير حقوق الإنسان محمد شياع السوداني للتحقيق في ملابسات ما حدث في قضاء الحويجة وتحديد المقصرين ومحاسبتهم”، بحسب البيان الذي صدر من مكتبه.وأكد المساري على موقف “القائمة العراقية” بشأن التهديد بسحب وزرائها من الحكومة وتعليق المشاركة في جلسات مجلس النواب، لكنه قال إن نواب القائمة “سيحضرون جلسة استثنائية الأحد المقبل لبحث جريمة الحويجة” على حد تعبيره.ويتفق التيار الصدري (بزعامة مقتدى الصدر) مع العراقية على اعتبار أن الحكومة “اعترفت بخطئها” بقرار التعويض، وقال النائب عن كتلة الأحرار عبد الحسين ريسان في تصريحات صحفية إن “قرار تعويض قتلى الحويجة جاء بعد اعتراف الحكومة الاتحادية بالخطأ”. من جانبه، دافع سامي العسكري، عضو ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) والمستشار الإعلامي لوزارة الدفاع، عن قرار مهاجمة ساحة الاعتصام في الحويجة، قائلاُ ل “سكاي نيوز عربية” “إن القضية تتعلق بهيبة الدولة والقوات المسلحة التي كانت على المحك خلال الفترة السابقة”. ورأى أن “من واجب الأجهزة الأمنية حفظ الأمن في كل مكان خاصة ما يتعلق بساحات الاعتصام التي تحولت إلى حواضن للخارجين عن القانون والإرهابيين” بحسب قوله. وشدد القيادي المقرب من المالكي على أنه “كان هناك إصرار من قبل بعض الجهات (لم يسمها) بتحويل ساحات الاعتصام إلى ساحات للمجرمين والقتلة، وبالتالي كان على الحكومة حل هذا الموضوع”. وحول الجهة التي تتحمل مسؤولية عدد الضحايا الذي سقط جراء اقتحام الحويجة، قال: “هذه المسؤولية يتحملها عدد من الأطراف، أولها: رجال الدين الذين يدعون إلى التحريض الطائفي خلال خطب الجمعة المتكررة، وكذلك السياسيين الذين ركبوا الموجة، فضلاً عن المعتصمين أنفسهم الذين حولوا ساحات الاعتصام إلى ملاجئ للإرهابيين”.