حصل مؤتمر دعم التنمية في دارفور الذي اختتم الاثنين في الدوحة، على وعود من الجهات المانحة والحكومة السودانية بتقديم 3,696 مليار دولار لتمويل مشاريع التنمية والاعمار في الاقليم بعد عشر سنوات من اندلاع النزاع فيه. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة القطري لشؤون مجلس الوزراء احمد بن عبدالله ال محمود “حصلنا على 3,696 مليار دولار” في المؤتمر الذي استمر يومين وحضره 400 مندوب من الدول والجهات المانحة وهيئات الاممالمتحدة. واكدت وكالة الانباء القطرية ان المبلغ يشمل “تعهدات الحكومة السودانية وفقا لوثيقة الدوحة للسلام في دارفور” الذي تم التوقيع عليها عام 2011. وتبلغ قيمة المساهمة السودانية المتوقعة بموجب الاتفاق 2,65 مليار دولار. وقد اكد البيان الختامي للمؤتمر “تجديد الحكومة السودانية التزامها” بتقديم المبالغ المتوجبة عليها بموجب اتفاق السلام. وكانت قطر اعلنت تعهدها بتقديم نصف مليار دولار في وقت سابق الاثنين لتمويل استراتيجية تنمية دارفور. وذكر آل محمود ان عدة دول طلبت ان تقوم مباشرة بمقاربة مشاريع التنمية في دارفور خارج اطار مؤتمر الدوحة الذي طرح استراتيجية اعمار تمتد على ست سنوات وتشمل مشاريع تتطلب تمويلا ب7,2 مليار دولار. كما ذكر آل محمود بان قطر سبق ان بادرت الى اطلاق مصرف تنمية خاص بدارفور برأسمال يبلغ ملياري دولار. وبحسب المسؤول القطري، فان الدوحة ستدفع مباشرة 50% من ال177 مليون دولار المطلوبة بشكل عاجل للمشاريع ذات الاولوية الآنية في الاقليم الشاسع، وذلك لاطلاق عمل استراتيجية التنمية الدولية. من جهته، قال نائب مدير برنامج الاممالمتحدة للتنمية في السودان امين شرقاوي لوكالة فرانس برس ان الحصول على 50% من مبلغ ال177 مليون دولار المطلوب بشكل عاجل “لاغراض تأسيسية”، يسمح “بالبدء فورا بتنفيذ مشاريع اعادة الاعمار وبتعزيز مصداقية الاستراتيجية” الخاصة بالاقليم. واعرب شرقاوي عن الثقة بالقدرة على الحصول على النصف المتبقي من هذا المبلغ “في الاشهر القليلة المقبلة نظرا الى الدعم الدولي القوي الذي تم التعبير عنه خلال هذا المؤتمر”. وخلال المؤتمر الذي استمر يومين، اعلنت المانيا عن تعهدها بمبلغ 16 مليون يورو على الاقل، فيما تعهد الاتحاد الاوروبي بتقديم 27 مليون يورو. بدورها اعلنت تشاد المساهمة بمليون دولار وايطاليا بنصف مليون دولار والبرازيل ب300 الف دولار. واكتفى متحدثون اخرون باعلان الدعم السياسي للسلام في دارفور دون الافصاح عن مبالغ محددة. وسعى المؤتمر خصوصا للحصول على دعم لاستراتيجية دولية تنص على جمع 7,2 مليار دولار من اجل وضع اسس تنمية طويلة المدى عبر تحسين مشاريع المياه والطرقات والبنى التحتية بشكل عام في الاقليم الذي شهد ارتكاب فظاعات بحق المدنيين. وكان رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني الذي رعت بلاده مفاوضات السلام في دارفور خلال السنوات الاخيرة، اعلن ان السلام بات “واقعا” في دارفور، وطمأن المانحين في افتتاح المؤتمر بقوله ان “ما تقدمونه من دعم مالي لدارفور لن يذهب هباء ولن يتبدد في اجواء المعارك والحروب”. وحضر المؤتمر النائب الاول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ورئيس السلطة الاقليمية لدارفور التيجاني سيسي والامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي والامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي بالاضافة الى ممثلين للامين العام لمنظمة الاممالمتحدة وحوالى 400 مندوب عن حكومات ومنظمات اهلية. وعقد المؤتمر في اطار تنفيذ اتفاق السلام الذي وقعته الخرطوم مع تحالف من المجموعات المتمردة في الدوحة في تموز/يوليو 2011. الا ان فصائل متمردة كبيرة رفضت اتفاق الدوحة للسلام، فيما قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مطلع العام ان هناك تقدما محدودا في تطبيق الاتفاق. ونددت حركتا التمرد الاكبر في دارفور الاحد بمؤتمر الدوحة، وقال عبد الواحد محمد نور الذي يقود احد فصائل جيش تحرير السودان في اتصال هاتفي مع فرانس برس “اندد بشدة” بمؤتمر الدوحة. واضاف “لتنظيم مؤتمر للمانحين ينبغي اولا ارساء السلام والامن على الارض”، معتبرا ان “المال لن يذهب الى السكان”. من جهته، طالب جبريل ادم بلال من حركة العدل والمساواة المجتمع الدولي ب”عدم منح حكومة السودان فرصة لارتكاب جرائم” بحق سكان دارفور. ودعا كل المتحدثين في مؤتمر المانحين الحركات المتمردة التي لا تزال تنشط خارج اتفاق السلام الى الالتحاق باتفاق الدوحة. وقال مدير برنامج الاممالمتحدة للتنمية في السودان علي الزعتري في وقت سابق لوكالة فرانس برس انه “يمكن تفهم بعض المعارضة التي تلقاها الاستراتيجية، وذلك خصوصا بسبب استمرار مشاكل الامن. الا اننا نعتقد بان الطريق الوحيد لتغيير المسار في دارفور هو التقدم باتجاه التنمية بالرغم من وجود جيوب محدودة وانما قوية من العنف”. وكانت بريطانيا تعهدت الاحد بتقديم 16,5 مليون دولار سنويا لدارفور على مدى ثلاث سنوات لمساعدة السكان على زراعة محاصيلهم ولتقديم التدريب للسكان من اجل الحصول على عمل. وقد اسفر النزاع في درافور عن نزوح حوالى 1,4 مليون نسمة. كما اسفر عن 300 الف قتيل بحسب الاممالمتحدة، وهو رقم رفضته الخرطوم بشدة وتتحدث عن عشرة الاف قتيل. وتظاهر النازحون الاحد في مخيماتهم في درافور مطالبين المؤتمر باعطاء اولوية للامن، وقال بعضهم انهم لن يعودوا الى قراهم قبل تثبيت السلام. ووقعت مجموعة منشقة عن حركة العدل والمساواة المتمردة الكبيرة السبت في الدوحة اتفاقا “نهائيا” للسلام مع الخرطوم.