قال عبد الحليم قنديل الكاتب والمحلل السياسي والقيادي المؤسس بحركة كفاية، إن الثورة المصرية لن تستطيع أن تنتصر إلا بأن يكون لها حزبها ولن يحدث ذلك إلا إذا نما حزب من اليسار أو الوسط وأصبح عمودا فقريا تلتف حوله بقية الأحزاب، معتبرا أن أي كلام خارج مهمة بناء حزب للثورة يعد بمثابة خيانة لها، مشيرا إلى أن الثورة لم تصل إلى السلطة حتى الآن لأنها ولدت بلا قيادة مطابقة لها، في الوقت الذي لا يمكن فيه التعويل على من وصفهم بالوكلاء. وأضاف قنديل، خلال كلمته مساء أمس عن "الموقف السياسي الراهن"، في أول ندوات "الصالون السياسي" لحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي"، التي تزامنت مع اليوم الذي يبدأ فيه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عامه الثاني في حكم مصر، "إن السيسي جمع بين نقيضين هما قوة الإنجاز وضعف الإنحياز للطبقات الفقيرة والوسطى التي تمثل غالبية الشعب، وذلك في إطار تقييمه لتجربة العام الأول من حكم الرئيس، والمتوقع في عامه الثاني. واعتبر قنديل في الندوة التي استضافها المقر المركزي لحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بوسط البلد، أن بند الاستقلال الوطني، الذي أشار إلى أنه قضية مهمة كالديمقراطية بل وتسبقها، تحقق فيه إنجاز ظاهر، بمعنى أن حدث تفكيك في هيمنة أمريكا على مصر، وأصبحت الإدارة المصرية لا تبالي بالمعونة الأمريكية، كما أن سيناء تعود الآن إلى لمصر بعد أن انتهت إلى الأبد فكرة نزع سلاحها طبقا لمعاهدة "كامب ديفيد"، وبدأ مد الجسور إلى روسيا والصين في التسليح، مشيرا إلى "التحرر من السجن الأمريكي الإسرائيلي جرت فيه خطوات واصحة وخلال العام الثاني من حكم الرئيس لابد من استكمال "فك القيود". وفيما يتعلق بالاقتصاد أشار قنديل إلى أنه جرى اختراق واسع النطاق، مستشهدا بمشروع قناة السويس الجديدة، مضيفا: ملاحظتي أن من يقوم بهذا الإنجاز هو المؤسسة العسكرية، حيث دخلت قوة جديدة اسميها "رأسمالية الجيش"، وواضح أنها شكلت تناقضا رئيسيا مع "رأسمالية المحاسيب"، مشيرا إلى أنه حدثت حروب تكسير انتهت بإخضاع الرئيس وإلغاء قراره السابق بفرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة. وأضاف الكاتب والقيادي السياسي، الذي أيد رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية الماضية، وأكد خلال الندوة أنه جاء ليناقش وليس ليحرض: "السيسي لم يقدر بعد على تصفية النظام القديم واستعادة الأموال المنهوبة، وأن الصيغة الجديدة القائمة الآن تمنحهم فرص نهب جديدة، مشيرا إلى اعتقاده بأ ن الحرب ستجدد بينهما في العام الثاني من حكمه". وعن وضع الفقراء والطبقات الوسطى الذين يمثلون غالبية الشعب أو 90% منه، ويملكون 25% فقط من ثروة البلد، على حد قوله، قال قنديل إن نظام السيسي تجبر عليهم ببرنامج لرفع الدعم، مشيرا إلى اعتقاده أن هناك مراجعة لأمر تطبيق الشريحة الثانية من تخفيض الدعم على الطاقة، لكن لا أستطيع أن أجزم أن هناك تراجعا عن التجبر على الفقراء، معتبرا أن جوهر التقدم الاقتصادي هو رأسمالية مشوبة بالتجبر على الفقراء تحاول تصنيع هذا البلد. وأضاف: "العدالة الاجتماعية صفر إلى الآن في أداء السيسي، وإهمال القطاع العام استمرار لسياسة مبارك ضد الفقراء والطبقة الوسطى، ولا يمكن لبلد في حجم مصر أن يعتمد على اقتصاد الخدمات، مشيرا إلى أن جوهر القياس هو الطابع الانتاجي والقدرة على تحويل مصر إلى قوة اقتصادية كبرى قادرة على التصدير. وأكد قنديل على أن هناك إرهاب بالفعل في مصر والمنطقة، وليس كما يعتقد البعض من بان "الدولة تقتل بعضها"، وهو إرهاب من نوع مختلف في المنطقة، مشيرا إلى أن "داعش" هي أعلى مراحل تطور الحركة الإسلامية التي تطالب بالخلافة، وهو شيء مهم مثلما كان وصول الاخوان للحكم في مصر مهما، لينكشفوا بعدها أمام المصريين، لافتا إلى أن الاخوان يسيرون الآن في سكة لا رجوع منها وهي "سكة الدعشنة"، داعيا في الوقت نفسه إلى تبني شعار العدالة بدلا من شعار المصالحة وإخلاء سبيل غير المحتجزين في قضايا العنف والإرهاب. وفيما يتعلق بملف الحريات والديمقراطية ، قال: الحريات العامة (بما فيها حقوق التظاهر والإضراب والاعتصام) قولا واحدا دُهست في سياق الحرب ضد الإرهاب، وذلك على يد ضيق التشريع والممارسة، مشيرا إلى أن العام الأول من حكم الرئيس كان أكثر الأعوام تضييقا على الحريات منذ 25 يناير، متوقعا في الوقت نفسه أن يتم تفكيك ذلك في العام التالي من حكم الرئيس، لأن الإرهاب سيخف ويختفي بالتالي المبرر الذي تستخدمه القوى القمعية، بالإضافة إلى ما وصفه بصعود الرأي العام في مصر الذي اعتبره أهم مكسب للثورة. و"النادي السياسي" بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي هو محاولة لإثراء النقاش السياسي في مصر، ولفت الأنظار إلى أوجه القصور الموجودة في السياسات العامة، وتقديم بدائل وحلول أمام صانع القرار والشعب، وهو مفتوح أمام كافة الآراء الرصينة بغض النظر عن مدى تطابقها أو اتفاقها أو اختلافها مع الآراء الرسمية للحزب.