مكتب الرئيس اللبناني في قصر بعبدا كتب-محمد علاء: ترجع الأزمة السياسية في لبنان إلي عقود ماضية،فالصراع السياسي اللبناني الحالي ليس نتيجة اللحظة الراهنة،فالدولة التي شهدت الهجمات على الأهداف الأمريكية وحرب الجبل والمخيمات يعتبر ما تشهده الأن من أزمات وصراعات سياسية يعتبر لا شئ بالنسبة بمقارنة الماضي. والصراع السياسي في لبنان ليس مجرد صراع وتناقض بين السنة والشيعة أو بين المسلمين والمسيحيين،بل طبيعة الصراع أشمل وأعقد من أن تكون تناقضا دينيا فحسب،إذ أنه صراع اجتماعي واقتصادي وسياسي شامل مرتبط بقوي إقليمية وعالمية تعمل على تسليح وتمويل الفصائل المتصارعة وتدفعها قدما لمواصلة افتعال الأزمات والخلافات على حساب بناء دولة مستقلة قوية. يعتبر اتفاق الطائف الذي توصل إليه النواب اللبنانيون عام 1989 في الطائف برعاية المملكة العربية السعودية كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية،وأصدر البرلمان اللبناني في مارس 1991قانون العفو عن كل الجرائم التي حصلت منذ بداية الحرب الأهلية عام 1975. و مع اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005 اشتعل الصراع السياسي في لبنان من جديد،خصوصا بعد اتهام النظام السوري وحزب الله أنهم مرتكبي تلك الجريمة،ومع تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة اللبنانية استمر تزايد الصراع السياسي فقوي الثامن من آذار رفضت تلك الحكومة وانسحب وزرائها من المشاركة فسقطت حكومة سعد الحريري في 12يناير 2011. وبعد تدخل حزب الله في سوريا لمساندة النظام السوري استغلت قوي الرابع عشر من آذار الداعمة للمعارضة السورية تدخل الحزب واستخدام التدخل في زيادة الهجوم على الحزب وحلفائه من مكونات قوي الثامن من آذار. النواب اللبنانيون ينتخبون الرئيس السابق أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان مع نهاية ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشيل سليمان منذ مايو الماضي تلقي بظلالها علي المشهد السياسي في لبنان،حيث فشل البرلمان اللبناني في جميع جلساته في انتخاب رئيس جديد للبلاد. ويعتبر الفراغ نتيجة حتمية للتوازن القائم بين طرفي الصراع في لبنان،حيث يمتلك فريق الثامن من آذار 57 نائبا وفريق الرابع عشر من آذار 54 نائبا من أصل 128 مقعدا، في حين أن هناك كتلة وسطية مؤلفة من 17 نائبا. وبما أن الدستور اللبناني ينص على أن الرئيس يجب أن يحصل على 65 صوتا على الأقل في دورات الاقتراع الثانية وما بعد،فإن نصه على ضرورة تأمين النصاب من قبل ثلثي أعضاء البرلمان جعل الطرفين قادرين على التعطيل، من دون قدرة أي منهما على تأمين الأصوات ال65. وفي ديسمبر الماضي تم بدء حوار بين تيار المستقبل وحزب الله تحت رعاية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري،وكان الهدف من الحوار تخفيف الاحتقان السني الشيعي والاتفاق على شخص رئيس الجمهورية. ومنذ أسبوع قال محمود القماطي القيادي بحزب الله اللبناني أن العماد عون رئيس التيار الوطني الحر هو مرشح الحزب للرئاسة اللبنانية وأن الحزب لايرضى عنه بديلا. وأضاف أن التطورات المحلية والإقليمية والحوارات اللبنانية كلها مؤشرات لإمكان الاتفاق وإنجاز الاستحقاق الرئاسي. حسن نصر الله وعون وجعجع وفي تصريحات صحفية لسمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية قال أنه مقتنع بسحب ترشيحه لرئاسة الجمهورية إذا كان ذلك سيؤدي إلي انتخابات الرئاسة، لكن سحب ترشيحي في الوقت الحاضر سيؤدي إلي مزيد من التعقيدات لسبب بسيط هو أن العماد عون ستكون لديه حجة أكبر للاستمرار على موقفه وسيقول أنه لم يعد موجودا إلا مرشح مسيحي واحد فلماذا لا تنتخبون هذا المرشح المسيحي القوي؟،وأن حزب الله يزداد إصرارا على تعطيل الانتخابات الرئاسية. وفي تصريحات لوكالة أنباء أونا قالت الناشطة السياسية مايا نعمة أن حوار حزب الله والمستقبل يثبت صوابيته خصوصا بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت في لبنان مثل تفجير جبل محسن وما حدث في سجن رومية،وأن الحوار بينهم يخفف من احتقان الشارع ويحمي لبنان داخليا. وأضافت "مايا" أن حوار حزب القوات اللبنانية مع التيار الوطني الحر مهم وضروري للوصل إلى حل داخلي للرئاسة بعيدا عن الضغوط الخارجية. ومن جانبه قال الكاتب الصحفي اللبناني فيصل الأشمر في تصريحات لوكالة أنباء أونا لا شك أن الحوار الجاري بين حزب الله والمستقبل حوار إيجابي ولو أنه ما يزال في بداياته،فهو يساعد على الوصول بالبلد إلى حل لمشاكل كثيرة أهمها موضوع انتخاب رئيس للجمهورية وموضوع الانتخابات النيابية. كما أنه يساعد على التخفيف من التوتر بين السنة والشيعة على صعيد الجمهور،كذلك الأمر فيما يتعلق بالحوار الذي سوف يجري بين التيار الوطني الحر "التيار العوني" والقوات اللبنانية. وهما طرفان رئيسيان لدى الطائفة المسيحية، والحوار بين العماد عون وسمير جعجع في حال جرى ونجح قد ينتهي إلى الاتفاق على رئيس للجمهورية. وأضاف "الأشمر" على كل حال فأي حوار بين أي جهتين في لبنان أمر جيد لمصلحة البلد،لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه: هل سيسمح الطرف العربي والآخر الأجنبي الذي يعود إليه تيار المستقبل والقوات اللبنانية بالوصول إلى أي حل لا ينال رضاه؟ فنحن نعلم التأثير الكبير للسعودية مثلاً على سمير جعجع وسعد الحريري، فهل ستترك السعودية لهما حرية القرار؟ هذا أمر مشكوك فيه.