كتبت مارينا ميلاد بحثاً عن حياة أفضل و طلباً لفرص عمل تكفيهم قوت يومهم ، يغادر الكثير من المصريين بلادهم ، آملين أن يجدوا ما يبحثون عنه فى مكان آخر ، لكن ربما يتفاجئوا بواقع لم يكن فى حسابهم ، وهذا ما حدث مع العاملين المصريين فى ليبيا ، الذين لم تقتصر معانتهم على حد سوء المعاملة أو التهديدات بالترحيل أو عدم توافر مستحقاتهم ، بل وصلت إلى الخوف من فقدانهم حياتهم فى أى لحظة ، أو اختطافهم و طلب فدية – قد لا يمتلكها الكثير منهم – مقابل إطلاق سراحهم. من أشهر أزمات العمالة المصرية فى طرابلس عام 1977 ، عندما زار الرئيس الراحل أنور السادات إسرائيل ، الأمر الذى اغضب عدد من الدول العربية و منهم ليبيا ؛ فطالب وقتها الرئيس الليبى معمر القذافى العمالة المصرية بمغادرة البلاد ، و التى قدرت انذاك ب 225 ألف عامل ، مهددهم بالاعتقال فى حال عدم تنفيذ ذلك ، ثم هدد بعدها بضرب مدينة السلوم ، مما دفع "السادات" باعلان الحرب على ليبيا ، إلى أن تم وقف إطلاق النار بعد وساطة عربية بينهم. تأثر العمال المصريين فى ليبيا بالأزمة المالية العالمية ، حيث تصدرت قائمة الدول التي قامت بتسريح العمالة منها ، وبلغ عدد العائدين 30 ألف عامل فى يونيو 2009 – بحسب بيانات وزارة القوى العاملة انذاك. وعقب قيام الثورة الليبية عام 2011 و رحيل "القذافى".. ساءت الاوضاع الأمنية و الاقتصادية و السياسية فى ليبيا ، و ساعد ذلك فى انتشار الجماعات المتطرفة المسلحة ، الذين استهدفوا المصريين المتواجدين هناك سواء بالقتل أو بالسرقة أو بالاختطاف ، حيث بلغ عدد القتلى عشرة أشخاص حتى اواخر يوليو الماضى ، كما تم اختطاف 20 مصرياً من سائقى الشاحنات فى اكتوبر 2013 للتفاوض مع السلطات المصرية للافراج عن 13 ليبى مقبوض عليهم بتهمة تهريب أسلحة عبر الحدود ، و تكررت الواقعة مرة أخرى باختطاف 4 مصريين بمنطقة "قنفودة" بمدينة بنغازى ، إلى جانب اختطاف 4 من الدبلوماسيين العاملين بالسفارة المصرية يناير الماضى. وقدرت أعداد المصريين بليبيا قبل الثورة بمليون و 600 ألف عامل بنسبة 60 % من حركة العمالة المصرية بالخارج ، غادر منهم 200 ألف عامل خلال فترة الصراع بين كتائب القذافى والثوار ، ثم عاد الكثير منهم كانوا يحملون تصريحات إقامة رسمية، بينما تقدر العمالة المتواجدة بليبيا قبل إندلاع المواجهات الاخيرة بمليون و260 ألف عامل تقريبًا – بحسب السفارة المصرية بطرابلس ، مع العلم أن هناك أعداد غير موثقة نظراً لدخولهم الاراضى الليبية بطرق غير مشروعة. ومع تزايد الاحداث الدامية نتيجة العمليات المسلحة فى ليبيا بين الجماعات المتطرفة و قوات اللواء خليفة حفتر ، عاد 6244 مصرياً عبر مطار القاهرة الدولى على متن طائرات ليبية و تونيسية ، بالتزامن مع انطلاق أولى رحلات الجسر الجوى ، الذى تم إنشاءه بين المطارات المصرية و مطار قابس التونسى ، و الذى وصل خلاله 319 مصرياً عائدين من الاراضى الليبية ، يأتى ذلك فى الوقت التى تحركت فيه السفينة المصرية "عايدة 4″ ، صباح اليوم ، تجاه لميناء "جرجيس" التونسى ، لنقل 250 مصرياً على متنها إلى القاهرة. فيما تستمر أزمة المصريين العالقين على الحدود المصرية الليبية و المصرية التونيسية ، الذين يتزايدون يوماً بعد يوم فى إنتظار إجلائهم ، خاصة فى منفذ رأس جدير على الحدود الليبيبة التونيسية ، بينما مازال المئات و ربما الالاف المصريين فى ليبيا لم يستطيعوا الوصول من بيوتهم إلى المطارات أو المنافذ الحدودية بسبب انتشار الميلشيات المسحلة فى أرجاء البلاد – بحسب شهادات المصريين العائدين. ومن جانبها أكدت الخارجية المصرية على استمرار التنسيق المستمر و الدائم مع السلطات الليبية و التونيسية لتذليل العقبات التى تواجه العائدين عبر المنافذ الحدودية أو المطارات و تسيير أكبر عدد من الرحلات لنقلهم ، كما أن هناك اتصالات مكثفة مع سفيرا مصر فى طرابلس و تونس والمسئولين فى البلدين لمتابعة أوضاع المصريين.