قالت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إنه من الطبيعي أن تتأثر العمالة المصرية في ليبيا بتردي الأوضع هناك، خاصة وأن السوق الليبية كانت تستوعب نحو 60% من حركة العمالة المصرية بالخارج. وأضافت المنظمة، في بيان لها، أن عدد العمالة المصرية التي كانت موجودة بليبيا قبل أحداث الثورة، كانت تقدر بمليون و600 ألف عامل، غادر منهم 490 ألفًا، خلال فترة الصراع بين كتائب القذافى والثوار، ثم عاد ما يقرب من 100 ألف مصري كانوا يحملون تصاريح إقامة رسمية، وأن العمالة الموجودة بليبيا حاليا، تقدر بمليون و260 ألف عامل تقريبًا. وأشارت المنظمة إلى أن الصراع السياسي الدائر حاليًا في ليبيا تسبب في مغادرة حوالي 4212 مصريًا، حسب ما أعلنته وزارة الطيران المدني، عبر الحدود "الليبية - التونسية" على متن 16 رحلة طيران، إلا أنه من الصعب حصر أعداد المصريين القادمين من ليبيا، إذ أن المصريون ما زالوا يتدفقون على الحدود الليبية التونسية. وأشارت المنظمة إلى أن أعمال العنف التي تتعرض لها العمالة المصرية في ليبيا لم تحدث من قبل، لاسيما بعد تكرار استهدافهم أكثر من مرة في عمليات إرهابية، لافتة إلى أن العمليات التي ترتكبها الجماعة الجهادية في ليبيا والاشتباكات مع قوات الأمن هناك، أسفرت عن مقتل ما يقارب 90 وإصابة أكثر من 400 آخرين بجروح، حسب ما أعلنته وزارة الصحة الليبية، علاوة على مقتل 7 مصريين أقباط قال عنهم ضابط بالشرطة الليبية إن الجثث مصابة بأعيرة نارية في الرأس.. وذكرت المنظمة أن عاملين مصريين لقيا مصرعهما، أواخر يوليو الماضي، نتيجة سقوط قذائف عشوائية بمنطقة الهواري بمدينة بنغازي، بعد تبادل لإطلاق الصواريخ والقذائف بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وتنظيم "أنصار الشريعة"، إلى جانب عمليات الاختطاف التي استهدفت الأجانب، حيث اختطفت ميليشيات مسلحة بمنطقة أجدابيا أكثر من 20 مصريًا معظمهم من سائقي الشاحنات في أكتوبر عام 2013، من أجل مساومة السلطات المصرية للإفراج عن 13 ليبيًا، مقبوض عليهم بتهمة تهريب أسلحة عبر الحدود. ولم تكن عملية اختطاف ال20 مصريًا هي الأخيرة، حيث تم إطلاق سراح 7 عمال من بينهم 4 مصريين، اختطفهم مجهولون مسلحون بمنطقة قنفودة في مدينة بنغازي. كما طالب أهالي 13 شابًا مصريًا من الإسماعيلية، محتجزين في منطقة "براك الشاطئ" بليبيا، الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالتدخل لإعادتهم إلى وطنهم. وأشارت إلى أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا لأزمة العمال المصريين في ليبيا، مشيدة بعقد اللجنة الوطنية المعنية بمتابعة أوضاع المصريين في ليبيا اجتماعاتها يوميًا، لمتابعة التطورات التى ترد أولًا بأول حول الموقف على الأرض فيما يتعلق بأوضاع المواطنين المصريين الموجودين في منطقة الحدود "التونسية - الليبية"، لتسهيل عودة الراغبين منهم إلى أرض الوطن، واتخاذ قرارات فورية تكفل سرعة إنهاء الموقف القائم في منطقة الحدود. وأعربت المنظمة عن ارتياحها لوجود طاقم قنصلي على الجانب التونسى من الحدود يعمل على مدار الساعة بعد مضاعفة عدده أكثر من مرة لتسهيل عبور المصريين من الجانب الليبي إلى الجانب التونسي من منفذ رأس جدير، ووجود تنسيق مستمر مع السلطات الليبية والتونسية لتذليل أي عقبات، فضلاً عن الاتصالات التي يجريها سفيرا مصر في طرابلس وتونس مع المسؤولين في البلدين للوقوف على سرعة إجراءات العبور من المنفذ، واستمرار التنسيق مع وزارة الطيران المدني لترتيب إجراءات تسيير عدد أكبر من الرحلات لتسفير المواطنين المصريين، وتشغيل الحكومة المصرية جسرًا جويًا بين المطارات المصرية والمطارات التونسية لإعادة العمالة. وأوضحت المنظمة أن المصريين الموجودين في ليبيا ما زالوا يواجهون خطرًا كبيرًا على حياتهم، مشددة أن نزوح المصريين العائدين من ليبيا يهدد بأن يصبح مأساة إنسانية مكتملة الأركان، مطالبة الدولة المصرية بسلطتها التنفيذية وقواتها المسلحة توحيد الجهود لإنقاذ المصريين العاملين فى ليبيا وتأمين عودتهم إلى الوطن، لأن سلامتهم ونجاتهم والحفاظ على حياتهم أهم بكثير من أن يختزل الأمر إلى مجرد المتابعة. وفي هذا السياق، قدمت المنظمة المصرية عددًا من التوصيات لوزارة الخارجية من أجل تسهيل وسرعة عودة المصريين، كان أولها ضرورة العمل على النقل الفوري للمصريين باستخدام باقي وسائل النقل بجانب الجسر الجوي وذلك لكثرة عدد المصريين العائدين، كإنشاء أسطول بحري، والنقل البري من على الحدود إلى داخل الأراضي التونيسية. وأشارت المنظمة إلى أهمية الاتفاق مع الحكومة التونسية على السماح للمصريين بدخول الأراضي التونسية، إلى جانب الاتفاق مع السلطات الليبية، على تدخل مصر لحماية رعاياها داخل ليبيا في ظل تدهور الأوضاع، إضافة إلى توفير وزارة القوى العاملة وظائف للعائدين من ليبيا تضمن لهم حياة كريمة في بلادهم. وأضافت المنظمة أنه على الإدارة المصرية ،بما فيها مؤسسة الجيش، الانتباه جيدًا للحدود الغربية التي تشكل مصدر خطورة كبير نظرًا لأنها المنفذ الأول للأسلحة والهجرة غير الشرعية لمصر. ولفتت المنظمة إلى أنه يتعين على منظمات المجتمع المدني وجمعيات الإغاثة والمبادرات الشعبية أن تنشط سريعًا لدعم الجهد الحكومي؛ لأن الأجهزة التنفيذية لن تستطيع بمفردها مساعدة المصريين العائدين من ليبيا. وأوضحت أن هذه الأزمة لم تكن الأولى حيث سبق وأن تأثرت العمالة المصرية في طرابلس بالسلب، عام 1977، نتيجة لتوتر العلاقات بين البلدين، بسبب قيام الرئيس الاسبق أنور السادات، بزيارة إسرائيل وطالب القذافي حينها المصريين بمغادرة البلاد، وكان عددهم وقتها 225 ألف عامل، مهددًا باعتقالهم حال عدم المغادرة، كما تأثرت العمالة المصرية بالأزمة المالية العالمية، حيث تصدرت ليبيا قائمة الدول التي قامت بتسريح العمالة منها، وبلغ عدد العائدين، حسب بيانات القوى العاملة والهجرة، 30 ألف عامل خلال ال10 أيام الأخيرة من يونيو 2009.