كتب : مصطفى حمزة "فنان الحارة المصريه " و"سيد درويش الكاريكاتير" هما من بين القاب عديده اطلقت على فنان الكاريكاتيرالراحل حجازى.والذى تحل غدا الثلاثاء22 اكتوبر الذكرى الثانيه لرحيله حيث رحل عملاق الكاريكاتير حجازى فى نفس اليوم عام 2011عن عمر يناهز 75 عامًا بمسقط رأسه فى"قرية كفر العجيزى" بطنطا. وولد الفنان أحمد إبراهيم حجازي في مدينة الإسكندرية عام 1936 من أب يعمل سائق قطار وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة الأحمدية الثانوية بطنطا. وبدات علاقة حجازى بالكاريكاتيرعندما حضرإلى القاهرة عام 1954 ليعرض رسوماته.و قابل الكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس وفنان الكاريكاتيرعبدالسميع، وكان مع حجازى وقتها رسومات للزعماء مصطفى كامل وأحمد عرابى وغيرهما، فقالوا له: «نريد كاريكاتير»، ومن هنا كانت فكرة رسم الكاريكاتير واحترافه وبعد ذلك قام الفنان حسن فؤاد بتعيين حجازى فى دار التحرير كرسام بخمسة جنيهات شهريا، وبعد فترة أعطاه كتابا من تأليف «ماوتسى تونج» الزعيم الصينى عن مشكلات الفن، والذى كان السبب فى تناول القضايا السياسية فى رسوماته طوال خمسين عاما وعندما عمل الراحل فى الأخبارطلب منه مصطفى أمين أن يرسم جملاً وعليه الملك حسن ملك الأردن، وأن يكتب تعليقا «خيبة الأمل راكبه جمل»، وذلك لتوتر العلاقات بين مصر والأردن وقتاها، فكان قرار حجازى الانصراف وعدم العودة إلى الأخبار مرة ثانية وقام الكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين عام1956 بترشيحه للعمل ضمن الكتيبة المؤسِّسة لمجلة " صباح الخير" التي رفعت شعارها الشهير "مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة".وفيها التقى بعدد من كبار الرسامين مثل «صلاح جاهين و جورج البهجوري ورجائي» لتبدأ رحلة حجازي مع الصحافة المصرية التي صار بعد فترة قصيرة واحدا من أبرز رساميها. واستطاع حجازي ومنذ التحاقه بالعمل رساما للكاريكاتير فى «روزاليوسف» في العام 1956، أن يعبر برسومه بسخرية لاذعة لا تخلو من عمق فلسفي كبير عن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها مصر والوطن العربي.وكان منحازا دائما إلى الطبقات الشعبية برؤية فلسفية متفردة. نكسة67والعزله وشهدت رسوم حجازي تحولا كبيرا عقب نكسة 1967 فخيم عليها الاكتئاب والإحباط والعبث.و تصاعدت حدتها أثناء فترة الانفتاح الاقتصادي التي أقرها الرئيس الراحل السادات بعد زيارته للقدس، وما صاحب تلك الفترة من تغييرات في منظومة القيم، فظهرت شخصيات حجازي مصابة بالفصام .وحافله بالمتناقضات ما بين القيم النبيلة والفساد وما بين العدو الذي أصبح صديقا. وبينما هو في قمة تألقه ونضجه الفني، انسحب حجازي في هدوء، واختار العزله في شقته بمنطقة المنيل وانقطع عن اصدقائه تماما مثلما ترك الرسم فلم يرسل رسومه إلى مجلة أو جريدة إلا بين الحين والآخر عبر جريدة العربي الناصرية، أو مجلة الأطفال «علاء الدين»، مفاجئا عشاق خطوطه الساحرة ونكاته الموجعة، برسمة صغيرة هنا أو هناك، قبل أن يتخذ قراره الأخير بالعودة من جديد إلى مدينته طنطا، تاركا العاصمة بصخبها وقيل إن اعتزاله هذا بسبب الإحباط أو اليأس من التغيير، وقيل أيضا إن خجل الفنان الطبيعي تغلب عليه. ورغم تعدد التفسيرات حول اعتزاله الا ان حجازى قال فى حوار له مع الكاتب الصحفى محمد بغدادى «اعتزلت الرسم لأنى شعرت بأنى أكرر رسوماتى، فلم يعد عندى جديد، والشوية اللى عندى خلصوا، وسبب تكرار الرسومات أن المشكلات لم تتغير، والقضايا السياسية واحدة لا تتطور. وكان حجازى يصف الكاريكاتير بأنه «يجعل من يشاهده يفكر أكثر، فهو حافز على التفكير، وليس القصد منه الضحك فقط»، لذلك تصلح رسوماته للمشاهدة فى أى زمن لأنها تجمع بين العمق وبساطة الخطوط وتميزها، والفكرة المدهشة . وحسب نقاد الكاريكاتير "تتميز خطوط حجازي بانسيابية كبيرة وتناسق بديع في الألوان، واعتمد في مدرسته الجديدة التي أسسها وسار على دربها كثيرون على فكرة الواقع المعكوس، التي كانت تنطلق من رصد الواقع كما هو من دون تدخل، استنادًا على ما فى هذا الواقع من مفارقات مضحكة للغاية مما جعل رسومه موجهة أيضا للأطفال، حيث كانت شخصياته الكرتونية ومنها"تنابلة السلطان"في القصص المصورة بمجلات "سمير_ماجد" الأكثر تأثيرًا في الأطفال على المستوى العربي. وعن ما ميز حجازى يقول الفنان محى الدين اللباد"ظل يرسم ما «يتسق مع استطاعته»، فرسم ما يعرفه .وفى الواقع الحى لم يملك حجازى صوتا جهيرا ولا نبرة عالية، وكذلك هو كاريكاتيره. وتبدو «نكتته» – دائما – وكأنها تعليق خاطف عابر بصوته الخفيض لا يقصد إسماعه لأحد، لكنه كاريكاتير يتم تسريبه بوعى شديد وبخطة داهية ليبدو هكذا: وكأنه خلق بتلك البساطة التى يبدو بها وتبدو تعليقاته . ويضف اللباد.بهذا الأسلوب الفكاهى الذى يبدو بسيطا شغل حجازى قراء الكاريكاتير وبه أبدع قممه التاريخية فى الكاريكاتير. ويقول الكاتب محمد بغدادى عن شخصية حجازى .كان يحب الصمت ويعشق الهدوء.. فذهب فى صمت ورحل بهدوء.و خسرته الصحافة المصرية بعد أن أحس أنه لا جدوى من الرسوم الكاريكاتورية مادامت هى لا تستطيع أن تغير الواقع. ويضيف بغدادى. أعتقد أن حجازى سيظل دائماً بيننا طالما رسوماته ما زالت تزين الجدران والصفحات.ومازالت قادرة على إثارة الدهشة ورسم الابتسامات العذبة فوق الشفاه