وزيرا الخارجية والرى يناقشان موضوعات المياه والتغير المناخي والعلاقات مع دول حوض النيل    بعد تعرضها لحادث.. نشوى مصطفى تطمئن جمهورها على حالتها الصحية    تنسيق الثانوية العامة 2024.. تعرف على برنامج الهندسة الإنشائية بكلية الهندسة بالمطرية    رئيس جامعة جنوب الوادي يفتتح فعاليات البرنامج التدريبي "صيانة الأجهزة العلمية"    مجاور: سأعمل علي عدة ملفات في شمال سيناء من بينها الاقتصاد    5 شروط للتقديم في مدرسة الضبعة النووية.. تعرف على التفاصيل والمجموع    إقالة رئيس مدينة المنشأة فى جولة ميدانية لمحافظ سوهاج -صور    تنسيق وتكامل.. رئيسا "سلامة الغذاء" و"الدواء" يبحثان التعاون المشترك    «أنت الحياة».. مبادرات مستمرة من أجل حياة كريمة    الشكر لشاكر.. وعصمت قادر على التحدى    مبادرة «ابدأ» تقتحم مجال صناعة السيارات بتطوير مصنع النقل الخفيف    أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة وارد حدوثه في أي لحظة    الأمم المتحدة تعرب عن القلق العميق إزاء التصعيد بين حزب الله وإسرائيل    بيدري يقبل اعتذار توني كروس المتسبب فى إصابته ب يورو 2024    عقب هجوم بالمسيرات الأوكرانية.. انفجارات كبيرة في ممر إمدادات الجيش الروسي جنوبي البلاد    النني ينضم إلى معسكر منتخب مصر الأوليمبي    صراع الهدافين في يورو 2024.. صدارة هولندية ومطاردة إنجليزية إسبانية    «التغيرات المناخية» محور تدريبات «تحدي الشباب» بكفر الشيخ | صور    تطور جديد في قضية حادث دهس الفنان عباس أبو الحسن لسيدتين بالشيخ زايد    حبس وتصالح.. منطوق الحكم على شقيق كهربا في واقعة رضا البحراوي    نتيجة الدبلومات الفنية 2024.. الموعد الرسمي لإعلانها للطلاب في المدراس    لعرض برنامج الحكومة.. ننشر التفاصيل الكاملة للجلسة الخاصة لمجلس النواب غدا    علي غزلان يعلن انفصاله عن زوجته: هفضل سندها وأتمنى احترام القرار    يسرا توجه رسالة شكر ل تركي آل الشيخ بعد عرض مسرحية "ملك والشاطر" في السعودية    حفلة جامدة جدا.. ON تروج ل «4 شارع شريف» للإعلامي شريف مدكور في مهرجان العلمين    بعد استبدال كسوة الكعبة.. أين تذهب الكسوة القديمة؟    القاهرة الإخبارية: أكثر من 2000 إسرائيلى يتظاهرون فى تل أبيب لإقالة نتنياهو    التحالف الوطنى للعمل الأهلى يهنئ الشعب المصرى بالعام الهجرى الجديد    أمين الفتوى: سيدنا النبي في هجرته المباركة علمنا عدم إنكار دور المرأة    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الأمل أحد أهم الدروس المستفادة من الهجرة النبوية    تسجيل 225 إصابة بالحمى النزفية في العراق خلال 6 أشهر    فرمان الخطيب يحسم مصير عمرو السولية في الأهلي    بسبب 0.02 من الثانية.. فريدة عثمان تُعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    «ملحمة البرث».. 7 سنوات على معركة البطولة والصمود    سيناء.. بوابة مصر الشرقية ودرعها الواقي على مر الزمن    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل صديقهما بسبب سرقته شقة بحدائق القبة    الوداد المغربي يقترب من التعاقد مع موكوينا    فارسكور تشهد الاستعدادات النهائية لختام ورش "مصر جميلة"    رغم فقد بعض المكاسب.. البورصة تصعد 0.84% بختام تداولات اليوم    رئيس جامعة المنوفية يعتمد نتيجة تراكمي بكالوريوس كلية التربية النوعية بنسبة 91,74%    وزير الخارجية البريطاني الجديد: نرغب في اتخاذ موقف متوازن تجاه إسرائيل وغزة    غدا.. انقطاع مياه الشرب عن مدينة القناطر الخيرية لمدة 7 ساعات    نائب وزير الصحة يتفقد مركز صحة الأسرة بالحي الثالث بمنطقة بدر الطبية    في يومها العالمي.. أهم الفوائد الصحية للشوكولاتة    حازم مبروك عطية: الهجرة النبوية الشريفة تعلمنا درسا هاما فى حب الوطن    وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره القبرصي للتهنئة بتوليه منصبه الجديد    «الصحة»: انطلاق المرحلة الثانية من المسح الميداني المجاني للكشف المبكر عن البلهارسيا والطفيليات المعوية    شعبة الخضروات: موسم المانجو يبدأ مبكرا هذا العام والأسعار في المتناول    «أثناء عبورها الطريق».. تفاصيل دهس سيدة عند كوبري أحمد عرابي    في أولى جولاته.. محافظ أسيوط يتفقد سير العمل بمستشفى الرمد للعيون    صعود نجم كامالا هاريس يهدد آمال بايدن في الانتخابات الأمريكية.. هل ينسحب؟    «الداخلية»: ضبط 483 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1284 رخصة خلال 24 ساعة    آلاف المسلمين التايلانديين من 45 محافظة تايلاندية يلتقون شيخ الأزهر في بانكوك    رأس السنة الهجرية.. ما حكم التهنئة بقدوم الأعوام والشهور والأيام؟    امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرف حل امتحان الكيمياء وراجع إجاباتك    حقيقة وفاة لاعبين اثنين من اتحاد طنجة المغربي.. جرفتهما الرياح أثناء السباحة    شاهد بالبث المباشر منتخب البرازيل اليوم.. مشاهدة منتخب البرازيل × الأوروجواي Twitter بث مباشر دون "تشفير" | كوبا أمريكا 2024    أحمد دياب يكشف تفاصيل ما حدث لأحمد رفعت لاعب مودرن سبورت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسام الكاريكاتير أحمد حجازي.. الفنان الثائر.. في ذمة الله
نشر في محيط يوم 21 - 10 - 2011

رحل فنان الكاريكاتير المصري أحمد حجازي عن دنيانا بعد أن ترك إرثا فنيا حيّا يتحدث باسمه عبر الزمن، ويحكي تاريخا لمصر مجسدا في رسومه الفنية. عُرِف عنه نقده اللاذع لما يدور حوله من أحداث ووقائع في المجتمع المصري والعربي.. حتى صار صاحب مدرسة خاصة في فن الرسم الكاريكاتيري استمرت تحمل اسمه حتى اليوم رغم اعتزاله العمل منذ عدة سنوات حتى مماته بعد أن أدرك عدم جدوى نداءاته للتغير في مصر.

لمحات عن مولده ونشأته
ولد الفنان أحمد إبراهيم حجازي في مدينة الإسكندرية عام 1936 من أب ريفى يعمل سائقا للقطار. وعاش بداياته الأولى في مدينة طنطا. تلقى حجازي تعليمه الثانوي في مدرسة الأحمدية الثانوية بطنطا.. ويقول «كنت أيامها متحمسا جدا، وأرسم رسوما تعبيرية، ولم يكن في دائرة اهتمامي الرسوم الكاريكاتيرية»، لكنه وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي والتحق بكلية الفنون الجميلة إلى أن رشحه الكاتب الراحل الكبير أحمد بهاء الدين للعمل ضمن الكتيبة المؤسِّسة لمجلة "صباح الخير" التي رفعت شعارها الشهير "مجلة القلوب الشابة والعقول المتحررة". وظل يرسم يها ويقدم أعماله لصحف المعارضة المصرية إلى أن قرر التفرغ لرسومات الأطفال في فعل من أفعال الاحتجاج على ما آلت إليه الأوضاع في مصر. ويقول حجازي: «في فترة الصيف كان أبى يصحبني معه في القطار إلى محافظات شتى، فرأيت مصر كلها عبر نافذة القطار، وعندما التحقت بالمدرسة، كنت أشعر عندما يدعوني بعض زملائي الأغنياء إلى بيوتهم، وأرى الفخامة، بأن هناك شيئا غير مضبوط في الدنيا، ولم أكن أفهم أبدا وقتها لماذا نحن فقراء جدا إلى هذا الحد».

ويحكي حجازي عن تلك المرحلة في الكتاب الوحيد الذي صدر عنه لمحمد بغدادي ويتضمن عددا من رسومه التي تمثل مختلف مراحله العمرية قائلا: «وجدت المسألة مش مضبوطة، فقررت أن أشتغل فأخبرت صديقي إسحق قلادة بأنني سأستقل القطار إلى القاهرة، فأصر على أن يأتي معي على رغم أن أسرته كانت تستطيع أن تصرف عليه ليكمل تعليمه». ويقول بغدادي الذي زامل حجازي لسنوات طويلة في مؤسسة روز اليوسف إنه «ترك خلفه رسالة قصيرة جدا لأسرته يقول فيها إنه «لا يستطيع أن يستمر عبئا على الأسرة ويريد أن يتحمل مسئولية نفسه».

كانت القاهرة فى ذلك الوقت- بدايات العام 1954- تمر بتغييرات شتى إثر قيام ثورة يوليو، وكان حجازي قد شد رحاله إليها حاملا أحلامه الصغيرة، ليبدأ رحلته مع الرسم، وليتنقل بين عدد من المجلات حتى رشحه أحمد بهاء الدين للعمل معه فى مؤسسة «روزاليوسف»، وفيها التقى بعدد من كبار الرسامين مثل «صلاح جاهين وجورج ورجائي» لتبدأ رحلة حجازي مع الصحافة المصرية التي صار بعد فترة قصيرة واحدا من أبرز رساميها، بعد سلسلة أعماله في مجلة الأطفال «سمير» عبر مسلسل الرسوم «تنابلة السلطان» والذي تميزت شخصياته بروح كاريكاتيرية فكاهية عالية، لأطفال ضاحكين دائما.

وكان حجازي منذ طفولته مولعا بالقراءة، فكان يقرأ كل ما يقع تحت يديه من دكان «عم إبراهيم» بشارع البحر بطنطا، يشتري منه الكتاب بقرش، أو يستعيره ويسرع في قراءته وتبديله بكتاب آخر، ويقول عن تلك الفترة إنه قرأ كتبا لم يكن يدرك معناها من الشرق والغرب، في شتى ألوان المعرفة، غير أن حروف المطبعة تركت بداخله شيئا مختلفا ومؤثرا، اكتشف بعضه عندما عاود قراءة هذه الكتب مرة أخرى بعد هجرته إلى القاهرة.

رحلته مع فن الكاريكاتير
عمل حجازي أول ما عمل، رساما للكاريكاتير بمجلة «روزاليوسف» منذ العام 1956، وكان شديد الاعتزاز بهذا العمل، ويقول بتواضع الفنان إنه «تعلم الفن من كل من سبقوه وكل من جاءوا بعده». وعندما ترأس الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين مجلس إدارة دار «الهلال» طلب من حجازي العمل معه في مجلة «سمير» وكانت مجلات الأطفال - وقتئذ - تعتمد بشكل أساسي على الرسوم الأجنبية، وكل ما كانوا يفعلونه هو ترجمة النص من لغته الأصيلة للغة العربية، وتغيير أسماء أبطال الحكايات، وكانت فكرة حجازي من البداية أن يكون المواطن على وعي ودراية بما يحدث حوله في المجتمع، والطفل مواطن صغير يتصور أنه يعرف كل شيء بما في ذلك السياسة.

كانت رسوما الكاريكاتيرية عنوانا لمرحلة مهمة في تاريخ مصر امتدت منذ نهاية الخمسينيات وحتى ابتعاده عن صخب العاصمة واعتزاله العمل الصحفي والتفرغ لرسوم الاطفال في قريته بطنطاالتي سيشيع منها.

واستطاع حجازي ومنذ التحاقه بالعمل رساما للكاريكاتير فى «روزاليوسف» في العام 1956، أن يعبر برسومه بسخرية لاذعة لا تخلو من عمق فلسفي كبير، عن القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية نفسها التي مرت بها مصر والوطن العربي منحازا دائما إلى الطبقات الشعبية برؤية فلسفية متفردة، تميزت خلالها رسومه بشفافية فنان قادر على اقتناص الأفكار الجديدة الطازجة والمدهشة من مفارقات الواقع. وعن تلك الفترة يقول حجازي «لقد تغيرت حسبة الكاريكاتير، ولم تعد هناك رموز تعبر عن مفردات اجتماعية واضحة، بعد أن تغير الواقع الاجتماعي... زمان كانت «الطبلية، ومصباح الكيروسين يعبران عن الفقر، أما الان فتجد الشريحة الاجتماعية نفسها تملك جهاز فيديو وأبناءها يشربون ال «سفن أب»، وعندما ترسم هذه الصورة كيف تقول إنهم فقراء؟... بينما هم فقراء فعلا بشكل ما».

كما تميز فن حجازى الكاريكاتورى فى الصحف العربية بالانتقادات اللاذعة، وعلى نحو مخالف لكاريكاتير ذلك الوقت، والذى كان يقوم على المبالغة الشديدة لإضحاك الناس، واعتمد فى مدرسته الجديدة التى أسسها وسار على دربها كثيرون على فكرة الواقع المعكوس، التى كانت تنطلق من رصد الواقع كما هو من دون تدخل، استنادا على ما ينطوى عليه هذا الواقع من مفارقات مضحكة للغاية.

غير أن رسوم حجازي شهدت تحولا لافتا عقب نكسة 1967 فخيم عليها الاكتئاب والإحباط والعبث، وهى الحال التي سرعان ما تصاعدت في أثناء فترة الانفتاح الاقتصادي التي أقرها الرئيس الراحل السادات بعد زيارته للقدس، وما صاحب تلك الفترة من تغييرات في منظومة القيم، فظهرت شخصيات حجازي مصابة بالفصام ومزدحمة بالمتناقضات ما بين القيم النبيلة والفساد وما بين العدو الذي أصبح صديقا، لتطرح أسئلة غاية في الأهمية عن الانفتاح والانغلاق، والشرف والعار.

وحسب نقاد الكاريكاتير "تتميز خطوط حجازي بانسيابية كبيرة وتناسق بديع في الألوان، واعتمد في مدرسته الجديدة التي أسسها وسار على دربها كثيرون على فكرة الواقع المعكوس، التي كانت تنطلق من رصد الواقع كما هو من دون تدخل، استنادًا على ما ينطوي عليه هذا الواقع من مفارقات مضحكة للغاية مما جعل رسومه موجهة أيضا للأطفال، حيث كانت شخصياته الكرتونية في القصص المصورة الأكثر تأثيرًا في الأطفال على المستوى العربي.

اعتزاله العمل
غير أنه ومنذ سنوات قاربت العشر، وبينما هو في قمة تألقه ونضجه الفني، انسحب حجازي في هدوء، وانزوى في شقته الكائنة بضاحية المنيل الهادئة، مكتئبا ومحبطا ومكتفيا بأحزانه، التي تنوء عن حملها الجبال، فلم يرفع سماعة هاتفه ليرد على سائل أو صديق - إلا نادرا - وانقطع عن الرسم فلم يرسل رسومه إلى مجلة أو جريدة إلا بين الحين والآخر عبر صحيفة «العربي» الناصرية، أو مجلة الأطفال «علاء الدين»، مفاجئا عشاق خطوطه الساحرة ونكاته الموجعة، برسمة صغيرة هنا أو هناك، قبل أن يتخذ قراره الأخير بالعودة من جديد إلى مدينته طنطا، تاركا العاصمة بصخبها وجدلها العقيم، متوحدا بذكريات سني عمره الأولى، ودفء الملايين من محبيه. وقيل إن اعتزاله هذا بسبب الإحباط أو اليأس من التغيير، وقيل أيضا إن خجل الفنان الطبيعي تغلب عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.