تحت شعار «دعونا نبدأ فى بناء دولة جديدة» وبالتزامن مع العيد الوطنى لإقليم كتالونيا، خرج أكثر من مليون ونصف المليون مواطن كتالونى للمشاركة فى مسيرة ببرشلونة عاصمة الإقليم للتأكيد على مطالبهم بالاستقلال والانفصال عن المملكة الإسبانية. جاءت المظاهرات العارمة قبل أسبوعين من الانتخابات المحلية للإقليم والمزمع انعقادها فى السابع والعشرين من سبتمبر الجارى والتى يعلق عليها المواطنون المطالبون بالانفصال آمالًا كبيرة، خاصة بعد أن أكدت نتائج استطلاعات الرأى الأخيرة ارتفاع فرص نجاح الأحزاب الداعمة للاستقلال وقدرتها على الحصول على 68 مقعدا على الأقل فى برلمان كتالونيا الذى يضم 135 مقعدا. وقد تعهد حزب «مرشح الوحدة الشعبية» وائتلاف يدعى «معا من أجل نعم» الداعمان للاستقلال، بأنه فى حال فوزهما فى الانتخابات المقبلة والحصول على أغلبية مطلقة فى البرلمان الكتالونى سوف يشرعون فى عملية الانفصال وذلك من خلال إنشاء المؤسسات الحكومية الخاصة بالإقليم، ووضع الدستور، وإقراره بعد إجراء استفتاء شعبى، وطرح خارطة طريق للاستقلال خلال 18 شهرا يعلن بعدها عن ميلاد دولة جديدة باسم «دولة كتالونيا». وأثناء الاحتفال بالعيد الوطنى للإقليم، ردد ارتور ماس، رئيس حكومة كتالونيا الداعم للاستقلال، جملة «قوتنا فى صناديق الاقتراع، وليس فى مكان آخر»، مخاطبا حشود الانفصاليين، داعيا ال 5.5 مليون ممن لهم حق التصويت إلى أن يحسموا فى الانتخابات مصير أمتهم السياسى، آخذا على مدريد تجاهلها الحراك السلمى من أجل الحق فى تقرير مصير الإقليم، فيما جاء رد رئيس الوزراء الإسبانى ماريانو راخوى مقتضبا وحاسما، قائلًا: لن نقبل إطلاقا بمثل هذا الاستفتاء الإقليمى، مؤكدًا أنه يعود للإسبان بمجملهم أن يبتوا فى وحدة بلادهم. من جانبه، ألمح وزير الدفاع الإسبانى بيدرو مورينيس فى تصريح للإذاعة الوطنية الإسبانية، ردًا على سؤال حول دور المؤسسة العسكرية فى مواجهة الانفصال، إلى أن «الجميع خاضع للقانون، إذا التزم الجميع بواجباته، أؤكد أن وقتها لن تكون هناك حاجة لأى تدخل مثل الذى تتحدث عنه» فى إشارة الى تدخل المؤسسة العسكرية. وفى نفس السياق، وفى كلمته أثناء افتتاح السنة القضائية الأسبوع الماضى، عارض رئيس المحكمة العليا كارلوس ليسميس أى خرق من جانب واحد للقانون الأسمى للبلاد الذى قال إنه تم إقراره عبر التوافق الوطنى وبإجماع من الشعب الإسبانى. ووصف القاضى الأول التمرد المحتمل على المشروعية الجارية فصوله فى «كتالونيا»، بكونه تجاوزا لحرمة الديمقراطية نفسها، موضحًا أنه خارج القانون، فى إشارة إلى رفض واضح وقوى لدوافع الحراك الانفصالى. يذكر أن «كتالونيا» هو إقليم صناعى يقع فى الشمال الشرقى للمملكة الإسبانية، ولدى مواطنيه المطالبين بالاستقلال أسباب عديدة منها التاريخى والقديم ومنها المعاصر والحديث، فسكان الإقليم يتحدثون اللغة الكتالونية كلغة أساسية ويعتزون بها ولديهم رغبة كبيرة فى نشرها على مستوى العالم، ولهم عادات وتقاليد وثقافة مختلفة كثيرا عن العادات والتقاليد الإسبانية، لذلك يشعرون أن لهم هوية خاصة ومن حقهم أن يكون لهم بلد مستقلة. كما يرى أيضًا الكتالونيين أن اقتصاد إقليمهم قد تضرر كثيرا بسبب سياسات الحكومة الإسبانية التى فرضت ضريبة تقدر ب 10? من الناتج المحلى الإجمالى لتصل إلى 20 مليار يورو، وفى المقابل لا توجد استثمارات أو خدمات اجتماعية توازى هذه الضريبة الباهظة، كما أن هناك عجزا فى الاستثمار فى البنية التحتية لأن الحكومة الإسبانية لا تريد أن تكون برشلونة أفضل من مدريد بحسب رأيهم. وبالرغم من ذلك، فإن هناك نسبة كبيرة من الكتالونيين يراقبون بقلق هذه التعبئة التى يدعو إليها رئيس الإقليم فهم يشعرون أنهم إسبان وكاتالونيون فى نفس الوقت ويرفضون انفصال منطقتهم عن الأراضى الإسبانية.