احتار الفلاسفة والمفكرون فى تعريف السعادة.. بل حتى فى وصفة ليعيش الإنسان سعيدا.. أو ما هو الطريق إلى السعادة؟! وهل هى تتحقق عن طريق الثراء ولا النجاح ولا العمل المرموق ولا حب الناس ولا الحب ولا راحة الضمير ولا فى إسعاد الآخرين ولا فى البنون ولا فى التقرب إلى الله عز وجل؟! أو بالهروب بنفسك من المشاكل ومن عالمك إلى عالم آخر تراه مريحا، أو حتى بالغرق فى الكيف أو الجنس أو العمل ليلا ونهارا؟! وأشياء كثيرة جدا توقعوا أنها تحقق السعادة ولكن هل يمكن ان تمسك السعادة بين يديك مثلما تمسك قطعة من النقود؟! بالقطع لا، إنها ذلك الإحساس والشعور فى لحظة ما بذلك الوميض المشع الذى يملأ نفسك وأرجاء روحك بالبهجة والفرح والسرور.. ربما لبسمة طفل فى وجهك أو لدعوة عجوز لك بالصحة والعافية أو حتى لانتصارك فى دور شطرنج أو دور طاولة محبوسة. فالسعادة والإحساس بها ليس له حدود، ود. زكى نجيب محمود الفيلسوف المصرى الشهير ورائد المنطقية الوضعية ارتأى أن السعادة تتحقق أثناء السعى والسعى لأى شىء فى العمل وفى المذاكرة أو الجهاد المهم أن تسعى.. والفيلسوف الإيطالى بندتو كروتشه رأى أن السعادة تأتى من الجمال فى الفن ومتعة الفن. وكثير من الأدباء والفنانين يرون أن الحب، الحب بكل أنواعه حب المرأة والزوجة وحب البشر والخير والحق والجمال وحب الله هو مصدر السعادة والفرح والسرور .. ولكن الإحساس بالسعادة فى عصرنا هذا اختلف كثيرا فأصبحت السعادة لبعض الناس فى جنى الفلوس وجمع الفلوس وتكديس الفلوس ولهم ما يريدون .. والبعض فى الجلوس على النت بالساعات والانعزال عن الآخرين ولهم ما يريدون وأصبح كل فرد فى الأسرة يعيش مع نفسه والعلاقات بينهم (تيك آواى).. بعض الناس سعادتهم الحقيقية فى نشر الحب والخير بين الناس والعطاء بلا حدود وهى من مهام الرسل والصالحين، وكلما احسوا أن من حولهم كان سعيدا تحققت لهم السعادة .. هل البنون يحققون السعادة، نعم قد يكون ذلك وقد لايكون لأنه يمكن يكون لك ابن أو ابنة تتمنى أنك لو لم تنجبه لأنه فاسد أو بليد أو مدمن أو سلوكه إجرامى.. فليست قاعدة ذهبية إنتاج الأطفال هو المحقق للسعادة. إنما الأمومة والأبوة إحساس جميل ويحقق أيضا السعادة. هل جربت أن تصنع جوا يشعرك بالسعادة حتى لو كانت وهمية؟!. نعم لقد فعلت ذلك كثيرا بإشعال الشموع وسماع الموسيقى والبحث عن قصة مضحكة أو تذكر موقف مضحك أو العيش فى قصة حب جميلة.. نعم يمكن ذلك للخروج من حالة وصنع جو من السعادة حتى لو كان وهما.. خاصة إذا كان كل ما حولك لا يبعث على السعادة.. فلا نسمع إلا عن حروب ومشاكل وقتل أبرياء وأطفال تتيتم وامهات تترمل، وبكاء ونحيب.. أو استغرق فى العمل والسعى كما يرى د. زكى نجيب محمود. هل سعادة المرأة مختلفة عما يسعد الرجل .. نعم لقد ذكرت لنا أديبة مصرية كبيرة وهى جاذبية صدقى أن سعادة المرأة فى الحب وأن الحب بالنسبة للمرأة أهم شىء.. عكس الرجل فالحب لا يأتى فى بداية أولوياته بل العمل والإنتاج.. ثم يأتى الحب والمرأة. والسعادة إحساس نسبى فما يسعدك قد لا يسعدنى.. أنت يسعدك الطعام وأنا يسعدنى الموسيقى. والأديب الكبير ثروت أباظة قال لى يوما إن الجهلاء هم أكثر سعادة وتعجبت لقوله هذا.. فقال إن المثقفين هم أكثر فهما لما يحدث حولهم ويكونون أكثر تأثرا بكل ما يحدث سواء خيرا أو شرا ولهذا هم أكثر إحساسا إما سلبا أو إيجابا ولهذا هم الأقل احساسا بالسعادة.. وفهمت وتفهمت.. ولهذا تعودت أن أصنع سعادتى وقناعاتى حتى لو كان كل ما حولى لا يبعث على السعادة. ولهذا أدعوك عزيزى القارئ للبحث عن سعادتك وإسعاد روحك على الرغم من كل ما نعيشه وما نراه..