لعلها المرة الأولى منذ سنوات طويلة التى يستقبل فيها المصريون موسم العيد دون مخاوف كبيرة من تعرض بناتهم وزوجاتهم للتحرش من المتنزهات والحدائق العامة، وذلك بعد أن رفعت الدولة سيف القانون فى وجه المتحرشين، وبخاصة بعد صدور الحكم الرادع لمحكمة جنايات جنوبالقاهرة بمعاقبة مرتبكى جريمة التحرش بالتحرير بالسجن المؤبد وحتى 20 عاما، كما انتصرت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ للمواطنة ضحية جريمة التحرش وهتك العرض وإعادتها إلى عملها، بينما استعدت الحملات والمبادرات الشعبية للقيام بدور غاية فى الأهمية لمحاصرة جريمة التحرش وتسليم المتحرشين فى العيد إلى أقرب قسم شرطة.. ومن بين هذه الحملات أعلنت «مبادرة خريطة التحرش» عن انتهائها من استعدادتها لاستقبال عيد الفطر المبارك، حيث قالت نورهان أسامة عضو المبادرة، أن الحملة يشارك فيها العديد من الشباب الذين يؤمنون بحق المرأة فى استعادة الأمان فى الأماكن العامة عن طريق التوقف عن الفكر المتسامح مع المتحرش، وبقيمة المرأة ودورها فى المجتمع، وقد قامت الحملة بنشاط كبير خلال فترة التجربة الرمضانية بعدد من المحافظات منها القاهرة الكبرى والاسماعيلية والمنيا، كما أنهم سيستمرون خلال فترة العيد بما يشجع نظراءهم على الانضمام لهذه الحملات، لافته إلى أن مهمة الحملة هى إنهاء التقبل المجتمعى للتحرش الجنسى، ومن أجل تحقيق هذا نعمل على تشجيع أفراد المجتمع رجاله ونسائه على رفض ظاهرة التحرش وأن يكونوا جزءا من حل المشكلة. وتشير نورهان أن الحملة تركز على أيام العيد، نظرًا لزيادة هذه الظاهرة فى مواسم الأعياد ومناطق الازدحام، وأن تعرض المرأة للتحرش فى هذه المناسبات يسىء كثيرًا لها. ومن جانبه، أكد فتحى فريد منسق مبادرة «شفت تحرش»، على استعداداتهم للتواجد ميدانيًا فى محيط منطقة وسط البلد للعمل على تأمين الفتيات والسيدات خلال احتفالات العيد، وذلك فى إطار فاعلياتها تحت شعار «معاً من أجل أعياد آمنة للنساء والفتيات». وفى هذا الإطار وقعت بعض المنظمات المحاربة للتحرش على البيان الذى يؤكد أن «الحكم الصادر ضد 7 متهمين فى أحداث الاعتداءات الجنسية الجماعية بميدان التحرير خلال الاحتفال بحلف يمين الرئيس المصرى الجديد تعد خطوة أولية فى عملية محاسبة ومحاكمة مرتكبى تلك الجرائم وإنهاء حالة الإفلات من العقاب لتلك الجرائم، وتعكس اعتراف الدولة بجرائم التحرش، كما أنه يعتبر بداية لإصلاح المنظومة التشريعية وأجهزة الدولة للتعامل مع قضايا العنف الجنسى المستشرية فى المجتمع المصرى وضمان محاكمة عادلة ومنصفة لمرتكبى تلك الجرائم». ويرى أيمن ناجى منسق حملة «ضد التحرش»، أن القانون ساهم فى زيادة التوعية بين الفتيات بهذة الظاهرة، بالإضافة إلى إدراك المتحرش بمدى خطورة الفعل الذى يقدم عليه. كما أن تعديل قانون العقوبات مؤخرا كان له أثر إيجابى حيث أصبحث الفتاة المتحرش بها أكثر جرأة فى التعامل مع الموقف، والدفاع عن نفسها وتحرير بلاغات ضد المتحرش، وهو ما يعد من أهم مكاسب القانون، وذلك بعد أن كان التقدم ببلاغ ضد المتحرش يعد بمثابة «فضيحة للفتاة». وفى سياق متصل، أوضح حاتم شعبان منسق حملة امسك متحرش، أن الحملة تهدف لوضع حد لظاهرة التحرش, ونشر الوعى قبل القضاء على الظاهرة، فالوقاية خير من العلاج , مشيرا أن هناك العديد من النشاطات التى تقوم بها الحركة غير إمساك المتحرشين, فهناك مدربون يقومون بتدريب النساء على فنون الدفاع عن النفس وكيف تتصرف فى حالة تعرضها للمضايقات ، كما يوجد ايضا معلمون يعلمون الاطفال كيفية التعامل مع المتحرشين اذا وجدوهم يتحرشون بفتاة. «تصريح بالضبط» واستكمل شعبان قائلاً أن الوقفات يشارك فيها اعداد كثيرة وان الحركه لقيت نجاحاً, فقد بدأنا بخمس وسبعين شخصاً حتى وصلنا الآن إلى ثلاثمائة عضو فعال يقومون بالانتشار فى جميع أنحاء البلاد. وعن فعالياتهم خلال أيام العيد قال شعبان أنه بمشاركة حملات أخرى نعمل على توزيع أنفسنا على الاماكن الحيوية التى تشهد ازدحاما شديدا ومنهم: شارع طلعت حرب، محمد محمود، الجلاء، ميدان التحرير، قصر البارون، وكورنيش النيل ، كما يوجد أيضا مجموعات فى المنترهات منهم : حديقة الأزهر، الفسطاط، حديقة الحيوان. وأكد شعبان أن المتحرشين الذين يتم ضبطهم يتم التعامل معهم بأدب ويتم تسليمهم لأقرب قسم شرطة فى المنطقة المضبوط فيها ، وذلك بعد أن سمحت لهم وزارة الداخلية بإعطائهم تصاريح تمكنهم من عملية ضبط المتحرش. الشرطة النسائية وعن دور وزارة الداخلية تجاه المتحرشين الذى من المتوقع زيادة نسبتهم خلال فترة عيد الفطر المبارك، قال اللواء على الدمرداش مدير أمن القاهرة إن الوزارة أصدرت مؤخرا قرارا بإنشاء أقسام شرطة بمديريات الأمن لمكافحة جرائم العنف ضد المرأة والتحرش، وذلك بالتنسيق مع قطاع حقوق الإنسان فى الوزارة، ويعد هذا محاولة لمنع تكرار حالات تحرش أخرى، وذلك من خلال نشر عناصر من الشرطة النسائية فى وسائل النقل العامة والميادين وأماكن التجمعات لمكافحة مثل هذه الجرائم، وهو القرار الذى يهدف لتفعيل دور الشرطة النسائية فى المجتمع المصرى. المترو والتحرش أما عن تأمينات واستعدادات هيئة مترو الأنفاق للعمل خلال عطلة العيد، يقول العميد هشام فاروق مدير إدارة شرطة مترو الأنفاق أنه يوجد ضابط نقل ومواصلات فى كل محطة من محطات المترو عدا المحطات الرئيسية يكون بها أكثر من ضابط، وكلب بوليسى. وأعرب عن استيائه من المعاكسات والمضايقات التى من المتوقع حدوثها بالمترو وكذلك عدم التزام البعض من الأطفال والمراهقين الذين يقفون بين عربات المترو وذلك يمثل خطورة على حياتهم ، مؤكدا على تزويد الخدمات السرية الخاصة بهم ، خاصة فى المحطات التى بجوارها منتزهات وحدائق حيث تشهد كثافة من الركاب، مثل محطة عين حلوان، وأيضا فى محطة جمال عبد الناصر نظرا لقربها من كورنيش النيل الذى يشهد ازدحاما كثيفا، كما يوجد مجندون على الأرصفة لمنع ركوب الرجال فى عربات السيدات، وذلك فى محاولة للتغلب على أى مضايقات ومعاكسات من الممكن أن تتعرض لها النساء. حكم تاريخى وفى حكم تاريخى لمحكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ أصدرت المحكمة حيثيات حكمها الذى يتصدى لأول مرة للآثار المترتبة على ظاهرة التحرش الإجرامية وانعكاساتها على الضحايا من العاملات فى المجال الوظيفى ليحدد إبعادها ويضع مؤسسات الدولة بأجهزتها أمام مسئولياته لينطلق نحو علاجها والقضاء على هذه الوصمة فى جبين المجتمع المصرى. وألغت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عبد الحميد متولى وزكى الدين حسين نائبى رئيس مجلس الدولة قرار الجهة الإدارية بكفر الشيخ فيما تضمنه من إنهاء خدمة المواطنة (س.ع) لانقطاعها عن العمل بسبب ما تعرضت له من تحرش جنسى واختطاف وهتك عرض مقيدة بجنايات كفر الشيخ وما يترتب على ذلك من أثار اخصها إلزام الجهة الإدارية بتمكينها من تسلم العمل. وقالت المحكمة إن هذه السيدة ظلت بعد واقعة التحرش الجنسى التى أدمت كرامتها طريحة الفراش تعانى من الآلام الجسدية والنفسية. ورغم ذلك أبلغت جهة عملها بما تعرضت له من اعتداء أثيم وخطفها من ثلاثة شباب عند عودتها من عملها نجم عنه هتك عرضها وطلبت الجهة الإدارية من مدير اللجنة الطبية العامة بكفر الشيخ الكشف عليها على عنوانها لأنها لا تقوى على الحركة إلا أنه امتنع عن إجراء الكشف الطبى عليها مما ينفى نيتها نحو هجرها للوظيفة أو عزوفها عنها, كما خلا الإنذار الذى وجهته الإدارة لها من اتصال علمها به أو استلامها له ومن ثم يكون فقد ركنا جوهريا لصحته مخالفا لصحيح حكم القانون. وأضافت المحكمة أن السيدة قدمت لمحافظ كفر الشيخ طلبا ترجته فيه أن يمكنها من العودة لعملها شارحة له أن انقطاعها عن عملها لمدة لم تدم طويلا بسبب ما تعرضت له من تحرش جنسى واختطاف وهتك عرض وهو سبب خارج عن إرادتها وتوسلت إليه فى طلبها لأنها أم تعول طفلين وليس لها دخل آخر إلا أن المحافظ بدلا من القيام بدوره المنوط به قانونا نحو المدعية قام بالتأشير على طلبها بعبارة «اتخاذ اللازم طبقا للقواعد» متخليا عن اتخاذ قرار صريح يكشف عن تصرفه نحو رعاية المرأة التى تعرضت للتحرش الجنسى والاعتداء ومتقاعسا عن أداء دوره الذى رسمه القانون إذ انه وفقا للمادة 26 من قانون الإدارة المحلية فان المحافظ باعتباره ممثلا للسلطة التنفيذية بالمحافظة يكون مسئولا عن الأمن والأخلاق والقيم العامة بالمحافظة بالتعاون مع مدير الأمن فى إطار السياسة العامة التى يضعها وزير الداخلية كما ألزم القانون المحافظ بان يتخذ التدابير اللازمة فى هذا الشأن ,وما من ريب فى أن رعاية هذه السيدة فى ظل ما تعرضت له من تحرش جنسى واعتداء على شرفها هو من أكثر التدابير إجلالا الواجبة عليه, فالدور الحقيقى للمحافظ ليس مجرد مسئول إدارى أو تنفيذى بل يعد مسئولا سياسيا باعتباره رمزا للسلطة فى المدينة عن تخليه عن أداء دوره فى حماية المرآة من التحرش ورعايتها وهى فى أحلك الظروف، وذكرت المحكمة بأنه قد تلاحظ لديها أن أجهزة الدولة ومؤسساتها قد أولت ظاهرة التحرش الجنسى اهتماما بالغا لمجرد أن قام رئيس الدولة بمبادرة كريمة واجبة تجاه مواطنة مصرية إزاء ما تعرضت له من تحرش بشع لمواساتها وشمولها بالحماية النفسية فى موقف جديد نبيل لم بتعوده الشعب من رئيسه بما يحقق اندماجها فى المجتمع دون رواسب سيئة تجعلها ناقمة عليه وذلك هو الواجب على كل مسئول فى الدولة ,فيجب ان تدرك الحكومة أن الشعب المصرى قام بثورتين متتاليتين فى 25 يناير 2011 و 30 يونيه 2013 للقضاء على حكم الفرد الذى كانت تتحرك مؤسسات الدولة فيه بناء على توجيهاته وتعليماته ويجب أن يجد الشعب ثمار كفاحه ليحصد عصر المبادرات والقرارات دونما الاحتماء بتصرفات الرئيس.