تسلل بخفة.. دخل من الباب ولكنه لم يخرج من الشباك.. دخل وتغلغل داخل المنزل وكأنه أحد أفراد الأسرة.. دخل واختباء وعندما وجد الفرصة متاحة له.. خرج ليبدأ فى افتراس فريسته.. كانت الفريسة سهلة جاهزة له.. كان كالذئب الذى ينقض على الفريسة ولا يتركها إلا وقد سلمت له لينهشها.. وكان الذئب هو المرض.. والفريسة هى الطفلة الجميلة الصغيرة.. المدللة التى لم تتجاوز الثلاث سنوات.. جميع أفراد العائلة يحبونها.. يلهون معها.. وكانت أسعد الأوقات للدلوعة الصغيرة عندما يعود الأب من عمله ليدللها ويهدهدها.. وكانت أسعد أوقاته التى يقضيها معها.. يحملها ويخرج بها مع الزوجة وطفلته الثانية إلى شاطئ البحر فهم يسكنون إحدى قرى محافظة ساحلية على شاطئ القناة.. الأب يعمل من أجل الزوجة وطفلتيه اللذين رزقه الله بهما.. يعمل عاملا باليومية دخله محدود وربما معدوم ومع ذلك فهو يفعل ما فى وسعه ليوفر لهم ما يحتاجون إليه.. الأيام تمر والأسرة سعيدة ولكن الطفلة الصغيرة بدأت تبكى كثيرًا وتحول بكائها إلى صرخات والأم والأب يحاولان مداعبتها والضحك معها.. تسكت قليلا ثم تعاود البكاء والأنين وجهها الجميل تحول إلى اللون الأزرق والشفاة بيضاء.. صغيرة هى لا تستطيع التعبير عما يدور داخل جسدها.. وما يؤلمها.. أصبحت لا ترى النوم بعينها طوال الليل.. آهات وأنات وكان الأب يشعر بأن هناك شيئًا ما تعانى منه طفلته الصغيرة الحبيبة.. لم يذهب فى ذلك اليوم إلى العمل وحمل طفلته الصغيرة إلى المستشفى ليعرضها على طبيب الأطفال.. فحصها ووصف لها علاجًا وطلب من الأم أن تحرص على تناول الطفلة العلاج بصفة منتظمة حتى تعود له بعد أسبوع.. ليلة وحيدة هدأت فيها آلام «حنين» واستطاع أهل البيت الراحة والخلود للنوم ولكن سرعان ما عادت الآلام بل ازدادت.. كان بكاءها وصرخها يمزق قلب أبيها وأمها.. كانت الأم تبكى من أجل طفلتها وتحولت حياة الأسرة إلى ليل حالك الظلمة.. نصح الأهل الأم والأب بعرضها على طبيب آخر فقد يجد تشخيصًا لحالتها ويصف لها الدواء الشافى.. وبالفعل لم يبخل الأب على طفلته واستدان من أجلها وذهب بها إلى طبيب وثانٍ وثالث وفى النهاية فحصها أحد الأطباء وطلب عرضها على طبيب متخصص فى أمراض الدم.. وهناك طلب الطبيب تحاليل كثيرة.. كانت حياة الأسرة قد ارتبكت بسبب مرض الطفلة وظهرت نتيجة التحاليل وكانت تحمل الكثير من المصائب إنها مصابة بلوكيميا حادة بالدم بل الأكثر من ذلك أن ضرب السرطان وصلات الحلق وقد أدى ذلك على صعوبة فى بلع الطعام وآلام لا تحتمل عند بلع حتى الماء وعندما أخبرهما الطبيب ذلك لم يستوعبا ما قال حتى أكد لهما أنها سوف تحتاج إلى علاج طويل ويجب أن تخضع لجلسات علاج كيماوى وأشعاعى.. وبدأت رحلة اللا عودة تحملت الأسرة فيها الكثير من المال والجهد والأعصاب.. ولكن كانت رحلة لابد منها.. وطال الوقت بالأسرة أصبحت الأم تعيش بطفلتها المريضة بمستشفى سرطان الأطفال 57357 وتحمل طفلتها الصغرى ذات العامين على كتفها أو تتركها مع الجدة بالقرية والأب يحاول العمل ليوفر مصاريف واحتياجات الأسرة والمرض دخله من العمل بسيط لا يتجاوز 300 جنيه والاحتياجات تفوق هذا المبلغ بكثير.. الجنيهات تطير وتتجز سريعًا.. وقد أصبح غير قادر على أن يوفر لأسرته وطفلته المريضة المسكينة متطلباتهم.. ولم يجد أمامه إلا الاستدانة وفى النهاية أرسلت الأم خطاب تطلب فيه المساعدة فهل من مساعد من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.