تسلل بخفة.. دخل من الباب ولكنه لم يخرج من الشباك.. دخل وتغلغل داخل المنزل وكأنه أحد أفراد الأسرة.. دخل واختباء، وعندما وجد الفرصة متاحة له.. خرج ليبدأ فى افتراس فريسته.. كانت فريسة سهلة جاهزة له.. كان كالذئب الذى ينقض على الفريسة ولا يتركها إلا وقد سلمت له لينهشها.. وكان الذئب هو المرض.. والفريسة هى الطفلة الصغيرة الجميلة.. المدللة آخر العنقود.. جميع أفراد الأسرة يحبونها.. يلهون معها.. وكانت أسعد الأوقات للطفلة الجميلة عندما يعود الأب من عمله ليدللها ويهدهدها.. وكانت أسعد أوقاته التى يقضيها معها.. الأب يعمل من أجل الزوجة وطفليه الاثنين اللذين رزقه الله بهما.. يعمل عاملا باليومية دخله محدود ومع ذلك يفعل ما فى وسعه ليوفر لهم ما يحتاجون إليه.. الأيام تمر والأسرة سعيدة.. ولكن الطفلة الصغيرة بدأت تبكى كثيرا وتحول البكاء إلى صراخ والأم وأخوها الأكبر منها يحاولان مداعبتها والضحك معها.. تسكت قليلا ثم تعاود البكاء والأنين.. وجهها الجميل تحول إلى اللون الأزرق والشفاة بيضاء.. صغيرة لا تستطيع التعبير عما بداخلها وما يؤلمها.. أصبحت لا ترى النوم بعينها طوال الليل.. آهات وأنات وكان الأب يشعر بأن هناك شيئا ما تعانى منه طفلته الصغيرة الحبيبة.. خرج من العمل مبكراً وحمل طفلته إلى طبيب الأطفال الذى وصف لها علاجا وطلب من الأم أن تحرص على تناول الطفلة له بصفة منتظمة حتى تعود له بعد أسبوع.. ليلة وحيدة هدأت فيها آلام الطفلة واستطاع أهل البيت أن يخلدوا للنوم ولكن سرعان ما عادت الآلام بل ازدادت.. كان بكاء الطفلة وصراخها يمزق قلب أبيها وأمها.. كانت الأم تبكى من أجل طفلتها وتحولت حياة الأسرة إلى ليل حالك الظلمة.. نصح الأهل الأم والأب بعرضها على طبيب آخر فقد يجد تشخيصا لحالتها ويصف لها الدواء الشافى.. وبالفعل كان طبيبا وثانيا وثالثا وفى النهاية فحصها أحد الطباء وطلب عرضها على طبيب متخصص فى أمراض الدم.. وهناك طلب الطبيب تحاليل كثيرة.. كانت حياة الأسرة قد ارتبكت بسبب مرض الطفلة وظهرت نتيجة التحاليل وكانت تحمل الكثير من المصائب إنها مصابة بلوكيميا حادة بالدم لم تفهم الأم وارتبك الأب وفسر الطبيب أنها تعانى من سرطان بالدم وستحتاج إلى علاج طويل ويجب أن تخضع لجلسات علاج كيماوى وإشعاعى.. وبدأت رحلة اللاعودة تحملت الأسرة فيها الكثير من المال والجهد والأعصاب.. ولكن كانت رحلة لا بد منها.. وطال الوقت بالأسرة وصل حتى الآن إلى ثلاث سنوات صرفت فيها كل المدخرات البسيطة التى كانت تعتبر السند واضطر الرجل إلى مد اليد فدخله من العمل اليومى بسيط لا يتجاوز ال 350 جنيها ولديه من المصاريف والاحتياجات ما يفوق هذا المبلغ بكثير.. الجنيهات تطير وتتبخر سريعا.. وقد أصبح غير قادر على أن يوفر لأسرته وابنته المريضة المسكينة متطلباتهم.. ولم يجد أمامه إلا الاستدانة ثم فى النهاية أرسل يطلب المساعدة، فهل يجد من يقف بجانبه وجانب ابنته الصغيرة؟ من يرغب يتصل بصفحة مواقف إنسانية.