مجتمع مازال يبحث عن الحرية والتعبير عن الرأى، وسلطة تسعى إلى مجابهة ما تراه انفلاتا فى الشارع يساندها الآن أغلبية كفرت بممارسات تم حسابها على ثورة 25 يناير وثوارها. حق التظاهر والاجتماعات العامة والمواكب كان مكسبًا أصيلًا من مكاسب يناير قبل أن يأتى من يحول هذا الحق إلى فعل إجرامى وسلوك عنيف من الأفراد ضد الممتلكات العامة. وما بين الحقوق فى التعبير والشكوى وقولة «آه» فى وجه الظلم وتنظيم هذا الحق حفاظًا على حقوق الدولة والمواطنين هناك كثير من الجدل يتناوله هذا التحقيق. قانون تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية المعروف ب «قانون التظاهر» صدر بالفعل ويكاد يعرف بنوده ومواده العوام قبل النخب ويناقشونه فى المقاهى كما يناقشونه فى المؤتمرات والمنتديات السياسية والحقوقية. أسعد هيكل المتحدث الرسمى باسم لجنة الحريات بنقابة المحامين قال إنه ضد كافة القوانين المقيدة للحريات سواء قانون منع التظاهر أو غيرها من القوانين القمعية واصفا هذه القوانين بأنها ردة وانتكاسة لمكتسبات ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو وضياع لحقوق الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية التعبير. وأضاف أسعد أن قانون التظاهر لم يجرى عليه أى حوار مجتمعى إنما أتى به الرئيس المؤقت من حيث لا نعلم وأن المظاهرات سترفع شعارا واحد وهو الشعب يريد تحقيق العدالة الاجتماعية من حرية وعيش وعدالة اجتماعية وأنه سوف يقوم بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية بسبب ما حدث من عنف أمام مجلس الشورى وتعدى على المتظاهرين السلمين بالضرب والاعتقال. وأكد أسعد على أن إصدار المزيد من القوانين لن يمنع التظاهر أو التعبير عن الرأى أو الرسم على الحوائط «الجرافيتى» وأبسط مثال على ذلك أن قوانين مبارك لم تمنع شباب ثوره 25 يناير من التظاهر كما لم تستطع القوانين التى وضعها مرسى منع شباب 30 يونيو من الخروج عليه فالذى يمنع التظاهر هو تحقيق العدالة الاجتماعية لهذا الشعب وحتى الآن لم تتخذ الحكومة الحالية أى قرار لتحقيق العدالة الاجتماعية بل تصدر قوانين تقيد وتمنع الحريات وتعامل المتظاهرين بكل وحشية وظلم. وأشار إلى أن كل شخص له الحق فى التعبير عن رأيه ولكن بشكل سلمى سواء كان بالقول أو الكتابة أو الرسم أو التظاهر والإضراب والاعتصام طالما التزم بحدود هذا الحق وآدابه ولم يتطرق إلى العنف أو اتخاذ أى شكل من أشكال الخروج عن القانون والسلمية. وأوضح المتحدث باسم «حريات» المحامين أن صدور أو مناقشة مثل هذه القوانين فى الوقت الحالى هو رد على تجاوزات أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى توجيه السباب والإساءة إلى المؤسسات العسكرية وقيادتها عن طريق كتابة العبارات والرسومات المسيئة على جدران المؤسسات العامة والخاصة بما يتجاوز الحدود والقيم. وأكد أسعد أننا لسنا فى حاجة إلى صدور قوانين جديدة لمنع التظاهر ورسوم الجرافيتى فهناك ما يكفى فى قانون العقوبات للتصدى لتجاوزات بعض الأشخاص الذين يخرجون عن السلمية فى التظاهر أو من يقومون بكتابة العبارات المسيئة على الجدران. وأشار أسعد أنه سيتوجه مع المعنيين بالحقوق والحريات بدعوى إلى مجلس الوزراء والحكومة إلى إجراء حوار مجتمعى بين منظمات المجتمع المدنى والقوى السياسية لمنع مثل هذه القوانين القمعية. وقفة سلمية ومن جانبه رفض الحزب المصرى الديمقراطى قانون التظاهر، قال محمد على نور مساعد أمين الإعلام فى الحزب أن هذا القانون جاء غطاء للقمع واستخدام القوة المفرطة ضد الاحتجاجات مثل ما حدث فى الوقفة الاحتجاجية للمتظاهرين أمام مجلس الشورى للمطالبة بعدم تطبيق الأحكام العسكرية على المدنيين فهذه الوقفة كانت سلمية ولكن الداخلية استخدمت ضدهم القوة المفرطة على الرغم أن الداخلية تعلم بهذه الوقفة منذ أسبوع. وأضاف نور أن هذا القانون يسعى لتجريم أشكال التجمّع السلمى كافة بما فى ذلك التظاهرات والاجتماعات العامة، ويطلق يد الدولة فى تفريق التجمعات السلمية باستخدام القوة، حيث أكد نور أن الحكومة المصرية غير مؤهلة لفض الاعتصامات أو المظاهرات بالسلمية وخير دليل ما حدث فى فض اعتصام رابعة العدوية ومظاهرات مجلس الشورى. وطالب الحزب المصرى الديمقراطى بالتراجع عن هذ القانون الذى يقف بالمرصاد ضد المتظاهرين وضد حرية الرأى ويرى الحزب أن حرية الرأى مكفولة للجميع ولكن دون الخروج عن السلمية. وفى المقابل لا تعترض حركة وعى الثقافية والسياسية على القانون حيث قال محمد ناجى المنسق العام للحركة: لا نرفض القانون ولكن نرفض استغلاله ضد فصيل بعينه وأكدت الحركة أن هذا القانون يساعد على تكميم الأفواه وقمع الحريات وأنه من الخطأ أن يصاغ قانون تفصيلى لمنع فصيل سياسى بعينة من حق التظاهر. وأدانت الحركة ما حصل فى فض مظاهرة نظمها مجموعة من النشطاء السياسيين ضد محاكمة المدنيين عسكرياّ ومطالبة بإلغاء تفعيل قانون التظاهر أمام مجلس الشورى، حيث قامت الشرطة بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب والاعتقال ورشهم بالماء لفض المظاهرة. استنكار وأضاف كريم عبد الراضى المتحدث باسم الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن الشبكة تعرب عن استنكارها لإصرار الحكومة على سحب مساحة التعبير عن الرأى وطمس الحقائق ورفضت القانون واعتبرته ردة لقوانين حسنى مبارك. واستنكرت الشبكة الاعتداء الصارخ الذى ارتكبته وزارة الداخلية ضد حق التظاهر السلمى بقيامها بالاعتداء بالعنف على المظاهرة السلمية التى نظمتها حركة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين أمام مجلس الشورى لرفض المتظاهرين قانون المحاكمة العسكرية للمدنين وفضت المظاهرة بالعنف واستخدام القوة واعتقال ما لا يقل عن 40 ناشط من بينهم صحفيين ووالد الشهيد جيكا للاحتجاج على سماح مسودة الدستور بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، والمظاهرة التى نظمها نشطاء لإحياء ذكرى الشهيد جابر جيكا. وانتقدت أيضا قانون منع الرسم على الجدران الذى قامت وزارة التنمية المحلية بصياغته سرا دون عرض مواده ومحتواه على الرأى العام، مشيرًا إلى أن مثل هذه القوانين التى تمنع التظاهر وتمنع الرسم الجرافيتى تأتى ضمن سلسة من القوانين القمعية والمقيدة للحريات ووصفت الشبكة العقوبة بالعقوبة القاسية بأربع سنوات حبس وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة كبيرة عن من يكتب عبارات على جدران أو يتظهار فى الميادين. واعتبر نشطاء حقوق الإنسان أن الحق فى إبداء الرأى بكل حرية هو من مكتسبات الثورة، محذرًا من المضى قدما فى هذه القوانين التى لن تنجح الحكومة فى تطبيقها. قانون ملاكى! ودفاعا عن حق التظاهر قال أحمد بدوى أحد شباب الثورة أن هذه الأحداث تذكره بنفس الأحداث التى شهدها عصر مبارك من قمع وتقليص للحريات واستبداد قوات الأمن فى التعامل بكل القسوة مع المتظاهرين السلميين الذين يعبرون عن رأيهم عبر المظاهرات التى تعتبر المتنفس الوحيد لهم. وأشار أنه لا يستطيع قانون على وجه الأرض منع المتظاهرين من التظاهر أو الكتابة فكل شخص لديه رسالة وفكرة ولديه أيضا الوسيلة التى يوصل بها الفكرة إما عن طريق التظاهر أو عن طريق الكتابة وأكد بدوى أنه سيظل يتظهار ويرسم على الجدران حتى تتحقق العدالة الاجتماعية ويرجع الحق إلى أصحابه. وأضاف بدوى قائلًا: إن ما حدث من تعدى على شباب الثورة أمام مجلس الشورى وطلعت حرب من عنف وضرب وتمزيق للملابس ومعاملة غير آدمية للمتظاهرين سيزيد من العنف بين الطرفين وأن كل هذه الاعتقالات ستزيد أيضا من كمية التظاهرات فى الفترة القادمة. وقال بدوى حق التظاهر والرسم على الجدران هو حق مكتسب من بعد ثورة 25 يناير فهو يعبر عن رأيه بحرية ويصف هذا القانون بالقانون الملاكى حيث يعتبر صدور مثل هذه القوانين فى هذا الوقت هو شىء مقصود ويستهدف جماعة معينة وليس كل الشعب. 6 أبريل ترفض ومن جهتها رفضت حركة 6 أبريل قانون التظاهر وذلك من خلال بيان صادر عن الحركة، حيث جاء فى مضمونه يرفض شباب 6 أبريل قانون التظاهر سيئ السمعة الذى أصدره رجل القانون فى ظل غياب مؤسسات منتخبة تمثل الشعب بشكل انفرادى وتعسفى برغم كل الاعتراضات من مختلف التوجهات السياسية والمؤسسات الحقوقية. وأضافت حركه 6 أبريل أنه فى الوقت الذى تشتعل فيه مشاكل المواطنين من أسعار ومرور وغاز وإهمال تصر الحكومة على مثل هذه القوانين التى تمنع التظاهر وتفرغ الحق الذى انتزعه المصريون بدماء أبنائها الذكية. وأكدت الحركة أن مثل هذه القوانين لن ترهب الناس وستتصدى بكل قوه لكل من تسول له نفسه بأن يقف ضد حريه الشعب. وسائل أخرى وقال أحمد محمود وهو أحد شباب أولتراس ديفل إسكندرية بأنه يخشى النزول فى المظاهرات لما يحدث فيها من عنف وتعسف لقوات الأمن ولكن يعبر عن رأيه بشكل آخر وهى الكتابة والرسم على الجدران واصفًا الكتابة بأنها ليست شخبطة كما يدعى البعض ولكنها فن يوصل رسالة معينة سواء كانت سياسية أو رياضية. وأضاف أحمد أنه سوف يقوم هو ومجموعته بالاعتراض على قانون التظاهر ولكن بطريقتهم وهى أنهم سوف يصممون «استنسل» كبيرًا مكتوبًا عليه «لا لقانون التظاهر» وسوف يقومون بطبعه على كثير من الجدران حتى ترجع الحكومة عن هذا القرار المستبد، مشيرًا إلى أن الرسم هو الطريقة الوحيدة لتوصيل أفكاره للناس أو الحكومة لأنها أكثر تعبيرا من الكلام وأسرع فى توصيل رسالته. وقال أحمد إنه من أشهر الشوارع التى يرسم بها هو شارع كلية العلوم جامعة الإسكندرية وهو شارع شبيه بشارع محمد محمود، حيث يوجد به سور كبير يقوم هو ومجموعته بالرسم عليه ومن أشهر الرسومات التى قاموا بها هى جدارية كبيرة لذكرى شهداء مذبحة بورسعيد ولكن بعد كل المجهود المبذول فيها سواء المادى أو الجسدى واجهه هو ومجموعته تعسف وقمع من الحكومة حيث نزلت حملات من الحى وقامت بإزلة كل هذه الرسومات. وفى المقابل يرفض أحمد كتابة الألفاظ البذيئة والخادشة للحياء لأنها تسيئ للفن الذى يرسمه فمن يقومون بذلك هم الذين يطبق عليهم القانون أما نحن فيتركونا لنوصل رسالتنا. وقال أحمد إنه فى حالة تعرض أحد من مجموعته للحبس أو الاعتقال فسوف يقفون بجانبه عن طريق الرسم فلا يستطيع أحد إيقافنا عن الرسم. قوانين أكثر شدة وعن مثل هذه القوانين المشابهة لقانون تنظيم المظاهرات كان للدكتور محمد الذهبى أستاذ القانون الدستورى رأى آخر حيث هاجم عدم السلمية فى التظاهرات بالإضافة إلى الرسم والكتابة على الجدران متمنيا تطبيق هذا القانون. وأضاف الذهبى أن هناك قوانين موجودة بالفعل تنظم التظاهرو تجرم الكتابة على الجدران ولكن هذا تشديد للقانون فهناك القانون الذى ينظم الشكل العام للمبانى فهذا القانون يمنع تغير لون وجهة منزل إلا بموافقة الحى فهى أصبحت الآن ملكا للمجتمع فيقوم الحى بتحديد اللون والشكل الذى يتناسب مع المبانى المجاورة. وأضاف الذهبى نحن لا نستطيع أن نطلق على هذه الشخبطة والرسم والشتائم التى تملئ الجدران فن أو حرية فهى ليست لها أى علاقة بالفن واصفا من يرسمون بأنهم مجرمون يشوهون الحوائط بالعبارات المسيئة للدولة والأفراد والمجتمع فهذا الشىء ليس له نظير فى العالم كله الا فى مصر فقط، مشيرًا إلى أن عقوبة السنوات الأربع و100 جنيه غرامة هى حد أقصى وتكون فى حالة الكتابة على الآثار أما الكتابة على الجدران فعقوبتها أقل بكثير. مؤكدًا على أنه رغم وجود الجهاز الفنى للتنسيق الحضارى إلا أنه يوجد تشويه فى جميع أنحاء الجمهورية من مبانى مخالفة وإعلانات عملاقة ويافطات انتخابية وعدم وجود أى تنظيم أو مراعاة للذوق العام. وأضاف الذهبى أنه فى حالة إصرار الشباب على الكتابة والرسم فيكون من خلال التنسيق مع المحافظة والمحليات بتخصيص أجزاء أو جدران يقومون بالكتابة عليها ففى كل البلاد المحترمة الموجودة فى العالم يتوجه الفنانين إلى الدولة وتخصص لهم الأماكن المناسبة، وذكر حائط برلين الذى كان يفصل بين ألمانياالشرقية والغربية ولبنان التى لا يستطيع أحد تغير شكل شباك منزله فيها إلا بموافقة الجهات المختصة حفاظا على الشكل العام.