بينما تقود المعارضة فى بنجلاديش احتجاجات واسعة للمطالبة باستقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة وتشكيل حكومة انتقالية غير حزبية للإشراف على الانتخابات العامة المقررة العام المقبل، يقود تحالف من رجال الدين حملة ضد الخبير الاقتصادى البارز د. محمد يونس الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2006 بدعوى أنه مناهض للإسلام ويسعى إلى نشر المثلية الجنسية. وذكرت وكالة فرانس برس أن التهمة الموجهة إلى الرجل البالغ من العمر 73 عاما تعود إلى إبريل عام 2012 عندما قام بالتوقيع على بيان مشترك مع ثلاثة آخرين من الحاصلين على جائزة نوبل للاحتجاج على اضطهاد المثليين فى أوغندا. ورغم أن البيان لم يلق وقتها اهتماما كبيرا، إلا أن المؤسسة الإسلامية- وهى هيئة دينية حكومية تتبع وزارة الشئون الدينية فى بنجلاديش- انتهزت الفرصة لاستخدام البيان ضد د. محمد يونس وتم تضخيمه من خلال أحاديث عشرات الآلاف من الأئمة التابعين لها، وتم تنظيم مظاهرات للتنديد بمحمد يونس. والمعروف أن المثلية الجنسية فى بنجلاديش جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن مدى الحياة لكن المحاكمات بهذه التهمة نادرة. وفى حديثه لفرانس برس، قال المدير العام للمؤسسة الإسلامية شميم محمد أفضل، إنه من مسئوليته كمسلم وكرئيس للمؤسسة أن يتخذ موقفا ضد الرجل الملقب ب «مصرفى الفقراء»، مشيرا إلى أن بيانه يخالف القرآن والسنة النبوية. ومن جانبه، صرح مولانا منير الزمان ربانى، أحد منظمى الحملة المناهضة ليونس - وهو سكرتير لجنة تساعد فى إدارة المسجد الوطنى فى دكا الذى يتلقى تمويلا من الدولة، كما أنه نائب رئيس حزب سياسى إسلامى متحالف مع الحكومة- بأن «يونس أصبح مرتدا عن الإسلام لمساندته للمثلية الجنسية وعليه أن يعتذر علنا وإلا سنجبره على مغادرة البلاد مثل تسليمة نسرين». وذكرت فرانس برس أن تسليمة نسرين وهى كاتبة بنجلادشية، أجبرت على الفرار من البلاد بعد التنديد بها على غرار ما يجرى مع يونس بسبب إساءة آرائها ورواياتها للإسلام والمسلمين، ولكنها صرحت للوكالة بأنها لا تعتقد أنهم بإمكانهم إجبار يونس على مغادرة البلاد لأنه على عكسها يتمتع بالكثير من الأصدقاء النافذين. وترى فرانس برس أن هذه الحملة الجديدة مدعومة من الدولة وأنها جاءت بعد سنوات من المحاولات لنزع مصداقية يونس وإرثه كرائد فى التمويل المتناهى الصغر والذى اعتمده العالم كأداة للتنمية. واتفقت معها فى الرأى صحيفة «الإندبندنت» البريطانية حيث قالت إن محمد يونس يتعرض لحملة كراهية وإن الحكومة فى بلده بنجلاديش تحاول تدميره. وأوضحت الصحيفة أن الخصومة بين يونس والحكومة بدأت عام 2007 بعد تدخله لفترة وجيزة فى الحياة السياسية خلال الأزمة التى شهدتها بلاده فى ذلك العام حيث كان يتولى السلطة حكومة تسيير أعمال عسكرية وتحدث يونس عن إمكانية إنشاء حزب سياسى خاص به لخوض الانتخابات العامة المنتظرة، وهو ما اعترف حتى بعض حلفائه بأنه كان سوء تقدير كبير منه. ولم يتأسس هذا الحزب على الإطلاق وبعدها بعامين فاز حزب رابطة عوامى فى الانتخابات العامة مما أعاد زعيمته الشيخة حسينة إلى السلطة والتى لم تسامح يونس على ما اعتبرته محاولة من جانبه لعزلها بينما كانت هى تحت الإقامة الجبرية بأمر من الحاكم العسكرى. وبدأت حسينة حملة تستهدف يونس وبنك جرامين، ففى ديسمبر 2010، اتهمته بأنه يتعامل مع البنك كما لو كان ملكية خاصة به وبأنه يمص دماء الفقراء. وبعدها بأشهر نجحت الحكومة، بعد سنوات من المحاولة، فى إزاحة يونس من منصبه كمدير للبنك بحجة أنه تخطى سن التقاعد. وفى سبتمبر الماضى، خضع يونس لتحقيقات بتهمة التهرب الضريبى. ومؤخرا قامت الحكومة بتمرير مشروع قانون يمهد الطريق لسيطرة البنك المركزى على بنك جرامين. ومعروف أن بنك جرامين أو(بنك القرية) أسسه د. محمد يونس فى عام 1983، كأول مصرف فى العالم يمنح قروضا صغيرة للفقراء بدون ضمانات لتمكينهم من إدارة مشروعات صغيرة، واضعا نظاما جديدا للقروض المتناهية الصغر، تم اقتباسه فى أكثر من مائة دولة فى العالم، مما أدى إلى منحه جائزة نوبل للسلام عام 2006 مناصفة مع مؤسسه لجهودهما فى مكافحة الفقر فى العالم وهو ما يحقق السلام الحقيقى.