بسبب التوتر الذى تشهده العلاقات السياسية بين مصر وتركيا الآن بسبب موقف الرئيس رجب طيب أردوغان الداعم لجماعة الإخوان المسلمين وتصريحاته ضد شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب، بدأ البعض يفتح الملفات السوداء للباب العالى والباشا العثمانى، وعلى رأسها المذابح التركية ضد الأرمن، وهو ما يذكرنا بالجالية الأرمينية التى ما تزال تعيش فى مصر، وتشكل جزءا من تاريخ هذا الوطن، كما يذكرنا بطفلة السينما المصرية ذات الأصل الأرمنى فيروز ونيللى ولبلبة وأنوشكا وميمى جمال ورسام الكاريكاتير العظيم صاروخان وغيرهم من المشاهير. وبالتأكيد يعرف الكثيرون «شارع نوبار» القريب من محطة مترو «سعد زغلول»، ولكن ربما ما لا يعرفه الكثيرون أن «نوبار باشا» كان أول رئيس وزراء لمصر عام 1878 وأنه من أصل أرمينى. والأرمن فى مصر لهم تاريخ كبير، ووجودهم فى مصر يعود لمئات السنين، لكنهم ما زالوا يحافظون على هويتهم الأرمينية ويرتبطون بوطنهم الأم «أرمينيا». وللأرمن عادات تميزهم ويحرصون عليها أشد الحرص، منها أنهم لا يستخدمون اللغة العربية للتحدث فيما بينهم، فالأرمينية هى اللغة الأساسية فى مجتمعهم الخاص، كما أنهم لا يتزوجون من خارج الجالية الأرمينية. وبدأ الأرمن يهاجرون بكثافة إلى مصر منذ عام 1915، مع مذابح ارتكبها الأتراك ضدهم فى أرمينيا، وتمثل تلك المذابح - التى يقال إن ضحاياها يقترب من مليون ونصف المليون أرمينى- حتى الآن هاجسا يجعلهم يشعرون دائماً بأنهم معرضون للإبادة، لذلك وضعوا قواعد صارمة فى البلاد التى هاجروا إليها، ومنها أن يكونوا مترابطين ومحافظين على لغتهم وثقافتهم مع استمرار ارتباطهم بوطنهم الأم أرمينيا. ولكن وجود الأرمن فى مصر يرجع إلى قبل هذا بكثير وتحديدا منذ العصر الفاطمى، حيث جاءوا مع «بدر الدين الجمالى» الذى كان نائبا للخليفة فى مصر وكان أرمينيا وجاء معه جيش فيه جنود كثيرون من الأرمن ومعهم عائلاتهم وكان يقدر عددهم بنحو 30 ألف أرمينى، ومع مرور الوقت قل عددهم، ثم بدأ يزيد مرة أخرى مع حكم «محمد على» الذى استعان بالأرمن فى وظائف كثيرة فى الدولة كانت تستوجب معرفة اللغات والتوافق مع النظام الشرقى. ويبلغ عدد الأرمن فى مصر الآن ما يقرب من 10 آلاف نسمة، يتمركزون فى القاهرة بحى مصر الجديدة وفى الإسكندرية فى منطقة الإبراهيمية، وكان للأرمن دور مهم فى الحياة السياسية خلال الربع الأخير من القرن 19، حيث كان هناك 4 وزراء للخارجية المصرية من أصول أرمينية.