تذهب العقيدة اليهودية إلى أن حواء خُلقت من ضلع آدم لتكون أنيسًا له (سفر التكوين). ولكن هناك رؤية يهودية أخرى وردت فى كتب التصوف (القبلاه) تقول إن هناك امرأة أخرى خُلقت من طين وتدعى (ليليت) وهى مساوية تمامًا للرجل، ثم تمردت عليه وعلى علاقتها معه وعلى خلفية هذا الخلاف بدأ الجماع وهو أن يضاجع الرجل أنثاه. ومع أن حواء لعبت دورًا أساسيًا فى معصية الله عندما حرضت آدم على أن يأكل من الشجرة المحرمة، إلا أن موقف الشريعة اليهودية يرتكز أساسًا على المساواة الإنسانية الكاملة بين الرجل والمرأة (سفر التكوين). ويحتوى التلمود على نصوص تؤكد أهمية المرأة فى حياة الرجل والأسرة، وتتحدث عن المرأة بالكثير من العطف والتفهم، فالرجل بدون امرأة يعيش بلا أفراح ولا بركة. كما يقرن التلمود بين المرأة والشخيناه (التجسيد الأنثوى لله حسب العقيدة اليهودية). ولذلك كان الحاخام يقف قبل دخول أمه ويقول (لأقف قبل وصول الشخيناه). وفى المجتمع اليهودى المتزمت (الحريديم) من الصعب رؤية المرأة فى مجتمع الرجال. وهناك الكثير من التعاليم والشرائع التى تحدد دور المرأة. حيث يتم فصل غرف البنات والأولاد فى البيت، وهناك الفصل التام فى قاعات الأفراح بحاجز يمنع الرجال من رؤية النساء ولا يسمح للنساء برؤية الرجال، لأن (الغرائز السيئة) موجودة عند الطرفين. وفى مجتمع الحريريم أيضًا تدير المرأة بعد الزواج كافة الأمور المالية والاجتماعية وتربية الأولاد وفى كثير من الأحيان تكون المعيلة الوحيدة للأسرة، فى حين يقضى الرجل معظم ساعات اليوم فى المعهد الدينى (اليشيقاه) أو مع الأصدقاء، ونادرًا ما تعرف الزوجة مكان تواجد الرجل وتحركاته. وتتلقى الفتاة من الصغر فى مجتمع الحريديم تربية تحثها على طاعة الرجل والزوج دونما أى نقاش أو جدال، وتشدد معظم مراجع الحريديم علىدور المرأة فى مساندة ودعم الرجل الذى خلق بدوره لعبادة الرب وتعلم التوراة. ويوصى الحاخامات فى مجتمع الحريديم بعدم خروج المرأة من البيت، لكن ظروف الحياة والوضع الاقتصادى أجبر الكثير من النساء على الخروج ودخول سوق العمل. وتفضل النساء فى هذه المجتمعات العمل فى التعليم والسكرتارية. وهناك نسبة كبيرة منهن يقمن بإنجاز الأعمال داخل بيوتهن مقابل الأجر. ومؤخرًا بدأت تنتشر فى مجتمع الحريديم ظاهرة النوادى النسائية التى تنظم الدورات واللقاءات التى تتماشى معهن. وهناك من يربط هذا التطور بحركة شاس الشرقية والتى تعتبر أقل تشددًا وانغلاقًا من مجتمعات اليهود الغربيين (الأشكنازيم). ويتميز مجتمع النساء المتدينات بالمساعدة المتبادلة فى الحالات الخاصة مثل المرض والولادة والمناسبات الاجتماعية والعائلية. لكن هناك فصل تام فى المحال التجارية من حيث ساعات الاستقبال، وذلك لمنع أى اختلاط بين الجنسين ولدرجة أنهم طلبوا من أصحاب المحال فى إحدى المدن عدم عرض فساتين النساء لئلا ينظر إليها الرجل ويتذكر جسم المرأة. وكثيرًا ما تجد الرجال فى المجتمع الحريدى يسيرون منخفضى الرأس حتى لا تقع أعينهم على امرأة وحتى لا يقعوا فى تجربة الشهوة حتى مع نسائهم. حيث تفرض عليهم عقيدتهم الحريدية المعاشرة دون وجود الغريزة والجماع دون الشهوة. ومن هناك برز التناقض وجاءت الآراء المختلفة حول الجنس عند الحريديم. ومن هنا أيضًا سمعنا بحكايات عجيبة وغريبة منها على سبيل المثال ملاءة السرير البيضاء المثقوبة التى يعاشر من خلالها الرجل الحريدى زوجته. ويفصل الحريديم فصلًا تامًا بين النساء والرجال إلى درجة أن الرجل لا يخرج مع زوجته من بيتها.وغالبًا ما يسبق الرجل الزوجة إذا ما دعيا لمناسبة معينة. وتبدأ الفتيات فى المجتمع الحريدى مرحلة التعليم بالحضانة فى سن الثالثة، ثم تنتقل إلى ما يسمى ال (حيدر) أى الكُتّاب وهى فى الساسة وهناك تتعلم الفتيات حتى الصف العاشر أو الحادى عشر. وفى هذه المرحلة تبدأ مرحلة التعرف على شريك الحياة عن طريق مؤسسات أو أشخاص يسعون للوساطة أو التوفيق (شيدوخ).