'حملت الأسابيع الأخيرة أجواء سيئة سادت أجزاء من المجتمع الإسرائيلي. ففي منطقة كريات ملاخي رفض الملاك بيع المنازل لمن هم من أصول إثيوبية. و'في أنحاء أخري من إسرائيل' تشدد الحريديم في مطالبتهم بفصل النساء عن الحياة العامة. وفي الكنيست استخدمت إحدي أعضائه 'أناستاسيا ميخائيلي من حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف' سلوكا فظا تجاه زميل لها حين ألقت عليه كوب ماء. 'وزميلها هذا هو غالب مجادلة من أصل عربي وينتمي إلي حزب العمل'. تدل هذه الحوادث علي أن شيئا قبيحا وخطرا قد حدث في دولة إسرائيل.. اليوم وفي توقيت لافت، أي بعد مرور عقدين علي هجرة اليهود الإثيوبيين إلي إسرائيل، يرفض سكان كريات ملاخي قبولهم بينهم بسبب لون بشرتهم.. الأسوأ أن ما يحدث ليس ظاهرة معزولة، وإنما هناك موجة رفض لأبناء اليهود الإثيوبيين في المدارس ورياض الأطفال في مدن أخري مثل بتاح تكفا. ما ذنب هؤلاء إذا كان الله قد خلقهم من لون مختلف عن اليهود الآتين من الولاياتالمتحدة وأوروبا والشرق الأوسط. لماذا ننعت جنديات وجنود من دول الاتحاد السوفييني سابقا بالمافيا الروسية، ولماذا لا نري المساهمة التي يقدمونها للمجتمع الإسرائيلي بمختلف قطاعاته؟ تعرفت إلي جنود من الحريديم 'جنود متدينون' قاموا في الأعوام الأخيرة بخطوة مهمة من أجل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي، وذلك بقبولهم القيام بالخدمة العسكرية.. ولكني لا أقبل الإملاءات التي تفرضها الأطراف المتشددة من الحريديم التي نصبت نفسها تتحدث باسم الله وتطالب بعدم السماح للنساء بالظهور أمام الجنود. إذا أردنا أن نكون في مصاف الدول المتحضرة علينا أن نزيل هذه الأجواء السيئة من بيننا.. لن أسمح لأحد أن يفرض علي الجيش ظواهر تعود إلي عصور الظلام'. انتهت المقتطفات من مقال كتبه إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي ونشرته صحيفة معاريف في 20 يناير الجاري. ●●● 'هل يمكن أن يخفي المطلب الديني إلي النساء بارتداء ملابس وقورة رغبة الرجال في التحكم في أجساد النساء، علي عكس الشائع أن وراءه غرضا دينيا أو أخلاقيا. الشواهد في إسرائيل تؤكد أن الغرض هو الرغبة في التحكم في أجساد النساء أكثر من أي شيء آخر. حدث في الشهر الماضي أن طفلة تدعي ناعمة مارجوليس في الثامنة من عمرها، كانت تسير في أحد شوارع مدينة بيت شميس متجهة إلي مدرستها الدينية عندما خرج عليها متطرفون دينيون، كلهم من الرجال، اعتبروا ملابسها غير لائقة فانهالوا عليها بصقا وتحرشا.. من ناحية أخري تعددت حوادث استخدام العنف في الحافلات العامة لإجبار النساء علي الانتقال إلي مقاعد خلفية مخصصة لهن. حوادث كثيرة من هذا النوع تدور حول مكانة المرأة في المجتمع، وحق المرأة في الظهور والمشاركة في الحياة العامة. إذا سألت يأتيك رد المتشددين الدينيين بأنها دعوة إلي التمسك بأصول الدين، فالمرأة يجب أن ترتدي ما يغطي كل جسمها وأن تختفي عن أنظار الرجال حتي لا تأتيهم أفكار جنسية غير سليمة. بمعني آخر تبدأ القاعدة الدينية 'في المجتمع اليهودي' بأفكار تتعلق بغرائز الرجال الجنسية وتنتهي بأن يفرض الرجال سلطتهم علي أجساد جميع النساء. ومع ذلك، ينص التلمود علي أن المسئولية تقع علي الرجال وليس النساء، إنها مسئوليتك أيها الرجل. بينما يقول المتشددون اليهود إنهم بحملتهم هذه يؤكدون تشريفهم للمرأة، يقولون.. نساؤنا أكثر من مجرد أجساد، ولذلك يجب تغطية هذه الأجساد تغطية كاملة. في الحقيقة، عندما يقول اليهود المتشددون إن جسد المرأة يجب أن يختفي عن الأنظار، فهم يقولون في الواقع إن المرأة.. شيء يثير غرائز الرجل. لذلك فإن واجب المتشدد أن يراقب كل امرأة ليتأكد من أن طرفا من جسدها غير مكشوف. المرأة في نظر هؤلاء ليست شخصا كاملا، إنما هي دائما حافز محتمل لارتكاب الخطيئة. إن المتشدد اليهودي الذي يشغل باله بما ترتديه طفلة عمرها 8 سنوات يخطئ في حقها لأنه يفكر فيها كما يفكر في عاهرة أو زانية، إنه ظلم بيّن للطفلة البريئة بل لكل أطفال المجتمع. يتعامل معها بمنطق أن الضحية مسئولة وليس الجاني.. إنها في الحقيقة مسئولية الرجل الذي لا يقدر علي تحويل سيل أفكاره بعيدا عن المرأة.. الحل في نظر هذا الرجل هو أن تختفي المرأة.. لا تظهر أمامه. الحل أن تبذل المرأة جهدها لتحمي الرجل من أفكاره، الحل أن تلغي أنثويتها في وجوده. يحدث هذا باسم التلمود وقوانين اليهود. والتلمود ليس بريئا تماما، فالرجل حسب التلمود لا يحق له أن يحملق جنسيا في المرأة، بل لا يحق له أن تقع عينه علي أصغر أصابعها. لا يحق للرجل أن يري أي رداء نسائي ذي لون فاقع، حتي لو كان الرداء معلقا ليجف'. انتهت المقتطفات من مقال كتبه دوف لينزر في صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر يوم 19 يناير الحالي. نقلا عن الشروق