بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الجمعة 11 أكتوبر 2024 (تحديث)    حديد عز يرتفع من جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    باركليز: استهداف إسرائيل للنفط الإيراني سيرفع الأسعار    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    ارتفاع حصيلة قتلى إعصار "ميلتون" في ولاية فلوريدا إلى 14 شخصا (صور)    أوباما يواجه مجتمع «السود» وتخوفهم من انتخاب سيدة    وفاة صحفية أوكرانية محتجزة في روسيا    أبرز مباريات اليوم الجمعة في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025    الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للسلام في أوسلو اليوم    أخبار مصر: استقالة غامضة لرئيس شركة السكر، عدد السودانيين المغادرين مصر يوميا، توقع بموجة غلاء جديدة، خطة بايدن ونتنياهو لضرب إيران    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينتي يطا وقلقيلية بالضفة الغربية المحتلة    تعرف على سعر الريال السعودي اليوم في البنوك    بعد ساعات من دفنه، وفاة أُم حزنًا على ابنها شهيد لقمة العيش بالإسماعيلية    ننشر أسعار الذهب اليوم الجمعة 11 أكتوبر    إشادة برلمانية وارتياح شعبي بزيارة رئيس الوزراء للأقصر    «قرأوا الفاتحة في قعدة التعارف».. معلومات عن زوج مريم الخشت    نيبينزيا يتهم الولايات المتحدة بالتغاضي عن الجرائم الإسرائيلية    دعاء يوم الجمعة مكتوب.. اغتنم ساعة الاستجابة بأفضل الأدعية لليوم المبارك وما ورد عن الرسول    انتشال جثة سائق لودر سقطت عليه صخور جبلية أثناء عمله في قنا    فلسطين.. إصابات جراء قصف طائرات الاحتلال منزلًا في جباليا شمال قطاع غزة    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة    اليوم.. الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا بالمحافظات    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون»    حبس المتهمين بسرقة المساكن بالشروق    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    علي جمعة يكشف شروط الصلاة على النبي    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    لدينا «صلاح ومرموش».. ربيع ياسين: «المنتخبات الموجودة بتترعب من منتخب مصر»    محمد رشوان: ذكر اسم بنتايك في أزمة المنشطات دون دليل يندرج تحت بند السب والقذف    أحمد السجيني: تعديلات في قانون البناء لحل مشكلة الإحلال والتجديد    نهى عابدين: أنا تركيبة صعبة ومش سهل أي حد يتعامل معايا وثقتي في الآخرين صفر (فيديو)    جزر فاروه تفرط في الفوز على أرمينيا    الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    عاجل - هجوم إسرائيل على إيران.. خطة بايدن ونتنياهو لضرب طهران (تفاصيل)    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    هاشتاج دار الأوبرا المصرية يتصدر منصة X قبل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    خذ قسطا من الراحة.. برج الجدي حظك اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    وفاة سيدة حزنًا على ابنها بعد 24 ساعة من دفنه في الإسماعيلية    القبض على معلمة تشاجرت مع طالبات داخل إحدى المدارس بحلوان    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    صاعقة في ويمبلي.. اليونان تهزم إنجلترا في الوقت القاتل    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    لو بتعاني منه في بيتك.. 5 طرق للتخلص من بق الفراش    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    هشام حنفي: عرضت الجزيري على الأهلي واترفض    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    وكيل بنتايك: لا نفهم سر الحملة الدائرة حول تعاطي اللاعب للمنشطات.. وسنتخذ الإجراءات القانونية    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعليكم السلام والرحمة يا محمود
نشر في أكتوبر يوم 05 - 05 - 2013

أتصور أن أى استطلاع سريع لرأى شباب الصحفيين عن سقف طموحاتهم المهنية.. سيأتى كالآتى: أن تكون له مصادر وعلاقات محمد حسنين هيكل، تأثير مصطفى وعلى أمين، شهرة محمد التابعى، مرتب إبراهيم نافع، مصداقية أحمد بهاء الدين، سمعة سلامة أحمد سلامة، انتشار أنيس منصور، جدعنة محمود السعدنى، صداقات كامل الشناوى، ودماثة سعيد سنبل، شجاعة محمد السيد سعيد.. ولكن مفاجأة الاستطلاع ستكون إنه من الممكن أن تستغنى وتستعيض عن كل ما سبق، بطموح واحد ووحيد، وهو أن يكون له تنوع وقدرة ورؤية وقلم محمود عوض.حدث ثقافى وصحفى بالغ الأهمية، تم منذ ما يزيد على الشهر بصدور جديد للكتاب المبهر «السلام عليكم» للراحل العظيم والكاتب الفذ محمود عوض عن مؤسسة دار المعارف، والذى مر على صدوره الأول ما يقرب من ثلاثين عامًا، فقد انتهى محمود عوض من كتابته عام 1979، تعليقًا من جانبه على مفاجأة الرئيس أنور السادات بزيارة إسرائيل عام 1977، ولم ينشر إلا عام 1983،فى أجواء تعتيم شديدة قد تكون وقتها مفهومة ومبررة، لكنها الآن غير مقبولة ولا مسموح بها.. ومن هنا لا أفهم استمرار هذا الصمت والتجاهل. هذا الكتاب يعتبر بحق واحدًا من الكتب التى يجب ألا تخلو مكتبة أى بيت من بيوتنا العربية، ليس فقط من أجل القراءة ولكن لدراسته واستيعابه وفهم مغزاه ورسالته.
وقبل محاولة الاقتراب من محتوى «وعليكم السلام» الذى يزيد على خمسمائة صفحة، نشير أولًا إلى ملكة إضافية يتمتع بها محمود عوض كواحد من أرشق وألمع من قدم أسماء واختار عناوين لكتبه ومؤلفاته، وتأمل من قبيل هذه الأسماء التى حملت عناوين ممنوعة من التداول أفكار ضد الرصاص، من وجع القلب، بالعربى الجريح، اليوم السابع، سياحة غرامية، متمردون لوجه الله.. وأيضًا وعليكم السلام، الذى كان يرد فيه على الرئيس أنور السادات الذى بدأ حديثه أمام الكنيست الإسرائيلى بقوله «السلام عليكم».
والظن بأننى سأعلق على هذا الكتاب، الذى يمثل بما يحتويه من أقوال ومواقف ووثائق لطرفى الصراع، أهم وأخطر الكتب التى تناولت جذور وبدايات هذا الصراع العربى الإسرائيلى رؤية وتحليلًا، أمر غير وارد على الإطلاق.. لكنى فقط سأقرأ معكم بعض الفقرات التى تؤكد عمق وتفرد هذا الكتاب الفذ.
وأبدأها بهذه الزيارة التى قام بها المليونير اليهودى موسى حاييم مونتفيور، صهر روتشيلد وزعيم الأقلية اليهودية فى إنجلترا، إلى فلسطين سنة 1839، وكيف خطرت فى باله فى التو فكرة مدهشة وهى أن مصر مرغمة بالتأكيد على الانسحاب من فلسطين والشام بأكمله سريعًا وبتكاليف فادحة،إذ إن الضغوط تحاصرها من كل جانب، فلماذا لا يتم التلويح لها بثغرة جانبية لتخفيض تلك الضغوط، ماليًا وسياسيًا، وطالما مصر منسحبة من فلسطين فى نهاية المطاف فالمعقول أنها لن تهتم كثيرًا بما يجرى لفلسطين بعد ذلك، لماذا إذن لا تجرى محاولة لتوريط مصر فى المشروع اليهودى فى هذه الربع ساعة الأخيرة.. كانت تلك هى الفكرة المدهشة، وسرعان ما قرر مونتفيور تنفيذها بسرعة، لقد اتجه بحرًا على الفور إلى الإسكندرية.. حيث طلب مقابلة الباشا محمد على والى مصر، إذ الظروف التى تمر بها مصر دقيقة على المسرح الدولى.. ومن ثم فإنها تجعل الناس، هذا النوع من الناس، أكثر شجاعة وجرأة.. ومن الأصل كان محمد على يقابل أعدادًا كبيرة من الأجانب الوافدين على مصر، وبرغم معرفته مقدمًا بأن النسبة الكبرى منهم هم مجرد أفاقين ومحتالين إلا أننى لا استطيع أن اكتشف الجوهرة الحقيقية الوحيدة بينهم دون تجريبهم جميعًا.. هكذا وافق محمد على على استقبال هذا المليونير الإنجليزى القادم إليه بمشروع استثمار مدهش يمكن أن يدر على مصر ملايين الجنيهات، فى هذه اللحظة الحاسمة التى تعبىء فيها مصر كل مواردها من أجل المواجهة الحاسمة الوشيكة على أرض الشام إنه مشروع استثمار ضخم يا معالى الباشا سوف يدر عليك الملايين، فوق ذلك سوف يحقق لك بركات الرب ورضاه. هكذا بدأت المقابلة فى 13 يوليو عام 1839، بغير أن يعرف محمد على أن هذا المليونير الإنجليزى هو أيضًا زعيم الأقلية اليهودية فى إنجلترا. وبدأ الباشا يستمع إلى مشروع الاستثمار المهم إننا نفكر فى تأسيس شركة استثمار إنجليزية فى لندن مهمتها تشجيع عودة اليهود إلى فلسطين للإقامة فيها.. ولهذا الغرض فإن مثل هذه الشركة تحتاج إلى استئجار منطقة فى الخليل شمال فلسطين لمدة خمسين سنة، وتلك المنطقة عاينتها بنفس وهى تشمل ما بين مائة إلى مائتين من القرى الفلسطينية، وبالطبع سوف تسدد الشركة إلى معاليك باعتبارك والى مصر التى تحكم فسطين، ضريبة استثمار عن هذه الأراضى التى سنستغلها لمصلحتنا ومصلحتك ومصلحة أهالى المنطقة أنفسهم الذين سيعمهم الخير الوفير، فضلًا عن أن اليهود سوف يدعون لك فى صلواتهم بأن يجعلك الله زعيمًا مباركًا للشرق كله. استمع محمد على حتى النهاية إلى هذا (المحسن) اليهودى المليونير القادم من لندن والمتحمس للأعمال الخيرية، ألا يحوز أن يدخل محمد على التاريخ من أوسع أبوابه، لو أنه كتب على يديه أن يكون فاتح فلسطين أمام الإستعمار اليهودى المسكين، إنهم سياتون له بالمال وبأحدث ما فى العصر من تكنولوجيا، فلماذا لا يوافق.. لكن لم يكن محمد على بالبلاهة التى تصورها فيه المليونير اليهودى المتحمس للأعمال الخيرية، وكان الجواب الفورى القاطع من محمد على الرفض جملة وتفصيلًا، وهكذا عاد المليونير بخفى حنين.
أما فى هذه الفقرة، فلأنها طويلة جدا بحجم فصل كامل، وتمتلىء بتفاصيل شديدة الخطورة، سأقوم فقط بالتركيز على جمل محددة فيها.. وظيفة إسرائيل كدولة فى المنطقة إنها قدمت نفسها باعتبارها حصنًا متقدمًا للمصالح الغربية بريطانيا أولًا ثم وفرنسا ثم أمريكا أخيرًا، وسط منطقة معادية للغرب..ومن البداية كانت الحركة الصهيونية تحاول اختراق مصر من أعلى، تحاول بأى ثمن التسلل إلى الزعامات المؤثرة فى مصر، وتلجأ الحركة الصهيونية إلى نمط بالذات من بين المثقفين المصريين تارة باسم التحرر وتارة باسم التفتح وتارة باسم الليبرالية وتارة باسم الروح الأكاديمية ولقد كانت الإعلانات لاستعمار فلسطين تنتشر فى الصحف الصيهونية الكثيرة والمنتشرة لمصر علنًا وصراحة وتحت عيون السلطات المصرية، وناشروها يطلبون الاتصال بهم فى مكاتبهم التى تعمل علنًا فى القاهرة أو الإسكندرية أو بورسعيد بهدف واحد هو استعمار فلسطين.. وفجأة تشكلت فى فلسطين جمعية أطلقت على نفسها اسم الجمعيات الإسلامية الوطنية لكى تعادى الحركة الوطنية الفلسطينية بأسماء فلسطينية، جمعيات سوف يثبت بعد سنين طويلة، بل بعد قيام دولة إسرائيل نفسها، أن الذى أسس تلك الجمعيات متخفيًا هو كلفرسكى الصهيونى الشهير.. تبنى النفوذ الصهيونى أحيانًا صحفًا تصدر فى القاهرة، مثل جريدة المقطم القاهرية، ودائمًا هى المقطم، التى صدرت سنة 1889، وظلت منذ صدورها تشجع على الاستعمار الصهيونى فى فلسطين والتى سجلت وطالبت وكتبت بعدم جلاء بريطانيا عن مصر، وقد أوفدت المقطم سنة 1931 مندوبًا لها إلى فلسطين فى زيارة استغرقت عشرة أيام زار خلالها المستعمرات الصهيونية، والذى أظهر اعجابًا وانبهارًا بالعمل الصهيونى فى فلسطين، وقد كان هذا المندوب هو كريم ثابت، المستشار الصحفى والإعلامى وأقرب شخص إلى الملك فاروق والذى وصفه أحمد بهاء الدين بأنه صحفى أفاق من النوع الذى يحتاج إليه دائمًا كل حاكم فاسد، يحيط نفسه بحاشية شرهة ومرتشية، وكريم صحفى بالوراثة، اشتهر بأنه نشأ فى دار المقطم التى كانت لسان حال دار الحماية والمندوب السامى البريطانى، واشتهر بعبقريته فى الكتابة عن الموضوعات التافهة، وكانت غزواته الصحفية الخالدة أن يعرف أصناف الأكل التى يحبها ملك إيطاليا ونوع السجائر التى يدخنها ملك الأفعان، يزرع الأرض جريًا وراء معرفة أمزجة الملوك وهواياتهم، وبدأ نشاطه العلنى بإصدار كتاب عن الملك فاروق.
قصة الاتصالات السرية بين إسرائيل وديوان الملك فاروق تكشف بوضوح الأسلوب الإسرائيلى فى التسلل إلى أصحاب مراكز السلطة والنفوذ فى العالم العربى، وتركز اتصالاتها على نمط خاص من السياسيين فى الجانب العربى، فإسرائيل لم تجرؤ مطلقا على محاولة طرح شروطها - مجرد المحاولة - على سياسيين يتمتعون بجذور شعبية ويدركون مسئوليتهم عن مصالح مصر وأمتها، ابتداء من حزب الوفد ومصطفى النحاس إلى ثورة 23 يوليو وجمال عبد الناصر، ولكن إسرائيل فعلت ذلك دائمًا مع كل الذين توسمت فيهم ارتباطًا سابقًا أو لاحقا فى المصالح، أو انعزالًا عن التيار الشعبى أو عدم دراية بجوهر الصراع العربى الإسرائيلى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.